مصر علّمت العالم
2013-03-01
هل نحن «جوقة العميان»، كما قال نزار قبّانى، فلا نرى هَول ثقافة أجدادنا الفراعين وتحضّرهم؟! ما بال العالم يرى ما لا نرى؟ ويُقدّر ويُجلُّ ما نُهين؟ أم تُرانا نطبّقُ تحذير الإغريقى سيمونيدس: «هزمناهم، ليس حين غزَوناهم، بل حين أنسيناهم تاريخَهم»؟ هل نسينا تاريخَنا، أم أنستنا إياه يدٌ خاملةٌ كسولٌ تروم لنا التخلّف والتبعية غيرةً، لأن أجداد تلك اليد كانوا يركضون فى الأحراش وراء الفريسة، وقتَ كان أجدادنا يبنون المجدَ والخُلْدَ؟
يمنحنا عالِمُ المصريات، والطبيبُ المثقف د. وسيم السيسى، فى كتابه المُلهِم: «مصرُ علّمتِ العالَم»، أوراقاً غزيرة، من أوراق الغار، نُزيّن بها هاماتنا. كلُّ ورقة، من أوراق الكتاب الثرى، تجعلنا نتيهُ خُيلاءً وفرحاً أننا أحفادُ أولئك الذين كتبوا السطرَ الأول فى كتاب التاريخ، فانحنى العالمُ احتراماً، ثم راح ينهل من إرثنا الرفيع، ذلك الذى نحاول، نحن، أن نهدمه!
ينهج السيسى عبر كتابه الصادر عن «المصرية اللبنانية» فيما يناهز المائتى صفحة، نهج الدراما المسرحية، التى تبدأ بمؤتمر حول «الهوية والانتماء»، عُقد تحت شجرة صفصاف بحديقة مصر الفرعونية، حضرته نخبةٌ من المؤرخين وعلماء المصريات. يُعلّمنا السيسى كيف نبتت بذرةُ الإيمان بالله الواحد فى مصر الفرعونية قبل نزول الرسالات السماوية بآلاف السنين، وكيف نبتت وأوْرقت بذرة الصناعة والحضارة والفلسفة الأوروبية كذلك فى مصر، التى صدرتها إلى اليونان، ومنها إلى الرومان، ومنها إلى علماء المسلمين فى عصر التنوير الأوحد، العباسى، بعد حركات الترجمة، ومنها إلى أوروبا، فارتقت أوروبا، وهبطنا نحن، حين قطّعنا جذورنا العريقة المثقفة. وبهذا نعرف أن فجر الضمير الإنسانى لم يبزغ إلا من أرضنا الطيبة، مصر، التى نُهينها الآن، بعدما كرّمت البشرية بمنحها صكّ التحضر!
نعلم أن المتوفى من أجدادنا ما كان يمرّ إلى الفردوس إلا بعدما يقرّ فى المحكمة الأوزورية قائلا: «لم أقتل، لم أسرقْ، لم أشتهِ زوجة جارى، لم أكذب، لم أشهد زوراً، لم أغش فى ميزان، لم ألوّث ماء النهر، لم أكفر، لم أرتكب خطيئة، لم أتسبب فى بكاء أحد، لم أشِ بأحد، كنتُ عيناً للأعمى، ويداً للمشلول، وقدماً للكسيح، وأباً لليتيم، قلبى نقى، ويداى طاهرتان».
أولئك أجدادنا، وتلك أخلاقهم. عرفوا الفضيلة والترقّى مثلما عرفوا علوم الطب والفلك والهندسة والرياضيات والعمارة والفيزياء، مثلما عرفوا فنون الكتابة والنحت والموسيقى والتشكيل والشعر. فمتى نغدو «سلفيين»، بأن نقلّد سلفنا المصرى الصالحَ فى الخُلق وفى العقل وفى العلم وفى التنوير؟
أحلم بأن يُقرّر هذا الكتابُ العظيم الملهِم على طلاب المدارس، لنُخرّج أجيالاً مثقفة جديرة باسم مصر.
[email protected]
المصري اليوم
08-أيار-2021
07-تشرين الأول-2017 | |
20-تموز-2014 | |
28-حزيران-2014 | |
18-حزيران-2014 | |
11-حزيران-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |