المشروع الأبيض ـ 2 ـ الفكرة تتطور والمشاركون يزدادون حماساً
2007-07-22
تنشر التعاون والتزامن مع جريدة الأسبوع الأدبي
المزيد من الأصوات ترفض الرقابة السورية على الكتاب وتطالب بتغيير آلياتها !!
كان لنشرالجزء الأول من المشروع الأبيض ، وقع أكبر، وأكثر تأثيراً مما خمّن له المتشائمون، أما المتفائلون، ونحن منهم، فلم يخب ظنهم، إذ كان من البديهي أن يعترض كتاب سورية ومثقفوها على الشكل القائم للرقابة، ولم يستطع حتى المستفيدون من الإبقاء على جسم الرقابة المتكلف المتقشر الحالي، لم يستطيعوا كبت بهجتهم بجرأة المناقشات التي جرت في الحلقة الماضية...هذه حقيقة، وما حصل هو أن نوعين من ردود الفعل تولّدا ، الأول، رد فعل مضطرب وخائف، تحسّب كثيراً للمشاركة في الملف واعتبر أن مجرد ذكر اسمه فيه، هو نوع من الانتحار، والفعل غير مضمون النتائج...لن نذكر أسماء هؤلاء...
بعضهم تأخر في الرد بحجج كثيرة...وبعضهم طلباً وقتاً للتفكير.. وبعضهم اعتبر أن من تحدثوا في الحلقة الأولى يقولون ما لا يفعلون! رد الفعل الآخر وهو ما يسمى بالاخبار الطيبة.. فقد تحمّس كثيراً وطالب بأن نزيد من حرارة النقاش وبإطالة الجدل والحوار للوصول إلى ما نطمح إليه، وسارع إلى المشاركة سواء عبرالبريد الإليكتروني أو الحوار المباشر..وأكثر أشكال الاستجابة حميمية هي استجابة الدكتور طيب تيزيني الذي قدّم مداخلته ـ هاتفياً ـ وبحماس وتفاؤل بما يسمع، وكذلك، بلهفة وسرعة كريمتين..سماحة مفتي الجمهورية الدكتور أحمد بدر الدين حسون حين حاولنا الاتصال به، تحدث إلينا من أوسلو وطلب أن نحجز له مكاناً في المشروع.. وهو يمثل أعلى جهة تشريعية دينية رسمية، لها كلمتها أيضاً في ملف الرقابة..خاصة حين يدور الحديث عن الممنوعات ـ المحرمات أو المحاظير الدينية التي تنشر في كتاب.. رئيس رابطة علماء بلاد الشام الدكتور وهبة الزحيلي، كذلك قدّم رأياَ مميزاً يشير وبوضوح إلى مؤشرات العقل الديني التي هي ، ربما تكون، أكثر انفتاحاً مما يظن كثيرون!!
الدستور ..سيد الحاكمين و... المراقبين
لدينا اليوم أصوات جديدة، واقتراحات من نوع آخر، وتحليل مختلف للآلية الهدف ـ الرقابة، ولم يكن لدينا تحفظ على استشارة خبراء إعلاميين من غير السوريين ...
مانويلا رومير ـ إعلامية ألمانية ـ خبيرة في الـ ASBU :
لا أعرف الكثيرعن الرقابة في سورية، أسمع من أصدقائي من الكتاب معاناتهمواضطرارهم إلى اللجوء إلى دور النشر اللبنانية وغيرها، وحتى سمعت أن بعضهم يلجأ إلى دور نشر سورية ولكن لها مكاتب في الخارج لطباعة أعمالهم التي لا تحصل على موافقة من الرقابة، حضرت مؤتمراً حظر فيه توزيع كتاب يناقش في فعاليات المؤتمر ذاته، كان الكتاب(فلينزع الحجاب) وقد تعرض المسؤول عن الموضوع لمشاكل مختلفة.
في ألمانيا لا توجد رقابة قبل الطباعة، ولكن أي شيء يتم نشره ويحتوي على أفكار مضادة للمجتمع مثل حقوق الطفل وحقوق الإنسان بشكل عام..يتم الاعتراض عليه من قبل الأشخاص المهتمين بالأمر...أقول إن الامر صعب، لأن الحدود بين الحرية واحترام عقائد ومحاظير الآخرين حدودٌ غير واضحة تماماً ...ليس لدينا في ألمانيا ما يسمى(رقابة) ومن لا يعجبه بعض ما ينشر في الكتب يمكنه أن يلجأ إلى المحكمة أو إلى البرلمان..هناك في وزارة الداخلية لجنة تعمل على حماية الدستور اسمها (VERFASSUNGSSCHNTE) وكل سنة تقدم تقريراً يحتوي على بعض الملاحظات حول الكتب وغيرها..وترصد ما يعارض الدستور..وإن شاء الله لن يكون هناك ما هو غير عادل في الدساتير..
ـ كيف ترين، كخبيرة، حل مشكلة الرقابة عملياً مع المحافظة على آفاق العمل في الكتابة والنشر؟
أفكر في التالي ..إذا كان لديكم مثل ألمانيا ..نظام للنشر يسمح بإصدار الكتب، دون أن تتعرض للمراقبة قبل الطباعة ..ثم بعد ذلك لو رأى أحد ما لا يناسبه وما يتنافى مع القوانين يمكنه أن يتقدم إلى جهة عليا تنظر في الموضوع..لا يمكن أن يحدث هذا بين اليوم وغداً..يجب أن يكون واضحاً ما هو الممكن نشره..وما هو الذي لا يمكن أن ينشر في كتاب..ليس فقط ما يعتبر ضد الدولة أو الدين وغيرها من الممنوعات ..أحياناً يوجد مسؤول ما لا يفضل أن يرى موضوعاً ما في كتاب ...وهكذا ..أنت تعرف ما يقولونه عن حساسية موضوع الهولوكوست في أوروبا ..ومع ذلك فإن الكتب تتحدث بحرية وأحياناً تنفي وجود الهولوكوست من أساسها ..يمكن لليهود أن يذهبوا إلى البرلمان ويحتجوا على ذلك ..لا أحد يمنعهم ..ولكن الكتب تنشر.
نصف التفاحة لأبنائنا والنصف الثاني للـ...رقيب!!
ما يجعل الامر مؤلماً هو أن نفقد قسماً كبيراً من معارفنا، بوضعها بين يدي الرقيب، لأنه سيقضم ما يطيب له قضمه، ويترك للقراء ولمن سيرثهم، ما رضيت عنه ثقافته وذائقته، مما يزيد الامور تعقيداً، أكثر من تعقيدها أمام الاجيال التي تتلقى وسط هذا الضجيج..
محمد خير الجمالي ـ إعلامي ـ مدير تحرير الثورة سابقا:
قد تكون أحد الذين راقبوا وروقبوا كثيراً..لا أعرف موقفك الآن ولكن، هل تعمل الرقابة برأيك بشكل صحيح؟
المشكلة في الرقابة، أنها تقنن الفكر، وتحذف كثيراً من الحقائق العلمية والتاريخية والسياسية والاجتماعية، فضلاً عن كونها تخضع لمدى ثقافة الرقيب وجرأته، فإن كانت ثقافته ضحلة تراه يشدد من الرقابة، مما يسيء إلى جوهر الفكر وحرية التعبير، إضافة إلى تزويد الجيل بحقائق مشوهة أو معلومات غير مكتملة عن موضوع الكتاب! لذلك اراني غير متفق مع الرقابة، بشكلها الحالي.
ـ وماذا تقترح ما دمت غير متفق مع الشكل الحالي للرقابة؟
لكي أوضح ما قصدت إليه، أقول بأن الرقابة يجب أن تكون على الرأي الذي يخدش الذوق العام، ولا يتفق معالاخلاق والقيم الأصيلة في مجتمعنا العربي ..وذلك يكون بعد وضع الكتاب في شكل مخطوط، ومن ثم يعرض على لجنة مختصة ولا يخضع لرأي فردي، فإن كان الكتاب حول التاريخ مثلاً، يجب الا يراقب إلا من قبل لجنة مختصة ومشهود لها بأمانتها العلمية، فيما يتعلق بكتابة التاريخ، وليس بالشكل الذي ترغب به السياسة، لأننا شوهنا تاريخنا كثيراً بصراحة، مما حرم الأجيال من حقها في معرفته على حقيقته.
(ننصح بقراءته) ..الجملة الحلم في سوريا!!
في العالم يحتفلون بالكتاب، لاعتبارت أكثر بقليل من كونه سلعة ـ ولكن ما الضير في ذلك!!ـ ويقيمون له حفلات توقيع، ويرصدون حركته، ويعلنون عنه في كل مكان، عندنا يحظر الإعلان عن كتاب جديد ـ إلا إذا كان الكتاب مدعوماً بشكل ما!! ـ ويشغلون ماكينات الملاحقة، لترصد، ولكن هذه المرة، مخالفات الكتاب، ومخاطره..لعل الفارق واضح!
الأرقم الزعبي ـ باحث:
هناك مرونة كبيرة الآن عن المرحلة السابقة، ومساحة تسمح بحريّة أكبر، طالما أحسنّا التقدير والظن، وعند الحديث عن الرقابة يحق لنا الإشارة إلى النقاط التالية: الرقابة على كتاب، تنبع من الكاتب أصلاً، وكل كاتب يعتقد أنه يقدّم أفضل ما عنده..أفضل قصيدة ..أفضل بحث ..إلخ، وهو معجب بما كتب، وأي ملاحظة حول ما يكتب، من أي جهة تعدّ هجوماً على حرية الكاتب، وتقزيماً لها، مهما كانت مرجعية هذه الجهة وقداستها!! لذا أرى أننا في زمن تصح فيه العبارة (ممارسة العلنية في السرية والسرية في العلنية)!.
وأسوة بالدول التي همّشت الراقبة، إلى حد اليباس والموت، نرى تفعيل الهيئة العامة للكتاب التي أحدثت، ولم تفعّل إلى الآن..وكأنها لم تصدر لها قوانين ناظمة، ونرى أن الدور الأساس الذي يجب أن تلعبه الهيئة، ليس مراقبة وإجازة المسموح والممنوع، بل منح أي كتاب يعرض عليها سماحية النشر والطباعة، مذيّلاً بعبارة (ينصح بقراءته) كون هذه الجهة المفروض بها أن تكون جهة فنيّة، ناصحة للقارئ وليس للكاتب !
أقول ذلك لنستفيد من تجربة الجمعية الفرنسية للكتاب التي هي لجنة اختيارية، وليست إلزامية، يتقدّم إليها الكاتب بكتابه، من أجل قراءته وتزويد القارئ بنصائح تزيد من إقبال الجمهور على الكتاب وأيضاً لـ(حماية وقت القارئ).
الدكتور نذير العظمة ـ شاعر وباحث:
أعتقد أن التركيز على إلغاء الرقابة على الكتاب سيعطي مساحة حرية واسعة، وضرورية للبحث العلمي والحضاري ، ويجب أ، نرفع الرقابة عن الكتاب بأسرع وقت..في الكتاب توجد مسؤولية..المؤلف يمارس مسؤولية في الكتاب ربما لا توجد في المقال أو البحث الجزئي...ويمكن أن نرى رداً على كتابٍ ما بكتاب آخر وأن تصادر الحرية ف يالكتاب يعني أن تخرّب هذه العلاقة القائمة بين أشكال التفاعل العلمي ...ولا شك أننا في العالم الثالث، قد تعودنا على الرقابة..بحيث أصبحت من الممارسات المؤسسة في حياتنا الفكرية، أقترح أن تعطى مساحة أوسع لإجازة الكتب من جهة، وأن تعطى حرية للكتاب من جهة أخرى بعد طباعته حتى إذا احتجّ أحدٌ على الفكر الوارد في الكتاب المنشور يمكنه أن يرد بالفكر ..مقارعة الفكر بالفكر وليس بالمنع والحجب!! الرقابة بشكلها القائم وإن كانت تمارسها وزارة الثقافة أو اتحاد الكتاب، هي وصاية على الفكر.
كيف نحمي المشروع ؟!
المرجعيات التي امتازت بها سوريا بقيت على الدوام مرجعيات فكرية ومعرفية ،وقامات عالية، يعتد بآرائها وتفكيرها الفعلا باستمرار، والدكتور طيب تيزيني إحدى تلك القامات، ويحق له أن يتفاءل خيراً بالمشروع الأبيض..ويحق لنا أن ننظر جيداً في طريقته ـ كرجل فكر وبحث واسعين ـ في النظر إلى الفكرة..إلغاء الرقيب ..أو إضعافه...
الدكتور طيب تيزيني ـ مفكر سوري :
فكرة جيدة ..أن نلغي الرقابة على الكتاب، وتأتي في وقتها، لكن في المرحلة الحالية، والآن تحديداً قد تلتمع فكرة يمكنها أن تكون مدخلاً إلى الفكرة الاولى، أعني لماذا لا يفكّر بمسألة أكبر وأوسع ولو تحققت ستسمح لمشروع إنهاء الرقيب على الكتاب، بأن يصبح قابلاً للتحقق، أعني أن سوريا الآن بحاجة ماسة إلى العلاقات الثقافية والسياسية والاجتماعية، إذا ما استطاعت أن تحقق هذه المرجعيات الثلاث، ومن الضروري أن توضع في إطار (المرجعية).
وأنا حين سمعت بهذا الاقتراح، شعرت بشيء من الفرح، لكن أتساءل في الوقت ذاته، أليس ضرورياً بأن يُفكّر بما يحدث على الصعيد السوري، عموماً؟ وبالتالي، على صعيد فتح المجتمع السياسي والثقافي؟.. إن الفعل السياسي هنا ليس محاذياً للفعل الثقافي، بل هو صنوه، والمدخل إليه، وبالتالي فالتفكير بقانون جديد وعصري للأحزاب، يمثّل استحقاقاً حاسماً لإعادة النظر في كثير من نقاط القصور التي يواجهها المجتمع السوري، إن حديثاً عن إلغاء الرقيب على الكتب والمجلات والثقافة عامة، لا شكّ أنه هام، ولأنه حقّاً هام يطرح سؤالٌ نفسه: كيف يمكن أن نتيح لذلك الاقتراح الخاص براقبة الكتب أن يصبح واقعاً نحققاً وأن يُحمى ؟! الإجابة في ظني تتأسس على إعادة بناء المجتمع السياسي والمجتمع المدني، وهذا سيكون لصالح النظام السياسي السوري ذاته ، كما للمجتمع السوري، ولهذا أرّحب بالاقتراح المقدّم، حول التفكير بإقصاء رقيب الكتب، أو بإضعافه، لكن مع ملاحظة، أراها مدخلاً إلى ذلك، وهي أن نضع مفهوم الحرية العمومي، حصناً وتحصيناً للمسألة الثقافية، فأنا أدعو إلى إعادة النظر بالملفين السياسي والثقافي، الأول لأنه سيسمح بإنتاج إمكانات واسعة لحرية الحوار، على الصعيد المجتمعي العمومي، ومن ثمّ، فإن كلاماً عن زحزحة الرقيب الثقافي، يمكن أن يكتب لها مصداقية في سياق الحديث عن إعادة بناء المجتمع السياسي، مجتمع الأحزاب والصراعات لاسياسية السلميّة، ولعل ذلك إذا ما حدث، يخفف من القبضة التي تسعى إلى حصار سوريا خارجاً وداخلاً، فتحصين سوريا هو أولاً ،وأولاً، تحصين لها من داخلها.
الرقابة سببها الخوف والخوف سببه الضعف!!
تلك المعادلة توصلت إليها أثناء محاورتي هذا العدد من الضيوف..ولعل معظمهم بدأ يدرك ذلك، من يخشى من كلام منشور في كتاب فهو قلق جداً ..وليس لديه ما يجعله مطمئناً لما هو عليه، وهذا معاكس لواقع الحال، الجميع يتفقنو على أن تترك الناس وشأنها في ما تنوي كتابته، ولن يتغيّر شيء بسبب صفحات مغلفة لا يباع منها سوى نزر يسير كل عدة أشهر!! وحين يقول لك ضيفك وأنت تحاوره ، لا مانع من أن نسمع رأي الناس في الكتب، فهذا دليل على أن الخشية المبطنة الأولى قد زالت، وأن وهماً فقط يعشش في رؤوس القائمين على تعديل هذا المبدأ التقني( الرقابة على الكتاب)، وهمٌ يقول بحرصهم على مراعاة حساسيات سياسية ودينية واجتماعية، يبدو لنا المجتمع بخير...
الدكتور وهبة الزحيلي ـ رئيس رابطة علماء بلاد الشام ـ عضو مجلس الإفتاء الأعلى:
بسم الله الرحمن الرحيم..أما بعد..فإن الرقابة موجودة في بعض بلدان العالم، وذك من أجل الحفاظ عى خط الدولة أو النظام العام، الذي تسير عليه، وقد يكون هذا الأمر، صلح واستفيد منه، في عهد مضى، أما الآن فقد تغيّر العالم وتطوّرت وسائل الاتصال، فإن كانت الغاية في ذاك الزمن ضبط ما يكتب، فالآن لا يمكن ضبط اي شيء، في ظل الانترنت والفاكسات والفضائيات، وأصبح من غير المفيد، وجود، هذه الرقابة.وأمام من يبحث عن نزاهة الكلمة وسموها،فهذا حيّز يجب على الكاتب ان يراعيه...ولا ينبغي تقييد حرية الإنسان، لأن الحرية، من أسس الديموقراطية والعيش الكريم...
لم يعد موافقاً لاتجاه التطور أن نقوم بمراقبة مايكتبه الناس بهذه الطريقة البدائية التي تتم الآن...
أصبحت الناس تتعلق بكل خبر لم يخضع للرقابة وبالتالي هم سيتعقلون بكل ما لا يراقب، من كتب ومجلات وغيرها...واتجه اهتمامهم نحو المصداقية والارقام والإحصاءات...من أجل الوصول إلى الحقيقة، ونقع في بؤر التخلّلف والتعصب وضياع المقدرات وفي أمور كثيرة من هذه بسبب غياب الرأي الآخر.
ولكن ماذا عن حساسية المؤسسة العلمية الدينية اتجاه بعض الكتب والنصوص الإبداعية؟ وأنتم تعرفون حديث النبي (ص) لعثمان بن مظعون حين بلغه تشدّده،قال( ياعثمان،إن هذا الدين لمتين فأوغل فيه بيسر)..على ماذا يخشى اصحاب تلك الحساسية؟! وماذا تقترح لنصل إلى ما تسميه (حرية)؟
بالنسبة لشريعة الحق، فهي عندنا الاقوى ولا خوف عليها من أي شيء قد يكتبه البعض، وإذا كانت الرقابة أحياناً تقترح تغيير عبارة أو جملة فهذا يمكن التغلب عليه من قبل الكاتب بفضل اللغة التي تسمح بإيصال الفكرة بأكثر من طريقة..الاهم هو من الذي يحق له الحكم على عمل
ما بأنه خرج عن الأصول، أرى أن تكون الرقابة متخصصة، وأن يكون جهاز الرقابة حرٌ لا سلطان لأحد عليه، فوزارة الاوقاف تمارس دورها بقرماقبة وتدقيق الكتب المعنية بالدين فقط، ووزارة الثقافة تشرف على الكتب التي تصب في المجال الثقافي والغبداعي ووزارة الاقتصاد تقرأ الكتب المتعلقة بالتجارة والاقتصاد...لا مانع من أن نسمع رأي الناس في الكتب التي يكتبونها، ينبغي أن توزّع هذه المهام، على رقابات مختصة ولا يمكن أن نسمح بالرأي الشاذ الذي يهدف إلى تخريب الأمة والمجتمع ..تسمع هذه الأيام عن شخص يذهب إلى إسرائيل ويدعو إلى صداقتها وهي تحتل الارض ، كيف برأيك يمكن أن يكتب هذا الشخص عن موضوع كهذا؟ وكذلك من يحاولون اختراق أصول الأديان، ويشوهون الهدف الرئيسي منها، وهو خير الإنسان. لا يمكن أن تلغي الرقابة ولكنك تستطيع أن تطورها وتجعلها أكثر مرونة وأكثر علمية واختصاصية... شعبنا بخير، وعلى درجة عالية من الوعي، ولا يحتاج لمن يراقب تفكيره بالعموم.
الدكتور نزار بني المرجة ـ شاعر سوري:
حقاً لقد آن الأوان ، بعد قرابة أربعة عقود لغعادة النظر بالمرسوم 31 للعام 1971 الذي حمل اتحاد الكتاب العرب مسؤولية الرقابة على نسبة كبيرة من الكتب، التي تطبع في سوريا، وبداية ..إذا كنا نقبل بحقيقة ما يسمى بصناعة الكتب، فإنني أقترح إحالة هذه المسؤولية إلى الهيئة العامة للكتاب، التي تم إحداثها مؤحراً، وحيث أصبح الأمر يتطلب وجود(إيزو) أي أسس ومعايير لجودة الكتاب السوري، وإذا كان مثل هذا الامر يتطلب تعديل المراسيم، والقوانين لهذا الموضوع، فهذا يشكل استجابة لدعوة السيد الرئيس بشار الأسد لتطوير وتحديث الانظمة والقوانين، بما يخدم المصلحة الحقيقية للوطن والمجتمع، وبغض النظر عن التبعية الإدارية للرقيب، فقد أصبح وجوده حتمياً ضمن ملاك وظائف الدولة ..اية دولة، لأنه بطريقة ما لابد من ضبط إيقاع حركة أو آلية الطباعة والنشر في أي بلد في العالم، إن اتفاقنا على ضرورة وجود تفاعل الرأي والرأي الآخر ، يجب ألا يعني الانسياق وراء شعارات مشبوهة، ومنح ثقة عمياء يمكن أن تسمح بتحويل شارعنا لافكري والثقافي إلى غابة وحوش أو غابة سيقان، لأن السقف يجب أن يبقى دائما أوبدا هو الوطن والرقابة بمفهومها الإيجابي، هنا تعني منح حق إبداء الرأي الآخر، وضبط آلية العمل دون منح فرصة للذين يبحثون عن جوازات مرور للعبث بالوطن من الداخل، وأنا شخصياً أتمنى أن نصل إلى درجة من الشفافية، والمسؤولية، من طرفي عملية الرقابة والتأليف، حيث تنحصر مسؤولية الرقابة على المدقق اللغوي، في الحقيقة نحن نشفق على أحاسيس ومشاعر ومواقف بعض زملائنا الذين اضطروا للعمل في ميدان الرقابة، حيث لا يمكن للمرء أن ينكر حدوث الكثير من الاخطاء على مستوى الممارسة، بسبب اختلاف الميول والخلفيات، وحتى المستويات الفكرية والثقافية بين الرقيب وصاحب العمل المراقب(بفتح القاف) ولا أعتقد أن أي رقيب بوسعه الادعاء والقول بموسوعيته وإحاطته المؤكدة، بموضوع الكتاب الذي يراقبه، فضلا عن استحالة التنزه المطلق عن الأخطاء، ووجود مثل هذه الهوامش العريضة يمكن أن يسمح بحدوث الكثير من لااخطاء وكل ذلك من مبررات إعادة النظر كلياً بالواقع الحالي لآلية عمل الرقابة، حيث أن الرقابة بنموذجها الا‘لى والأرقى، يجب أن تكون رقابة موضوعية ومهنية، واي رقابة على مستوى اللغة والمستوى العام للكتاب، المطلوب إذا الوصول إلى توظيف عمل ومهنة الرقيب الذي يجب أن يكون مثقفاً وديموقراطياً ونزيهاً وواعياً وحذراً في الوقت ذاته.
كتاب في الاغتراب ..
كيف ينظر الكتاب السوريون في الخارج، إلى فكرة ومشروع إلغاء الرقابة على الكتاب، وكيف يرونها أصلاً...؟ لدى سوريا عدد كبير من المثقفين والكتاب يعيش خارج الحدود، ولكن هل يعيشون فعلاً خارج تلك الحدود ...؟ حدود الرقابة؟!
فواز القادري ـ شاعر سوري ـ يقيم في ميونيخ:
السؤال المهم الذي يجب أن يطرح عن علاقة المثقف بالرقيب , ومدى تأثير ذلك على المناخ الثقافي بشكل عام هو :هل المشكلة في الرقيب أم في المؤسسة ؟ , والمؤسسة التي نحن بصدد الحديث عنها هنا في هذه العجالة هي : إتحاد الكتاب العرب , النموذج الاكثر تعبيراً عن هذه العلاقة الشائنة، بين المؤسسة والرقيب من جهة, والمبدع الحقيقي المقموع من جهة أُخرى, المؤسسة التي اختارت دورا لرقيبها، ليس له علاقة بالثقافة بأي معنى من المعاني، وحدّدت له مهاماً هي في أحسن أحوالها لا تبتعد كثيرا عن مهام المخبر" الجميل " ، الطموح، والمخلص، لأن يكون جديرا بالمهام الموكلة اليه.
وعلى ذلك نستنتج ان الرقيب الذي هو أجيرٌ لدى هذه المؤسسة، بشكل او بآخر, لن يستطيع الخروج على كونه، مخبرها "الجميل "، الذي تقع عليه ملاحقة، ليس الذي يشير اليه النص فقط, بل الاستشراف على ما يختبئ في نوايا الكاتب أيضاً, ناهيك عن المعرفة المسبقة للمواقف المطلوب منه اتخاذها , من اسماء محددة عليها اشارات إستفهام أمنية, أو غير المرضي عنها على الاقل. وارتباطه العضوي مع التابو :" السياسة، الدين، الجنس "، وغالبا ما يكون هذا المخبر "الجميل", غير مؤهل لأي دور له علاقة بالأدب, ناهيك عن أن يكون قادرا على تقييم العمل الابداعي الذي يتطلب أصلا , مبدعين حقيقيين لا يرضون بهذا الدور، وهذا ما يتلاءم مع طبيعة الدور التي أخذته مؤسسة مثل اتحاد الكتاب العرب في سورية, على سبيل المثال لا الحصر, كونها المؤسسة المفترض فيها أن تكون الحاضن الحقيقي للإبداع , وضمير الناس الحي ــ إذا جاز لنا أن نستخدم تعبيراً كبيراً في هذا السياق ــ, والتي هي، في واقعها ـ الحاضنة الكبيرة لكل من ليس له علاقة بالابداع، هؤلاء الذين يصلحون وحدهم لأخذ دور الرقيب (وأحد الادلة المهمة هو: هذا العدد الكبيرمن غير المبدعين، وأتباعهم الحاصلين على هذا الشرف ؟ وهم لم يكتفوا بتخريب الثقافة , بل هم مصرون أيضاً على سرقة صفة الاديب والشاعر حتّى يكتمل المجد ؟) في هكذا مؤسسة. أما المبدعون الحقيقيون، فيتم تجاههلم او إقصاءهم، أو يبتعدون من تلقاء أنفسهم كما أسلفت، فمن هذه المشكلة الأم, لابدّ أن يولد العديد من الأبناء الشرعييين؟، رغم إعتقادنا أن الكلام العام، مهْما كان مفيداً، في هكذا موضوع , لن يكون كافياً دون تناول أمثلة حية عن علاقة المثقف بالرقيب , حدثت وستحدث طالما الحال هي الحال!. لكن المجال هنا لا يتيح استعراض أمثلة, لكوننا أشرنا بشكل سريع الى مشكلة الرقابة في سورية على وجه العموم، إن المشكلة في المؤسسة وليست في الرقيب.
مروان علي ـ شاعر سوري ـ يقيم في آيسن :
بحكم وجودي خارج سوريا لأكثر من عقد من الزمن، فإن رؤيتي للرقابة على الكتاب في سورية ستكون رؤية مبنية على مشاهداتي ومتابعاتي خلال أواخر الثمانينات وبداية التسعينيات ،وقتها كانت الرقابة تعامل الكتاب والكتاب بضم الكاف كما كانت الأجهزة الامنية تعامل المعتقلين والمتهمين فكل كاتب هو معارض مؤجل بشكل او بآخر، وكان يندر أن تسمح الرقابة لكتاب جيد بالمرور،في غرفهها الملوثة بالرؤية الحزبية الضيقة ، مشكلة الرقابة في سوريا انها هي التي تحتاج الى رقيب،الرقابة، أمرٌ لابد منه ولكن لابد من وضع اليات لضبط عملها وتنظيمها،والشكل الافضل لرقابة اذا كان ينبغي لها ان تستمر ان تكون هناك لجنة دائمة تقرأ النصوص، وبالتالي أن يكون هناك قرار بالاكثرية وابعاد الكتاب ذوي الاتجاهات الحزبية، والتابعين للأجهزة الامنية منها، والاعتماد على بعض الكتاب والمبدعين غير المحسوبين لا على المؤسسة الرسمية ولا على الهامش، وان تتغير هذه الجنة بشكل دوري لاتاحة الفرصة لعدد أكبر من الكتاب والمبدعين للمشاركة فيها، طبعا مع اتاحة الفرصة للجيل الجديد من الكتاب والمبدعين للمشاركة فيها والابتعاد عن الاسماء وسطوتها.. مأساة الرقابة في الدول المتخلفة أنها متخلفة أيضاً.. ووفق المنطق والنظريات يفترض ان تكون متطورة ، ولكنها وللاسف تعاني من امراض الديسك وارتفاع ضغط الدم وحتى السكري.. الرقابة عندنا تحتاج الى إدخالها الى غرفة العناية المشددة.
الحمد لله وللانترنيت وللغربة .. كنت قد نسيت الرقابة تماما لولا انك ذكرتني بها بعد كل هذه السنوات.
في الجزء القادم ...سنرى كيف يفكّر الناشرون في سوريا بموضوع الرقابة...وكيف أنهم ساهموا، أو البعض منهم في تأخير معالجة وتطوير الرقابة ـ بناء على وثائق بين يدينا ـ ولعل هذا يفاجئ القراء الكرام ولكنه جزء من الحقيقة، وأيضاً سنلتقي مع كتاب تعرضت أعمالهم للمنع، والحظر، لأسباب ربما بدت غاية في السطحية، ولا مبرر لها، واما حصدته مناجل اراقبة إنما هو قبض الريح، لأن الكتب نشرت ووزعت ولم تحدث أية زلازل أو كوارث في عالم الكتابة الراكد في سوريا
08-أيار-2021
المركز الدولي للفنون البصرية والسمعية / ثقافة العين في مواجهة ثقافة الأذن |
01-آذار-2010 |
27-آذار-2008 | |
12-كانون الثاني-2008 | |
10-كانون الثاني-2008 | |
12-كانون الأول-2007 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |