ابتسامة جورج
2013-05-21
هى، هى، بعذوبتها التى عرفناها وسجّلتها الكاميرات، كأن الزمانَ لم يمرّ. هى، هى، بصَفوها كما خلّدها المسرحُ، كأن المحنَ لم تَنَل من هذا الجسد الساكن. هى الابتسامةُ نفسُها كما عرفتها طفولتى فملأتنى بالفرح. ازداد الوجهُ جمالاً، ربما بسبب تلك الهالة الملائكية تُكلّلُ هاماتِنا مع الكِبَر؛ وربما بسبب الإيمان بأن يدَ الله حانيةٌ حين تمتد بالرغد والسلام، مثلما حين تسمحُ بالمرض والاختبار. لكن الحتميَّ أن هذا النور المرسوم على وجهه، والاطمئنانَ بأن كلَّ شيء على ما يرام، يعود إلى تلك الزوجة الاستثنائية التى منحها اللهُ له، والتى أودُّ أن أختتم بها مقالى.
بيتٌ واسعٌ أنيق، يشبه مُتحفًا عالميًّا يجمعُ لوحاتٍ أصليةً وقِطعًا نحتية نادرةً من كل أرجاء العالم، لأن جورج، كما أخبرتنى زوجته، مهووسٌ باقتناء التحف النوادر.
دخلنا عليه، حيث يجلس. جميلاً ضاحكًا كعادته، لم تنل منه السنواتُ، ولا هزمه المرض. فوق رأسه، صورة لوالدته تحمله طفلاً، وجواره تمثالٌ عال للسيدة العذراء، أمّ البشر، تمدّ يدها بالرحمة إلى ابنها الصموتُ، جورج. وكأن لسانَ حاله يقول: «تكلمتُ كثيرًا وملأتُ حياتكم بهجةً، وحان وقتُ الصمت، فلم يعد ما يُغرى بالكلام!» نحن الزوار، ملأنا البيتَ كلامًا وصخبًا وضحكًا وذكرياتٍ. وهو الصموتُ، لم يقل كلمةً. لكنه بصمتِه، كان أكثرنا حديثًا وحياةً وجمالاً. يومئ إليكَ، ثم يشيرُ إلى كأس العصير لتشرب، إن أخذك الحديثُ ونسيت، ثم يشير إلى طبق الكعك والحلوى، لكى تأخذ المزيد. الكرمُ والتحضّر والرقى، لا يحتاج إلى لسان ليحكى، بل إلى قلبٍ نابض بالمحبة، ووجه يفيضُ بالبِشر.
قدّم له الأبُ بطرس، درعَ المركز الكاثوليكى المصرى للسينما، ذاك الذى يحملُ «مفتاح الحياة» الفرعونى الخالد، رمزًا رفيعًا له. ثم رنّم، بصحبة ماجدولين ميشيل، قائدة الكورال بمدرسة سان جوزيف، ترانيمَ عذبةً أخبرتنا أن الله لا ينسى أبناءه الذين يشكرونه فى الضرّاء مثلما يفرحون بالسرّاء. الأب بطرس دانيال، هو صديقُ المصريين، وراهبُ المحبة. يجمعنا على مائدة الفطور فى رمضان، مثلما يجمعنا فى زيارات المستشفيات لنعود المرضى والمأزومين، فيرسم لنا لوحةً المحبة المتقنة، كما يريدُها الله. وكيف لا وهو، بيانيست فنان، وصوليست مرهفٌ، إضافةً إلى كونه رجلَ دين مستنيرًا!
وأما الدكتورة «ليندا مكرم»، قرينة جورج سيدهم، التى حملت معه المحنةَ سبعة عشر عامًا، فهى قصةٌ هائلة تضيق عنها كتبٌ وقصائدُ. قال فيها الملك سليمان الحكيم: «امرأةٌ فاضلة، مَن يجدها؟ لأن، ثمنَها يفوق اللآلئ». لهذا كتبتُ إهدائى على كتابى «صانع الفرح»: «طوبى لكَ يا جورج، فها أنتَ قد وجدتَها».
عن المصري اليوم
08-أيار-2021
07-تشرين الأول-2017 | |
20-تموز-2014 | |
28-حزيران-2014 | |
18-حزيران-2014 | |
11-حزيران-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |