Alef Logo
مقالات ألف
              

نقطة غليان ... أم فوضى طائفية "خلاقة"؟

حربي محسن عبدالله

خاص ألف

2013-07-07

ماذا يعني أن ينشر الإسلام السياسي الخطاب الطائفي, ويتبنى الخلاف المذهبي, ويعود بنا القهقرى نحو الفترة المظلمة ليعلن عن نقطة الغليان؟ ثم نراه بعد ذلك, وقد امتطى حمار الديمقراطية مطالباً بحقه في أن يدلو بدلوه الذي امتلأ قذارة, ليكون قوله هو القول الفصل في قضايا الإنسان ومطالبه في الخبز والحرية والكرامة. نحن أمة تعيش على أمجاد الماضي بامتياز, دون الالتفات إلى أي محاولة لإعادة قراءة التراث العربي الإسلامي بل ولدينا اختلافات كبيرة في تعريف التراث. وكل منْ حاول بجهده الشخصي مقاربة هذا الموضوع اصطدم بجدران صلبة وأسوار عالية, تكرّس الجهل وتحسب أنه العلم وتحارب الإبداع على إنه بدعة, وتوقف عقارب الساعة عند القرن الرابع الهجري, وتحسب أن ما سلف هو الخير كله وما خلف هو الشر كله إلا ما عصم ربي. ويبدأ الخلاف عند تعريف العصمة ولا يقف عند خلافة الإنسان على الأرض. الخلافة الحرّة. خلافة "منْ شاء فليؤمن ومنْ شاء فليكفر". قد يعترض البعض من الإسلاميين على الاحتكام إلى الخلافات ما بين المذاهب ويرفضون الطائفية قولاً وفعلاً وينأون بأنفسهم عن وحولها ولكن هل لدى هؤلاء عملاً ناجزاً يبحث في أصل المشكلة وكيفية الخروج على نصوص ترسخت في الأذهان لفرط تكرارها؟ دون التورط في البحث عن أسبابها وملابساتها والظروف التي أوجدتها. بل وأصبحت هي سبب الصيد الوفير و( كل ما أمطرت به سماء الطائفية من خيرات وألقاب ونفوذ وسلطة على زعماء الطوائف وأمراء الحروب) فكيف يتخلى الطائفي عن طائفيته وهي من أوصلت خطاباته وسيرة حياته إلى الفضائيات بل وأصبح ينافس نجوم المسلسلات الرمضانية في الظهور واللقاء مع جمهور المعجبين. في أحدى القنوات الفضائية تجد منْ يكفّر الشيعة الرافضة ويرد عليه آخر من قناة الرافضة باللعن, وترى جموع أو حشود لهذا ولذاك تكرّس الكراهية وتغذي غرائز الانتقام والتشفي, ثم يفاجئك الطرفان بأن لهم كل الحق الذي تمنحه لهم الديمقراطية في قيادة الجماهير. بربكم أي إنسان عاقل يذهب ليقتل إنساناً آخر على خلاف حدّث منذ ألف عام أو يزيد بين فريقين سياسيين يطمحان للسلطة. قد يحيلك منْ يدافع عن الإسلام السياسي, لأسماء لامعة في الفكر السياسي الإسلامي من سيد قطب وحسن البنا إلى محمد باقر الصدر, ولكن سؤالي هنا هو هل كان لدى هؤلاء مشروعا يتجاوز الطائفية؟ قد تجد شذرات من التسامح والدعوة للوحدة هنا وهناك في كتاباتهم تشبه إلى حد كبير ما نسمعه في مؤتمرات التقريب بين المذاهب والحوار الإسلامي- الإسلامي وإذا استعرنا مصطلحات من قاموس نصر حامد أبو زيد نقول إنها دعوات توفيقية تلفيقية تلوينية لأزمة فكر لا يستطيع أن يخرج رأسه من الزاوية التي حشر نفسه فيها. ويصر على مكابرته ويتاجر بأوهام وحدة الأمة الإسلامية التي تنخرها الطائفية والتزمت, وتمزقها الفتاوى المتناقضة التي تصل حد التكفير وإباحة سفك الدماء بين مشيخة وأخرى قد تكون من نفس الطائفة. إن منْ يرفع شعار "الإسلام هو الحل" يواجه بالسؤال التالي عن أي إسلام يتحدث؟ إسلام الرافضة أم إسلام السلفية؟ إسلام الزرقاوي أم إسلام جيش المهدي؟ والمذابح التي جرت بالعراق وساهم فيها طرفي الإسلام السياسي وأذكتها أطراف إقليمية ودولية, كل حسب مصالحه وطموحاته وأهدافه هل تقنع أي عاقل بأن الإسلام هو الحل؟ الإسلام دين والإيمان بالدين قضية شخصية بمنتهى الخصوصية ما أن يتحول من كونه قضية شخصية إلى مؤسسة عبر الإسلام السياسي ورموزه, حتى يدخل مجبرا في حلبة الصراع. هذا الصراع الذي يباح فيه استعمال كل الأسلحة لإلغاء الآخر المختلف هو صراع قذر, وليس هناك من سلاح برداء أبيض وليس هناك من يد طاهرة تحمل سلاحا لا تلوثها قذارة هذا الصراع. إذن للخروج من أوحال الصراع القذر وفوضى الطائفية "الخلاقة" التي أدخلنا فيها الإسلام السياسي يفترض بنا أن نعيد النظر بكل المسلمات التي فرضها علينا. وأن نستذكر تاريخ أوروبا ومحاكم التفتيش والصراع المذهبي والديني المرير الذي كلف القارة ملايين الضحايا. قبل أن ينتصر الإنسان الأوروبي على نفسه ويحقق الثورة الصناعية ويجسد نضاله من أجل الحرية والمساوة بإزاحة منْ وضع نفسه قيّماً عليه, ويضع على الرف أطناناً من الورق الذي استهلكته المجادلات المذهبية والخلافات الدينية ويؤسس لعقد جديد قوامه الإنسان كقيمة عليا. ويفرض على الكنيسة الاعتذار على المذابح التي دشنتها طوال القرون الوسطى المظلمة. نعم نحن بحاجة لأكثر من ثورة صناعية بل ثورة على كل الأصعدة, وإلا فمصير الجميع الانزلاق نحو الخطاب الطائفي وحروب المذاهب والقتل على الهوية الطائفية. فالمحرضون كثر وتجار السلاح "على قفا مين يشيل" ومنْ يبحث عن دور كبير لحجمه الصغير ينتظر هذه المعجزة بطول أناة. ومنْ له مصلحة في الفرجة المجانية على الجنون المطبق متربص هو الآخر, وبدون أن يكلف نفسه شيئاً, لأن فاكهة الموسم ستنزل في حضنه مقشّرة والفضل للطائفية "الخلاقة" والله من وراء القصد.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

منْ يُخرج الناس من دين الله أفواجاً؟ بقلم:

21-تشرين الثاني-2013

الحقائق ثوابت أم متغيرات؟

16-تشرين الثاني-2013

عندما يتحول اللونُ إلى إله "كهوف هايدراهوداهوس"

05-تشرين الثاني-2013

أخطاء إملائية

26-تشرين الأول-2013

هل أصبح الكذب ملح الحياة؟

15-تشرين الأول-2013

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow