Alef Logo
ابداعات
              

نقد / نحو أفق يتخطى حدود الطوفان

سمر محفوض

2006-04-10

بحث عن نص مسكون بهاجس الجدة والمغايرة
الكلمة هذه المفردة المفلتة من الارتطام بالمؤقت لتحتل حيزها الخاص في عالم من التعبير المضطرب تلك العلامات المخرمة بالضوء حيناً وبالعتمة غالباً, والتي تبلور تعبيرها المنتمي إلى جيل خاص قد لا يكون منساقا للقواعد واللوائح المألوفة, فهل معنى ذلك أنه لا يوجد لديه. إبداع وهل وظيفة الفن إبداع القيمة,أنا أرى أن الإبداع أي إبداع هو في التعبير عن شيء يستحق التعبير بفن عميق وإحساس خال من التطرف. وحيث أن لا معيار ثابت للإبداع والمعايير هنا هي مجموعة مضطربة ومتغيرة يستحيل أن يقيم فيها أيما إله تقليدي هي أدوات تعبير خاصة تنتمي إلى عالم مفعم بإنفجارات, صاخبة ودافئة من أو تراها محملة بأمواج مد عارمة تمثل نزوحا نحو رقعة من التناغم الذي لا يبحث في الصيغ. إن من يعمل في مجالات تنتمي لخلق ما, ليس عليه أن ينشغل بنظام العمل الإبداعي بل بتقنياته وله أن يترك النظريات للنقاد ويختار لونه بوحي السليقة ثم المعرفة.
أحياناً يبدو الاتجاه العام لدى جيلنا نحو الإنتاج غير الموضوعي، لكن في الفن الإبداعي لا مجال لأحكام أخلاقية. والفن ذاته لا يمكنه أن يغدو تصنيفا، هو قطعة من الحياة والحياة لا تحتمل القولبة.
هناك مواضيع فقيرة في أدائها، وأخرى متفجرة بالطاقة، بعيدا عن النظريات وحتى الثنائيات منها فلا وجود لخير وشر. إنما فعل وكينونته، ثم وصف لذاك الفعل دون إطلاق تشريعات. حين نطلق مسميات فنحن ندخل عالم التحامل الذاتي، ونساعد ذائقتا على التزييف.
الحياد والإخلاص فقط هو المطلوب. حيث الأخلاقية هنا هي في البحث عن حقيقة ذاتنا, والتي هي جميلة كلها. وعلينا قبولها دون نكران أي جزء ودون أحكام مسبقة تحت مسميات أخلاقية نحن أجزاء من نظام الكون وأدوات إبداعه الثابتة.
يبدأ مشوار الكتابة وكأنه الحلم حين يكتب، إذ يدرك الكائن أن المخيلة تفتح مغاليق الروح في لحظة يقينية مترعة باستحضار الممكن، و الاستحالة أيضاً. ليفرض التشكيل الذهني ذاته. ويضعنا في مداراته داخل إحداثيات الذاكرة المطلقة التي تستغرقنا دون أن نتمكن من التحكم بتجذاباتها ولا بتناقضاتها المحتدمة أو الخفيفة، تلك المتوزعة فينا، في استلهام مجسد لقيم الإبداع الناتج عن انهيار التوازن الهش بين الجاهزية المقوننة، وإعادة ترتيب الرؤى، بما تحمل من نصر وانكسار يحمل هواجسنا وأحلامنا، وكثير من الدهشة لخلق حالة مبدعة، تمتلك من الاندماج و التماهي بالمجازفة لتجسيد فكرة ما بكل تفاصيلها وأبعادها، ليس من باب الترف، بل الحنين لهواجس في طور الحياة الشغوفة بأحقيتها المطلقة بالوجود، بعيداً عن معادلة الرفض والقبول، في تواصل دائب مع ساحة وعينا ولاوعينا بكل مكاشفاتها. لتؤسس لحالة إبداعية، متوفرة كمادة تتدفق أو تقل حسب اللحظات والظواهر التي تحيط بالمبدع. تنضج كلما كان المحيط قادراً على المشاركة في تفعيل المناخ العام للإبداع، مع الاحتفاظ بنكهته الذاتية، فنجد المبدع أحياناً يتغرب خارج حدود المألوف في طواف يتجلى باستنباط مدجج بأكثر من أفق مقدماً بذلك خامات عديدة تنتج إبداعات متخيلة تارة ومأخوذة من الواقع تارة أخرى.
وهذه خصوصية ضرورية، للمزاوجة بين التجريب والتحديث، لتقديم شكل متوازن ذي نسيج يقود ذائقتنا للتأمل، ويّعدنا لنكون جزءا من تشكيله ضمن التسلسل اللامنطقي في تكوين موضوعي خاص يدل على نضج التجربة والتي هي عبارة عن ناتج لتطور أسلوب التعبير بمختلف تنوعاته وصولاً لولادة تعبيرات تشكيلية ذات صيغ مكثفة لها طابعها الخاص. وهي ذات غنى تصوري أو تخيلي يشبه المسرح الذهني في حوارية إبداع الأشكال ضمن مسارات الصورة المتخيلة / المشكلة من موزاييك الأداة المستخدمة (حرف ريشه أزميل فرشاة) قادرة على تجاوز مألوف المتلقي لتعطي أشكالاً مختلفة الأبعاد والدلالات على شكل موجات صادمة تتجسد في الوجدان أحلام يقظة تشحن التأمل فتنمو لدينا لغة بصرية حسية لغوية لا إرادية متناغمة تدعم الموقف الخلاق من خلال تجربة مميزة تستحق المتابعة متجاوزة التزيين والتجميل.
- أما المسافة التأملية المتاحة فهي محاولة للوصول إلى تكوين مركز ومتقد لفكرة أو لحالة حيث تتعطل الخبرة المعرفية وتفشل في الوصول إلى تركيبات إدراكية مألوفة لديها فتكون جملة روابط حسية ذهنية مناسبة متوافقة ومتآلفة مع الهواجس الداخلية (المخزون المعرفي والخبرة في التعاطي). والتي يلجأ المبدع في هذه الحالة إلى خرق نظامها أي دور المفكك الغير موضوعي لتحقيق أنماط جديدة ومتناغمة من التوازن الممتع المتوالد من خلال الحاصل الكمي للصورة والصوت باعتبار ذلك حصاد منطقي لكفايات وخبرات سابقة بالعمل على إثارة فضول وحساسية التواصل في ضوء رصد متفهم في إطار شبكة علاقات انفعالية سردية ذهنية محملة بالرمز لواقع ثقافي في توليفة مشبعة بالحساسية، كنمط متفرد أو كرسالة مفتوحة على التعاطي الجمالي الكلي ضمن رؤى جديدة تلغي لحظة المسائلة الأولى الرافضة لغير المعتاد لديها. وتخلق تفاعلا جديا مع كافة المكونات المؤهلة لحالة التذوق الإبداعي. مسهمة بذلك بتطوير الذائقة. وفي سياق بناء ثقافة ذهنية بصرية فكرية حسية عبر تضافرات وصور ورؤى فلسفية من خلال إلقاء الضوء على تفاعلات عامة وخاصة جاءت ضمن تداعيات المبدع وهواجسه المنظمة والعشوائية.
- المنطق واللامعقول من أحاسيسه المترامحة حتى أخر قطرة حية نابضة بالحياة الجديرة بالإطلاع. من حيث أننا نتفاعل مع المحيط ونحن حاملين لموروثنا الثقافي مقيمين له بحياد وفي امتداد لنفس الاندفاع التاريخي لحركة التطوير المتبعة عبر مجهود ذاتي ينتج مجمل الاستهداف بشكل تركيبة خاصة وجادة وملحة وحيوية تنتمي لذاتها بقدر ماتنتمي للعام الحر.
- لا أحد منا يمكنه الجزم بأنه يملك حق تأطير المتخيل الحلمي المتشكل من خلال الجملة، بموجب اقتراح منتج إبداعي خاص به، في حدود تجارب لم تتحول إلى تقليد بحيث نحار كيف نفسر ذهولنا المتروك في وضع حركي يمتلك قدرة حقيقية على إيجاد طاقة تشغل الحيز أو الفراغ الموجود نظرياً دون أبعاد في المفهوم العام على الأقل.
- هذا النوع من التداعي هو المجال الذي لا يتبع قاعدة معينة ترسم خطاً بيانياً للتطور الإبداعي بل يقدمه في النهاية كشكل من تطور إنساني ضمن مفاهيمه المتنوعة وتراكم معارفه المختلفة، وخاصة ما يتعلق بالشكل من حيث هو تركيب أو إعادة تركيب المفردات والأشكال وتسليط الإضاءة عليها لتشكل تناسب ما مع داخلنا وهواجسنا وأحلامنا المختلفة.
- في هذا النوع من التعبير لا يمكن التعامل مع الحالة بشكل تفصيلي بل كمجمل تكوين لخلق الإدهاش على ناصية الشغف المرتبط بشغف كوني كبير. و الذي بني على هاجس لهفة الاكتشاف عبر تقاطعات متعددة عنوانها البحث عبر المخيلة كحالة تحتمل التطوير من خلال كسر المتوقع، لا لنية الهدم لكن للخروج من إنتاج ذات الظروف. وهنا نحتاج لكثير من الدقة في التعريف. وليس علينا أن نكون انتقائيين في تناولنا الوجداني داخل العبثية الظاهرية للنص المتشظي بكل مستوياته بحيث يترك مساحة متاحة للخيال كي يرتجل الفضاء المعنوي دون أن تتشابه محصلات مضامينه.
- كحاملات مصنفة مسبقاً للغة التعبيرية المستخدمة مشكلة بذلك احتفالياتها الرمزية فناً مبدعاً شعرياً –رسم –موسيقى –الخ حيث الهدف هو الحث على التفكير واحترام الشجو الداخلي من إرث وذاكرة حرة في جدلية المساحة الإبداعية تحقق الهواجس المعاصرة داخل طابعها الشخصي المرتبط بالعام المتوازي مع الحلم حيث الأدب يؤرخ الإنسان الذي هو منتج إبداعي كوني بامتياز.
- يمكننا هنا القول أن الكم التفاضلي للصور المشحونة بالإحساس ضمن الجملة والشكل المنتقى للتعبير /رسم كتابة .الخ/ يمكن أن يعزز الأسس التي لا تعتبر قيداً ولا هي حدود تضاف إلى مجموعة أحكام توثيقه على حساب الفني لأن المنتج الفني يستخدم كل طقوسه المتناقضة والمتوافقة من معارض مهرجانات أمسيات، ليعّبر عن الانطباعات والمواقف التذوقية والتي بمعظمها حالات ذاتية تحريضية تستخدم التأويل في تواصل لغوي بين المنتج والمتلقي، والمبدع الذي يختار لونه بوحي السليقة..
- ربما يكون الاتجاه العام لدى جيلنا هو نحو الإنتاج غير الموضوعي وهذا غير شاذ ولا غريب لأن الإبداع غير خاضع للثابت أو النسق والمادة الإبداعية انجذاب مضموني أسلوبي ولغة مدهشة تفرض تشويقها الخاص. حيث يتم رفع ظروف فرض المقاييس التي تحدد التفرد والاتجاه ليغدو المنتج حراً كحلم لا يتبع في حالته التسلسل المنطقي ولتصبح الماوراء هنا ليس حداً. وحتى الأمام لا يعني أفقاً. وليس عودة إلى ماضي بل هو لحظة عبور لخلق منتج يساعد على فلترة الحياة بين الواقع والحلم والتي تحتوي على مستويات أعمق من المباشرة لتطرح عدداً من الأسئلة ذات العلاقة بالحالة وهي هنا مفردات تقود لرحلة كشف دائم تحتمل سحرية عميقة وغموضاً حلمياً يعزز الإبداع الممهور بخيال متشابك مع الحياة. وبناء على ذلك يغدو النص الإبداعي الحاوي على خاصيته، ليس بعيداً عن المشكلات الاجتماعية والثقافية التاريخية والسياسية العامة، بل يقدمها ضمن رؤيا مضامينه. فمن المستحيل قراءة أو تناول أي نص إبداعي بمنأى عن بواعثه ونزعاته وأصوله الفكرية المختلفة التي تسهم في إنتاجه ضمن علاقات غير متشابه في كثير من مفاصلها. حيث يشارك المتلقي في تحقيق وظيفة النص وتكوينه بالوقوف عند تداعياته ومستويات تدفقه من خلال مجموعة للبنى والانشطارات في نسيج إبداعي يكتب حريته وتفرده بمجرد أن ينجز لأنه مفتوح على مساحة من الإشارات والإيحاءات التي تجعله غير سطحي في دلالته وتضع المتلقي في موقع المسؤولية والمشاركة لأنه الموقع المطبق علية المتخيل من المركب الإبداعي بغض النظر عن كيفية تناوله للمادة، لأنه أمام نص فيه الكثير من التأويلات التي توشيه بجملة من الخصوصيات الذاتية يستنتجها المتفاعل / المتلقي / دون أن يكون قادراً على تلمسها أو تحديد ها في النص المطبق / المفردة في الكتابة –أو الجملة في الموسيقى- اللون في الرسم. إلخ /لأن التفاعل هنا فطري معرفي حر ضمن صياغة تخيلية تبدأ من المبدع وتتصل بالمتلقي كمشارك أساسي للمادة الإبداعية لمواكبة حقائق تشبه الواقع لكنها ليست صورته الأمينة في شكل من التشظي الأكثر قدرة على تجسيد الحلم الذي يحصن الداخل ويقدم شكلاً مختلفا للواقع كما يراه. ماداً جسور التواصل الفكري لتحويل الدوافع المتشكلة من جملة معارفه وانطباعاته إلى منظومة من الصور الحركية تشمل الصورة المتخيلة. فيستخدم السرد اللاوعي في انسجام للمتناقضات التي تحّمل التداعي بفكرتها دون مخاتلة الوعي بل تكثفه من أجل منتج أكثر حيوية بمحاكاة الحلم الشامل للإنسان ليتشكل بفعله الطموح. بحيث تتاح للمتابع فرصة الاستمتاع بالحرية الداخلية لأنه يشكل شخوصها دون البحث عن حلول نهائية لمدلولاتها. والتي قد لا تكون متعددة فقط، بل متناقضة أيضا.ً وسواء أخذنا التناقض نحو القلق أو الرفض فإن البحث يبقى حافزاً يدفع بنا للاندماج مع ذاتنا ويحقق الإبداع إذا توفرت الشروط التي تلعب دوراً في تبلور الفعل التبادلي التخيلي التجريبي مع معطيات الفن من الداخل وليس من الفضاء بحيث لا يمكن تجسيد إبداع دون هم مشترك يخلق استعدادا للدخول إلى مناطق وعرة تنفتح على ثقافات مختلفة ولغات مختلفة يمزج الإنسان داخلها التأثيرات المتنوعة في وعي جمعي يتضافر مع مسارات الإبداع وضمن إيقاعات بثها بشكل يمتلك تقانات تعبير مختلفة.
- أي أنه منتج إبداعي لا يتبع قاعدة ثابتة ضمن مفهوم التعاطي السائد بل يشكل مسارات خاصة لتحقيق صيغ أكثر انتماء للاشتباك المأزقي الإبداعي والذي يراكم لفكرة سوف تشكل المعيار الذي يقيم الأداء بالتفاعل مع متلقي يستطيع أن يتواصل وأن يدافع عن حقه في كسر المفاهيم الآلية. وأن يّعد روحه بحالة إبداعية تمتلك المصداقية في الأسلوب والتعبير حيث الاختلاف خيار مطروح رغم اشكاليته.
- دون الانشغال بالتغريب خارج السرب بالمعنى الإنساني فقط لأن المدجن هو الأكثرية وبالتالي الأكثرية تفرض المعيار والقوانين والنظام فتبدو معتدلة وعاقلة والحقيقة هنا بلاغية تعمل على ربط المتخيل مع الواقعي دون إهمال المهارة في التعامل مع التفرد الذي لا يقل شغفاً وحنيناً.
وعليه يجب أن تحمل الحالة الكثير من الصبر والتبصر لتصير التجربة خلاقة ومفهومة بعيداً عن العزلة تجربة مشحونة بالعذوبة والإبداع لا ترفض الآخر بل تؤسس لإعادة إنتاج إنساني ينسجم مع تطلعاتها دون أحكام قيمة تتبدل بتبدل المواقف والأهداف التذوقية فيخسر المبدع فرصته للتعريف بمادة قد تكون مهمة وضرورية لرفد الإبداع. فقط لأنها تأخذ ظاهرياً شكلاً من عدم الانسجام فلا نتعاطف مع النص ولا ندفع به نحو الابتكار لأنه يعيد صياغة المعطيات بهدف يحدده المبدع بالتداعي وليس بإملاءات التوافق وربما الاختلاف أيضاً. و هي بالتأكيد فسحة حرية شاسعة تربط الفكرة بحاملاتها من أدوات إبداع داخل مجالات مدركة وغير محددة لتكتشف ذاتها في تنويعات لا تنهي.
تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

تيمم بالزهر ومضى

03-أيلول-2006

تنشر صوتك على مآذنها السماء وتنام

17-تموز-2006

تخصبُ انتظارها بالحب

28-أيار-2006

نقد / نحو أفق يتخطى حدود الطوفان

10-نيسان-2006

نص / لغد مشغول بالأمل

10-نيسان-2006

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow