Alef Logo
ابداعات
              

قصتان

ثورة الرزوق

2006-06-09

خاص ألف
هدية أوروبية

قرر زوجي ، في نهايات عام 1988 ، و الثلج يتساقط على عتبات الأبواب ، أن يشتري لي هدية العام الجديد. عبارة عن سلسلة ذهبية يتدلى من وسطها برج الدلو، الفترة الفلكية التي ولدت خلالها. طلب ذلك بالبريد , و أودع الرسالة في صندوق أحمر ذهبنا إليه سيرا على الأقدام. كنا نتاجى فيما بيننا حول خطط المستقبل. و في نفس الوقت نحاول أن نتحاور مع النجوم البعيدة التي اختفت وراء غطاء قاتم من السحب.
و الحق أقول ، كنا نجهد أنفسنا في حل ألغاز الغد و الأعوام القادمة. ماذا لديها من أجلنا ، و كيف ستنموهذه العلاقة الجديدة ، إلى بيت مستقر أم نحو طوفان الحياة الذي لا يأتي معه غير التعاسة.
**
وصلت الهدية ، و وضعتها حول عنقي.
عام جديد ، كان الدلو براقا ، و حامله من غير ملامح. و لكنه على ما يبدو في نهاية الظُرف
و الأناقة، ببدنه العاري الذي لا تستره غير ورقة توت. لا أعلم لم ندل دائما على التستر بهذه الشجرة الطيبة ، و لا نقول ورق تين أو صبار ، أو حتى وردة بنفسج.
لقد دأبت على ارتداء هذه القلادة لمدة 24 ساعة يوميا ، و أنا في المطبخ أطهو ، و أنا في الحمام أغتسل ، و أنا في الصالة أو البار في خضم نشاطاتنا الاجتماعية العادية.
لقد كان لرمز يوم مولدي بريق يخطف الأبصار ، كأنه شعاع أضرمت نيرانه.
**
بعد أسبوع بدأ الذهب يقشر ، و طبعنا المعدني المزيف يظهر من تحت هذه الطبقات الخفيفة و الرقيقة جدا.
انتظرت عودة الزوج ، زوجي أنا ، في نهاية اليوم.
و حين وصل إلى بهو الصالة. كنت أقف له هناك بالمرصاد ، بيدي البرج و سلسلته و على وجهي نظرة اتهام. مع أنها كانت عادلة ، أعتقد أنها ذات بريق أقوى من الذهب المزيف الذي بدأ يتلاشى..
من غير كلمة واحدة ، اقترب مني ، و همس بأذني : فهمت..
لا تزال هذه الذكرى بحوزتي ، و مع أنها باهتة و كامدة من ناحية الألوان ، غير أنها ذات مغزى.
لم نتجادل في تلك الليلة حول القيمة المادية للهدية ، و لا معنى هذا التزييف المقصود و المبيت له مسبقا. و ذهبنا إلى استراحةقريبة ، جلسنا قرب موقد النار ، و بدأنا نتناقش في فوكو ، و حفريات المعرفة ، ثم في الطبيعة الغامضة للرسائل التي تصلنا من الأهل.
و أخيرا بهذا البرد القارس و الأبيض..
**
حدث ذلك في شتاء بقي منه عندي صورة أضعها في إطار ، و نار الموقد واضحة ، كأنها تعكس حقيقة المشاعر الملتهبة التي كنا نحترق بها....
طعام الجياد

رجل شجاع ، دائما الخوذة على رأسه و البارودة على كتفه. لا يهاب الموت و لا الأمطار ولا برق السماء. كان يرى في منتزه عمومي يذهب إليه ليستعيد توازنه النفسي حصانا مربوطا بجذع شجرة و أمامه جرن من الأعلاف الخضراء الطازجة الشهية.
في آخر مرة لاحظ أنه لم يمسس طعامه مع أن وقت الغداء قد أزف. سأله بطريقته الخاصة : لماذا لم تتناول طعامك أيها الحصان..
رفع الحيوان القوي رأسه إلى أعلى ، و نظر إليه من أعماق عينيه الواسعتين و الكحيلتين ، أو هذا ما خيل إليه ، و قال : لأنني أتبع حمية قاسية..
فهم ذلك . لقد كان ذكيا بما فيه الكفاية ليخاطب الدواب.
هز رأسه و غادر مقعده. طبعا ليتناول طعامه.
في اليوم التالي ، كان الطقس مشمسا ، كانت الرياح رشيقة في المنتزه ، و تهب من بين الأشجار على شكل سحابات ملونة.
كان الحصان ذاته هناك. بعرفه الأشهب الذي ضرب لونه إلى الأشقر الرمادي ، و بسرجه المزركش و الخلاخيل المربوطة به . كان يلتهم الطعام من الجرن بشهية.
قال له و هو يقضم لقمته الأخيرة : أرى أنك اليوم تبتلع الطعام أيها الحصان..
مثل الأمس نظر إليه بتكبر ، للجياد كرامة مثل بني البشر تماما ، و تنتابهم مشاعر اعتزاز و تجبر. ثم قال له : هذا لأنني أتبع حمية قاسية..
كانت الكلمات واضحة ، لكن المعنى لم يكن كذلك. كيف تمتنع عن الطعام ثم تلتهمه لنفس الأسباب.
ألقى عليه التحية ، و غادر . و في طريق العودة إلى البيت مر من حقول واسعة. خضراء . كانت توجد هناك عدة أحصنة قوية. و لكن حرة من غير رسن و لا سرج على ظهرها. و كانت تقضم أعشاب الأرض ، و أحيانا تبتلع التراب و تطحنه. لقد سمع صوت هذا الخليط غير الواقعي من التراب و النباتات و هو يسحق بين صف أسنانها. بدافع الفضول اقترب من إحداها. أنثى رمادية ذات بقع بيضاء. و سألها :
هل تأكلين لأنك تتبعين حمية قاسية.
لم ترد مباشرة ، بل إنها نادت على باقي أفراد القطيع ، حضروا جميعا و هم يدبون على حوافرهم. و اجتمعوا حوله . شاهد عدة ابتسامات على وجوههم. حتى أنه لمح اللثة الوردية القاتمة في الداخل. و الطعام الذي صبغ الأسنان المربعة بألوانه.
الآن ردت الأنثى ، حسناء القطيع ، تقول : هذا كلام حصان جر مربوط ، نحن جياد حرة للاستعراض فقط.
هز رأسه بخجل. حسنا ، قال ذلك ، ثم أضاف : فهمت.
لم يعلم بم كانوا يتهامسون ، و هو يبتعد عنهم. لكنه سمع صهيلا خافتا ، كانت تتخلله دقات حوافر على أرض غبارية.
قال لنفسه و هو يشرب من مضخة مياه تسحب الماء البارد من أعماق الأرض :
هذا و لا شك منطق الجياد. للجياد منطق خاص بهم.
ثم تابع طريق العودة..



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هل نكتب بحد السيف

30-تشرين الأول-2007

قصة / البيت المريح

17-آب-2007

قصائد للشاعرة الرومانية هاريكليا ميرونيسكو ـ ترجمة

31-تموز-2007

قصة / مديري الجديد

20-آذار-2007

إيروتيك / هواجس غير أمومي

18-تشرين الثاني-2006

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow