Alef Logo
أدب عالمي وعربي
              

قصة / انظر خلفك بغضب / خيال في المرآة

ثورة الرزوق

خاص ألف

2006-06-13


هل لديك الشجاعة لتقر بإثم ارتكبته ؟.
أنا أتحلى بهذه الصفة.
لدي ما أخبركم عنه.
كانوا يصنفونني بالمقاييس السائدة بين الجذابات . سمراء . رفيعة. و أنى أتيت ترتفع درجة حرارة المكان. ثيابي من نوع ورقة التوت ، تستر ما هو ضروري فقط.
و كنت أبتسم للرجال ، ممن هم في سني أو أكبر قليلا . و أحيانا أؤدي في الفضاء حركات لا أقوم بها لو كنت محجوزة وحدي في حجرة موصدة ، و أنا أقرأ ثلاثية ( الأخوة كرامازوف ) لديستويفسكي . إنه كتابي المفضل من بين الألواح القديمة التي يعرفها الجميع : حرب و سلام تولستوي ، و قصة مدينتين تشارلز ديكنز و هلم جرا..
و لكن ابتسامتي قد تتحول إلى طلقة قاتلة أوجهها إلى رأس أي رجل مذكر أشعر أنه يفكر بي في أحلامه السعيدة.
نحن الإناث لدينا السبل لنستدل عمن يفكر بنا في خلوته . لقد أصبحت مجرمة بالغريزة . أنثى عنكبوت . لا أتوانى عن قتل أي رجل يسوقه القدر إلى شباكي.
للإناث أسلحة خفيفة ، و لكنها فتاكة . لقد أخطأ من قال : الحديد لا يفله إلا الحديد.
بعد أن اتخذت قراري السلبي الأول ، و أقدمت على الزواج من امرئ كل ميزته أنه كان يعيش في إنكلترا ، و موديرن ، و دجال ، و هو دائما متورط في الكلام عن ثقافة الجسد و المجتمع الأمومي و السيميائية و المستقبل المبهم الذي يظن أنه عبارة عن مغامرة ، قد تفوز بها و قد تخفق ، رافقته إلى هناك . إلى الجزر البريطانية طبعا. و معي عدة العمل. أثواب ضيقة و قصيرة إلى ما فوق الركبتين . ثياب داخلية لها شكل فراشة أو سنجاب أو حتى غراب . كم كنت أتمنى لو أنعق و أنا معه في الهايدبارك على ضفة البحيرة المتجمدة التي يسيرون عليها بالدراجات الهوائية.
في داخلي مشاعر بغيضة ، و لكنني أحبذ لو أعبر عنها.
أحيانا يخطر لي لو أغتصب رجلا بعد أن أثبت قدميه و ساعديه بأطراف السرير ، ثم أجلده حتى يدمى. أنا أحقد على الرجال ، و أظن أنهم صنف منحط في سلم التطور و لا بد لنا من تعديله جينيا حتى يرقى إلى مستوانا، نحن النساء المستهترات.
في آخر نزهة ليلية لنا ، و لم أكن بعد أحمل جنيني الأول ، ذهبنا إلى حانة راقية، ذات جدران خضراء ، و لها شكل قارب من غير شراع . و كانت نوافذها واسعة . لذلك بوسعك أن ترى من هم في الداخل ، يشربون البيرة و النبيذ ، يدخنون و يتهامسون ، و كأن في رؤوسهم المتقاربة مؤامرة.
لقد جلسنا ، كلانا ، على منضدة مستديرة ، أمامكنا كوبان. في أحدهما جعة و في الآخر عصير برتقال.
لم نمسس الكوبين.
عندي الجرأة لأعترف إنني كنت السبب. لقد عاودتني تلك الهواجس القديمة عن ضرورة قهر الرجال ، اصطياد ضحية أخرى إلى شبكتي ، شبكة العنكبوتة الكبرى السامة ، الأخت الرتيلاء الأصلية ، بتعبير الأستاذ صلاح دهني في كتابه ( حين تموت المدن ) ، فركزت عيوني على شاب كان يبتسم و يتحدث مع أصدقائه بطلاقة.
و لما لاحظ ذلك ، جفت ضحكته ، و بدت عليه علامات الإرتباك . لم يعد يوقن ماذا يفعل ، أظن أنه أسقط في يديه.
أما شريكي ، الزوج ، الموديرن ، الذي لاحظ بدوره ذلك ، قرر أن يهجر الكوب الذي أمامه و اختار من بين الحضور ، فتاة بيضاء ، شقراء ، بثوب أسود من القطيفة، ظهرت به على شكل رقعة من الكلمات المتقاطعة ، و بدأ بتوجيه ابتسمات معسولة إليها.
لا شك أننا لفتنا الانتباه بهذا التناقض في السلوك ، و لكن لأوروبا و للمجتمع الأوروبي قوانينه.
لا تتدخل فيما لا يعنيك....
خيال في المرآة
بعد العودة مساء إلى البيت أسرعت إلى الحمام ، من أجل دوش ماء دافئ. و ربما دعكة بالليفة المبلولة بالماء و الصابون المعطر ، استعدادا لقليل من القراءة، كانت لدي قرب الوسادة رواية لأيريس مردوخ ، مع خلفية موسيقية مناسبة قبل الاستغراق في النوم.
بسبب ندرة الوقود في الفترة الأخيرة ، وصلت فيش الكهرباء بخزان المياه. و بدأت بترتيب هذه الطقوس حسب الصورة التي في الذهن.
إضاءة خفيفة عند السرير. مد الملاءات و ثنيها لتبدو و كأنها ستائر مخدع ملكي لا تعوزه الرومانسية. عصب الحياة الحديثة التي تعاني من ضغط الفولاذ و الحديد و آلات تدور من غير قلب و لا مشاعر.
ثم تخليت عن ثيابي . عارية . لا تسترني غير رغباتي البسيطة و أحلامي التي لا حدود لها ، دخلت إلى الحمام.
فتحت الدوش ، و تركت الماء الدافئ ينهمر على الأرض. و منه كان يتصاعد بخار هو المعادل الموضوعي لعواطفي المتناقضة عن أمس ميت ، حاضر خائن ، و مستقبل مشكوك به ، بعيد عن متناول اليد ، و لا يتأقلم مع زهرة أحلامي.
كانت هنالك فوق المغسلة مرآة صغيرة في إطار نحاسي أصفر مزخرف . لا حت مني التفاتة إليها ، فلاحظت كيف تبدلت ملامحي في الفترة الأخيرة، لقد أصبح لون عنقي قاتما بالمقارنة مع بقية الأجزاء الأخرى من بدني.
ظل الأيام بدأ يترك آثاره على ما تبقى. و لكن البريق في داخل العينين كما هو . إنه النافذة الوحيدة التي تصل الروح بالعالم الواقعي في الخارج.
خلال لحظات قليلة ترسب بخار الماء على المرآة . صورة خيالي المطبوع عليها أصبح مبهما. و هنا أخذت بيدي الليفة. غمستها بالماء الحار. ثم سكبت عليها الصابون السائل. و باشرت أدعك بها جسمي. من الكتفين و العنق ، هبوطا إلى ما هو أدنى ، فما هو أدنى ، و هكذا...


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هل نكتب بحد السيف

30-تشرين الأول-2007

قصة / البيت المريح

17-آب-2007

قصائد للشاعرة الرومانية هاريكليا ميرونيسكو ـ ترجمة

31-تموز-2007

قصة / مديري الجديد

20-آذار-2007

إيروتيك / هواجس غير أمومي

18-تشرين الثاني-2006

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow