Alef Logo
ضفـاف
              

سقف العالم

عبد القادر الحصني

2020-04-04

ما كان لهذا الشاعرِ أنْ يزعجَ صمتَ الأبديَّةِ،
أو يفتحَ فاهْ.

لكنَّ الماء تأخّر،
والعطش المزمنُ صار خجولاً من أنْ يأخذَ حين يرفُّ السّوسنُ شكلَ شفاه.

ما كان لهذا الشاعرِ.. لكنَّ الأطفال اقتحموا عزلته بدمٍ صدْقٍ، وبكوا:
أين نجوم اللّيلِ؟
وأين طيور الفجرِ؟
وأين قِبابُ الرّوحِ؟
أيعقل أنَّ إلى هذا الدرْكِ الأسفلِ أمسى منخفضاً سقفُ العالمِ يا اللّه؟!

لا أعرف، قال الرّبُّ:
أطلَّ على الزّقّورات العاليةِ القاماتِ ببابلَ،
والأهرامات بمصرَ،
وحدّق في جبل الأولمب،
اغتمَّ على جبل الطورِ،
تنهّد في درب الآلام إلى جلجلةِ الصَّلبِ،
ومسَّحَ بالهدبين على غار حِراءْ

ليس بوسعي أنْ أفعل أكثرَ من ذلك قال الرّبُّ،
فأطرقَ كهّان وفلاسفةٌ،
وارتبكَ القدّيسونَ،
وحوّم أسرابُ طيورٍ غامضةٍ فوق وجوه الشعراءْ.

نحن وحيدون، إذنْ، في عرباتٍ مغلقةٍ.
نتوهّم بوّاباتِ العالم أقواساً،
تحملها أبراجٌ،
ويقوم على عتبات مداخلها عرَّافون يرون المستقبل من خلل ضجيج العربات،
ويسعون إلى إغلاق التّاريخْ...

ما معنى أنْ نرسلَ مركبةً تستقصي أخبار فضاءِ الكون،
وتستقرئ أحوالَ المرّيخْ؟
نحن وحيدونَ..
وهذي المقصوراتُ المصفوفة في عربات قطارٍ لا تعني أكثرَ من أنّا مجتمعون فرادى، حين ننام وحين نقوم، وحين نكسّر وَحشة ما بين النّوم وبين اليقظة بالضّوضاءْ.

هذا لا يعني أكثر من أنَّا غرباءْ.
غِربان سودٌ، في اللّيل الأسودِ، فوق الأرض السّوداءْ.
فلِمنْ ألَّفنا هذي الكتبَ الضّخمة، أو لوّنّا هذي اللّوحات الفارهة الأضواءِ، وشيّدنا فوق الأجْبالِ قلاعاً ومراصدَ، ثُمَّ وقفنا في منفرجٍ للبحرِ، تلوّحُ أيدينا بمناديلَ يبلّلها الدّمع، ونخفي عن أنفسنا، في عزّ الظهر، حقيقة أنّا لم نأتِ لنستقبلَ أو لنودِّعَ! ما مِن أحدٍ... لسنا إلّا بشراً مهجورين بميناء مهجورْ.
حسنٌ الشاطرُ لن يحدثَ أنْ يجدَ السّتَّ بُدورْ.

يُحكى أنَّ فمي ممتلئٌ بالرّملِ، وأنّ حكايات الجدّاتِ انقرضتْ،
والجدَّات، حزيناتٍ، أودِعْنَ بمأوىً للعجزة...
يُحكى عن أقمارٍ تبردُ في اللّيلِ،
وعن أنهارٍ تعطش مثل مجاري السّيلِ،
وعن نسوانٍ عجْفاواتٍ مَصبوغاتٍ بالأبيضِ والأحمر والأخضر والكحليّ،
ومقطوعات الحيلِ،
ويُحكى...

- هذا رجلٌ شبهُ مريضٍ يهذي بالهُجْرِ من القولِ
يريد ليغلقَ في أوجهنا كلَّ رجاءٍ بالنّعمةِ،
أنْ يسلبنا أبسطَ أنواعِ الحكمةِ،
وهو يريدُ ليصبح مشتَهراً أنْ يكسرَ مزراب الرّحمةِ...
فوق رؤوس الأجيالْ

سُدّوا فمَهُ بشعارات الوطن البرّاقاتِ،
أَرُوهُ الصّبح المشرقَ، يبزغُ من صفحاتِ بطولات الأبطالْ
ليس بجرَّة حِبرٍ من قلمٍ يُنسفُ هذا الصّرحُ الشامخُ من أكداس الورَقِ المملوءةِ بالأقوالْ

سَدَّوا فمَهُ بالورق، عليه أوساخٌ من صورٍ...
وأصمُّوا أذنيه بالخطب العَصْمَاواتِ،
ولكنْ بقيتْ عيناهْ
تريانِ القصفَ الهمجيَّ على مدنٍ آمنةٍ،
تريانِ فظاعةَ ما يفعلُ رأسُ المالِ بأجساد الأطفالْ
بقيتْ عيناهْ
وتبقّى وجعٌ لسؤالٍ في عينيهِ؟
لماذا منخفضٌ سقفُ العالمِ يا اللّهْ؟
تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

سقف العالم

04-نيسان-2020

أجل. حاولت أن أكتب قصيدة حبٍ. حاولت فقط. وهذه مرافعتي.

07-آذار-2020

نصوص

20-تموز-2019

حوار مع الباحث السوري فراس السواح أجراه

21-تموز-2018

حوار مع فراس السواح أجراه

10-شباط-2018

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow