Alef Logo
ابداعات
              

الحي الشرقي / رواية

منصور المنصور

خاص ألف

2020-09-05

الورقة الأولى

ولدت في حي يقع على تخوم العاصمة ستوكهولم. يخترقه لسانان مائيان، وهما استطالتان للأرخبيل الضخم الذي تقع عليه ستوكهولم. عدد قاطنيه الآن يزيد على الأربعين ألفا، كلهم من أصول مهاجرة، من دول أفريقية وآسيوية، وبعض دول أوروبا الشرقية. لم أغادر الحي أبدا حتى أصبح عمري 14 عاما، عندما بدأت أدخل مرحلة المراهقة. عندها بدأت أقارن بين حيّنا والأحياء التي أمر فيها أو اذهب إليها لسبب أو لآخر. في المقارنة تبين لي أن الحي فيه الكثير من الفوضى، والازدحام، والحركة والحيوية. متى وأينما ذهب المرء وجد المراهقين والشباب يملؤون الشوارع صخبا وحركة. أما مركز الحي فهو أكثر الأماكن ازدحاما بالناس من مختلف الأعمار. مراهقون ورجال وشيوخ. نساء وصبايا، أغلبهن محجبات، وبعضهن منقبات. أطفال برفقة أمهاتهم. يرى المرء كرنفالا من الأزياء متعددة الألوان، ويسمع لغات متعددة، أفريقية وعربية وآسيوية وسويدية. يتشكل السوق التجاري للحي من متاجر كبيرة أو مولات مثل " إكا ماكسي والكوب، والدولار، وليز وإلغيغانتن " وهذه كلها متاجر سويدية عملاقة. ثم تأتي متاجر الألبسة، وهي أيضا متاجر سويدية كبيرة، ثم سلسلة مطاعم الوجبات السريعة العالمية مثل، ماكدونالدز، كينتاكي، وماكس، ثم متجر بيع المشروبات الكحولية، ثم يأتي سوق للخضار والفواكه، وهو سوق شعبي جدا، يتكون من أبنية ذات طابق واحد وأمام كل متجر عربات وبسطات وخيم. يفرد الباعة بضاعتهم بشكل يمكن للمرء أن يراها ليشتري ما يريد. بعد السوق يأتي مستوصف الحي، وهو بناء ضخم مكون من عشرة طوابق، ثم بناء متطاول يضم سوقا مغلقا يحتوي على صيدليتين، ومطاعم وبيتزيريات، ومحلات للألبسة والأحذية، وكافيهات، ومهن أخرى.

بعد السوق التجاري مباشرة، حيث تبدأ الأحياء السكنية تحيط السوق من جميع الجهات، يقع المركز الإسلامي لحوار الأديان، الذي أسّسه ويديره جدي قاسم، جدي لأمي. وهو بناء كبير، مؤلف من طابقين، يضم صالة كبيرة كمسجد للرجال وأخرى للنساء. كما يضم صالتين للمحاضرات والدروس الدينية، وصالة لإقامة العزاء في حالة الوفاة، ومكاتب، ومكانا للوضوء، وحمامات. يقع المركز الإسلامي على تقاطع شارعين رئيسيين، وعلى امتداد الشارعين تقوم سلسلة من البنايات ذات العشرة طوابق. هنا تسكن عائلتي وأقربائي. يطلق جدي قاسم عليهم لقب العشيرة والعزوة. يتجاوز عددهم المئة شخص.

كان وما يزال نظام العائلات هو المسيطر على الحي. فالعديد من المهاجرين الأوائل جلبوا وعلى مدى سنوات عديدة أقرباءهم من مواطنهم الأصلية، ليشكلوا حماية لهم، على الرغم من أنهم ليسوا بحاجة لحماية من أحد لأنهم في دولة المواطنة المتساوية، والقانون يسري على الجميع وبالتساوي، إلا أن كل المهاجرين قادمون من مجتمعات ذات ثقافة ما قبل حداثية، تعتمد في حماية نفسها على العائلة والعشيرة والصلات والنفوذ، إضافة إلى طغيان السلطات في تلك المجتمعات وانتشار الفساد. كل تلك الأسباب وأسباب أخرى أدى إلى إلغاء القانون في الواقع، ولكنه موجود على الورق فقط. تميز حينا بكثرة العاطلين عن العمل وتدني مستوى التعليم. وهذا أفضى إلى انتشار المخدرات والدعارة. وهذه الأعمال تقتضي الجريمة للردع والردع المضاد، وهذا عزز الاعتماد على العشيرة وغياب القانون. ثم إن الحكومات السويدية المتعاقبة تتحمل مسؤولية كبيرة عندما تخلت الشرطة السويدية عن واجبها بدخول الحي وفض النزاعات وإحالة المجرمين للقضاء. إن غياب الحكومة المتمثلة بالشرطة عزز مواقع المجرمين، الذين بدورهم عززوا وأنشؤوا النشاطات التجارية الممنوعة مثل المخدرات والدعارة وتجارة السلاح.

سيطرت عائلتان، وبالتعاقب، على الحي منذ أن بدأ المهاجرون يشكلون أكثرية وحتى الآن، حيث انتقل جميع السويديين من الحي. أما عائلتنا – العشيرة – فقد سيطرت على الجانب الديني أو " السلطة الدينية". وصادف أن سمعت قصة تلخص ما حدث من صراع بين عائلتين انتهت إلى سيطرة العائلة الثانية.

منذ أن كنت طفلا، لا يتجاوز عمري ست سنوات، وأنا أرافق جدي قاسم. كنت الحفيد المفضل لديه. أمضي أغلب وقتي عنده، في المركز الإسلامي، حيث عمله ومكتبه، أو في شقته.

سمعت القصة وكان عمري 14 عاما. كنت في مكتب جدي أجلس في الزاوية، اقرأ في كتيب صغير اسمه " قصص الأنبياء " معد للأطفال. كان جدي يجبرني على قراءة مثل هذه الكتب عن طريق رشوتي إما بالنقود أو يشتري لي كرة قدم أو أي لعبة أطلبها منه. دخل رجل يُدعى " شريف القوي "، في منتصف الثلاثينات من عمره. لفت نظري جسمه القوي، شارباه الكبيران، وصوته الجهوري، وحدة نظراته، وحاجباه الكثان. كل حركاته توحي بالقوة والاعتداد والثقة بالنفس. لأول مرة أرى رجلا يتحدث إلى جدي بهذه الطريقة. طريقة توحي أنه لا يهاب جدي، بل على العكس من ذلك كان جدي يتعامل معه بلطف مبالغ فيه. في تلك اللحظة نسيا وجودي، أو اعتبرا وجودي ليس ذا أهمية. شعرت أن للموضوع أهمية كبيرة، لذلك رحت أصغي وأنا أتصنع أنني اقرأ في الكتاب، ولم أقم بأي فعل أو حركة تلفت الانتباه. راح شريف القوي يتحدث إلى جدي بطريقة ليست استفزازية ولكنها قوية وصارمة، قال:

"يا حاج قاسم، أتيت إلى هنا لوضع النقاط على الحروف. ارجو ألا تقاطعني حتى أنهي كلامي."

هز جدي رأسه وقال:

"ـ تفضل."

تابع شريف القوي:

"عائلتي أتت إلى الحي عام 1970، قبل عائلتك بعشر سنوات. أتى أبي وأمي ومعهما أربعة أبناء، وكان عمري حينها سنتين. في ذلك الوقت كانت عائلة البوغورومي مسيطرة على الحي. اعتقد أنك سمعت الكثير عن قصصهم في ذلك الوقت. تلك العائلة الخبيثة قدمت إلى الحي قبلنا بعشرين عاما، وهي من أسست أول بيوتا للدعارة، وأدخلت العاهرات إلى الحي، ثم راحت تستخدم بعض نساء الحي كعاهرات. كانت عائلة قوية جدا، لديهم نفوذ على الناس، ويمتلكون أسلحة وملايين من الدولارات. استأجروا مجرمين محترفين، في ذلك الوقت، كي يخضعوا الحي لهم، ونجحوا في ذلك.

بعد شهر من وجود عائلتي في الحي، بدأت المشاكل بين أبي من جهة وزعيم تلك العائلة المدعو " الأب ناغومي ". حاول الزعيم إخضاع أبي لسلطته في وقت مبكر، لأنه استشعر أن أبي صعب المراس ولن يخضع له، وسيشكل له عقبة في المستقبل. كانت أمي ذاهبة للتسوق، أوقفها أحد رجال البوغورومي، وراح يتحدث اليها باللغة السويدية. لم تكن أمي تفهم السويدية في ذلك الوقت. شرع الرجل باستخدام يديه، لغة الإشارة، كي يفهمها ما يريد. ما فهمته أمي أن الرجل يريد أن يمارس الجنس معها مقابل المال. كانت هذه إحدى الطرق التي تستخدمها عائلة البوغورومي، لإخضاع القادم الجديد. بصقت أمي في وجهه، وعادت مسرعة إلى البيت. تحدثت إلى أبي، الذي شعر بإهانة شديدة وهو لا يعلم من هو هذا الرجل. ظن أن المسألة مسألة تحرش جنسي. خرج وبرفقته أمي كي ترشده إلى الرجل. لم يعثرا عليه. استمر أبي يخرج إلى الشوارع وبرفقته أمي، يدوران في الشوارع ويذهبان إلى مركز الحي وكل الأماكن العامة علهما يصادفان ذلك الرجل، إلى أن عثرا عليه. عندئذ طلب من أمي أن تذهب للبيت. رفضت أمي طلبه خوفا عليه، ولكن أبي رمقها بنظرة جعلتها ترضخ للأمر. كان أبي قد تسلح بسكين حادة جدا. راح يراقب الرجل ويتبعه من مكان إلى آخر حتى أصبحا وحيدين، في مكان خال من الناس. وضع أبي قطعة قماش على وجهه كقناع، ثم انقض على الرجل بسرعة البرق، وراح يعمل سكينه في وجه ذلك الرجل، وبلمح البصر كان الدم يسيل من وجهه، ثم ركض أبي هاربا قبل أن يتجمع الناس، ويصل الخبر لعائلة البوغورومي. تم إسعاف الرجل وإنقاذ حياته، ولكن بصمة أبي على وجه ذلك الرجل ما زالت وستبقى إلى الأبد. لقد تشوه وجهه، ولم يستطع الأطباء إصلاح الأمر لأن الطعنات كانت عميقة. لم ير أحد أبي، حتى الرجل المغدور لم ير وجه أبي. زعيم البوغورومي " الأب ناغومي " عرف بالحدس من تجرأ على أحد رجاله وقام بتشويه وجهه. إنها رسالة بليغة الدلالة.

أحدهم، من الذين يكرهون عائلة البوغورومي، أوصل الخبر لأبي أن الأب ناغومي قرر الانتقام منه. اختفى أبي عن الأنظار، لم يعد يخرج من البيت، وراح يتواصل مع أقربائه القاطنين في أماكن مختلفة في السويد. قرر بعضهم أن ينتقل إلى الحي من أجل حمايتنا، بينما راح البعض الآخر يزور الحي من حين لآخر. خلال ثلاثة أشهر انتقلت إلى الحي عشر عائلات من أقاربنا، كل عائلة تضم ما بين ثلاثة وسبعة شبان. خرجوا إلى الشوارع، وراحوا يستعرضون قوتهم وهم يحيطون بأبي من جميع الجهات، وكل واحد منهم يحمل سلاحه. لأول مرة بتاريخ الحي يظهر السلاح جهارا نهارا. ثم راحت العائلة تخطط لجلب المزيد من الأقرباء من الوطن الأصلي، عن طريق التهريب أو الزواج

اطمأن أبي أن الحادث قد مر بسلام، وأن الأب ناغومي تناسى الإهانة التي وجهت له، وخاصة أن عائلتنا بدأت تكبر وتتعزز قوتها، لذلك خرج للعلن وبدأ يمارس حياته الطبيعية، ولكنه تلقى طعنة في بطنه، أدت إلى استئصال جزء من معدته. هذه الحادثة أعلنت الحرب بين أبي وأقربائه من جهة وبين عائلة البوغورومي من جهة أخرى. استمرت الحرب لمدة عامين، انتهت عندما قتلنا زعيمهم الأب ناغومي. كانت الخسائر فادحة علينا وعليهم، لقد فقدنا خمسة شباب وهم فقدوا سبعة وزعيمهم. جرح العشرات من الطرفين، وتم حرق عشرة بيوت للطرفين وخسائر كثيرة أخرى. إلا أننا انتصرنا وتم ترحيل كل أفراد البوغورومي، إلا الذين اعترفوا بسيطرتنا على الحي. كما كان من نتائج الحرب أن منعنا الشرطة من الدخول إلى الحي. لقد خسرت الشرطة اثنين منهم وجرح ثلاثة. منذ ذلك الوقت ونحن ندير الحي كما نريد، نحن السلطة ولا نريد لأحد أن يشاركنا، ومن سيحاول سيخسر الكثير.

شعر جدي بالإهانة، لذلك قال:

ــ ماذا تقصد يا سيد شريف؟

أجاب شريف:

ــ أقصد أن تبتعد عن طريقنا وإلا ستخسر. لقد أسست المركز الإسلامي وباركنا لك هذه الخطوة. نحن نعرف أن نقودا هائلة تحصل عليها من السعودية مقابل ذلك، ومع ذلك مبارك عليك. ثم غيرت ولاءك وارتبطت بقطر، وتدفقت أموال قطر عليك بغير حساب. أيضا نقول لك مبارك عليك.


قاطعه جدي بحدة:

ــ لا أسمح لك بهذه الاتهامات.

قاطعه شريف بصوت أعلى وصارم:

ــ اسمعني للآخر. لم آتِ كي أسمعك. إياك والتذاكي معنا، الغلطة معنا لن تتكرر، نحن أشبه بكهرباء التوتر العالي، الغلطة الأولى تكون الأخيرة. لسنا ضد أن تجلب النقود من أي جهة كانت، ولسنا ضدك بأن تكون رجل دين ويستشيرك كل أهل الحي، بل بالعكس نحن معك، سندعمك ونقويك ونقف في وجه أي كان إن أراد أن يعاديك، ولكن لا تحاول أن تقف في وجهنا، ولا أن تستغبينا ولا حتى تلميحا. لا تحاول أن تهمشنا وإلا سوف تختفي وإلى الأبد.

نهض شريف وقد أنهى كلامه بهذه الجملة الواضحة الدلالة، القاطعة والحاسمة، وخرج. ساد صمت ثقيل وجدي لا يزال جالسا في مكانه. بدا خائفا، تائها، شعرت أنه مات. أصبح وجهه شمعيا، خاليا من أي حياة. خفت لأول وهلة، ثم عندما حرك يده ووضعها على رأسه أدركت أنه ما زال على قيد الحياة.

نحن كعائلة غير قادرين على مواجهة هؤلاء، إنهم مجرمون، يديرون شبكات تهريب المخدرات والدعارة في الحي وبأحياء أخرى في مدن أخرى. ولكن بالمقابل نحن، العائلة والأقرباء، حصلنا على تعليم في الجامعات، والجميع يعمل، ولجدي نفوذ ديني كبير على الناس .

في المساء من نفس اليوم زار أبو شريف جدي، بصحبة أولاده الأربعة، يكنى بأبي عاصي، لأن ابنه الأكبر اسمه عاصي،كان في استقبالهم جدي وأولاده وأبي.

كان جدي متحفظا في البداية، بل متجهم الوجه، إلا أن أبا عاصي قال له:

ــ يا حاج نحن نعتذر عن بعض الكلمات التي قالها شريف لك، ربما كانت قاسية بعض الشيء، ولكن نحن نريد صداقتك وحمايتك.

قال جدي باستنكار:

ــ حمايتي!؟ ممّن؟

قال أبو عاصي:

ــ هناك الكثير من يحسدونك على ما أنت به من نعيم ومنزلة بين الناس، أنت تعرف أن الحي مليء بالمشاكل. وهناك الكثير ممن لا يرتاحون لخطبك أيام الجمع ولا لدروسك الدينية، لأنهم بلا أخلاق، ولا يريدون لرجل فاضل مثلك أن يتحدث عن القيم والأخلاق. نحن سنتكفل بحمايتك ونصبح أصدقاء، وهذه عربون صداقة جديدة.

وضع مفاتيح سيارة على الطرابيزة أمام جدي. تفاجأ جدي وصدم لهذه المفاجأة، بل صدم الجميع، تابع أبو عاصي:

ــ سيارة فولفو أحدث طراز، لم تمشِ مترا واحدا، عربون صداقة نتمنى أن تدوم للأبد.

نهض أبو عاصي وأبناؤه، كما نهض جدي وأخوالي وأبي، بدأ أبو عاصي بمصافحة جدي والآخرين وتقبيلهم وفعل الأبناء نفس الشيء. حاول جدي أن يقول أو أن يعترض قاطعه أبو عاصي:

ــ لا نريد أن نسمع أي اعتراض على السيارة، وقسما بالله سأحرقها إن لم تأخذها، ثم نحن سوف نكون في مقدمة المتبرعين للمركز الإسلامي،سجل عندك عشرة آلاف دولار ستصلك غدا.

هكذا أرسيت دعائم صداقة غريبة، بل غير مفهومة بين تجار مخدرات وأصحاب بيوت دعارة ومجرمين وبين رجل دين يدير مركزا ضخما للإسلام وله سمعته وكلمته في أوساط الجالية المسلمة في السويد وأوروبا.

حدث هذا عام 2002، لكن جدي بقي بعيداً عنهم وحذراً لمدة عام، رغم محاولات أبي عاصي المتكررة للتقرب من جدي.

في تلك السنة حصلت حروب صغيرة أو مناوشات، كان هدفها جدي، آخر تلك الحروب كنت أنا الوسيلة.

في أحد أيام الصيف، بينما كنت ذاهبا من البيت إلى حيث جدي في مكتبه، اعترضني شريف القوي، وراح يتحدث إلي، ويسألني بعض الأسئلة عن دراستي، ثم بدأ يمدحني، يمدح شجاعتي وبأنني شاب قوي لا يخاف من أحد. ثم طلب مني أن أحمل كيسا أسود صغيرا لا يتعدى وزنه مئة غرام وحجمه بحجم الكف، لأضعه في مكان يبعد ثلاثة كيلومترات. مقابل تلك الخدمة عرض عليَّ ألف كرونة. وافقت أن أنفذ تلك المهمة، ولكن قبل أن يعطيني الكيس رافقته إلى المكان المقصود، وقال لي عندما وصلنا، وأشار إلى شجرة:

ــ عندما نعود إلى الحي وأعطيك الكيس، ضعه هنا، عليك أن تكون ذكيا ولا تلفت انتباه أحد.

سألته:

ــ ماذا يحتوي الكيس؟

قال:

ــ لا تسأل. سوف أعطيك المزيد من النقود إن نجحت في هذا الاختبار...

قلت:

ــ حسناً

لقد أطعت أوامره دون تفكير ودون تردد. كان يتمتع بشخصية قوية، مؤثرة على من حوله، شخصية قيادية، قادر على اتخاذ قرارات مصيرية في لحظات. لا يسعى إلى إقناع الآخرين، بل يطلب منهم طلبا وعليهم التنفيذ، انصعتُ لأمره هذا دون أي اعتراضات.

عدنا إلى الحي، وأعطاني الكيس وألف كرونة. لم أفكر في محتويات الكيس، إلا أنني خمنت أنه نوع من المخدرات، كان ملمسه ناعما. رحت أفكر في الألف كرونة، وهو مبلغ كبير لمراهق مثلي. هل اشتري ثيابا، أم أذهب إلى المطاعم والسينما؟ خيارات كثيرة رحت أفكر بها، ولكن لم أفكر ولا للحظة في محتويات الكيس. ذهبت إلى المكان المحدد، ووضعت الكيس أسفل الشجرة بطريقة لا تثير الشبهة. ما إن ابتعدت عن المكان خمسين مترا حتى رأيت " شريف القوي " يخرج من خلف كشك موجود على الرصيف المقابل. نظرت إلى الخلف، إلى الشجرة، حيث وضعت الكيس، رأيت رجلا ينحني ويلتقط الكيس ويذهب باتجاه آخر. التفت بسرعة إلى شريف وأنا أشير إلى الرجل، وكدت أن اصرخ، إلا أن ابتسامته طمأنتني، وقال:

ــ أنت شجاع، لقد نجحت في الاختبار.

سررت لهذا الإطراء الذي صدر من رجل قوي، يهابه جميع رجال الحي. رجل كلمته نافذة، ويملك الكثير من النقود. أخرج سيجارة من جيبه وقدمها لي وقال:

ــ خذ، دخن واستمتع.

قلت:

ــ ما هذا؟

قال بشيء من الحدة:

ــ عندما تكون معي، تعلم ألا تسألني.

ثم أخرج خمسمئة كرونة وقال:

ــ خذ هذه أيضا، تستاهل لأنك شجاع.

أخذت النقود، بينما هو انتقل إلى الرصيف المقابل، ثم بعد لحظات أتت سيارة جيب دفع رباعي، أقلّته وتركت خلفها غيمة من الدخان الناتج من الاحتكاك العنيف للعجلات بالإسفلت، وصوت هذا الاحتكاك. شعرت بالزهو والقوة وبأنني شجاع وقادر على فعل أي شيء. لم أشعل السيجارة، خبأتها كي أتباهى بها أمام أقراني من المراهقين، لأنني خمنت أنها سيجارة مارغوانا. في ذلك الوقت لم أكن قد دخنت المارغوانا ولا حتى التبغ العادي.

عندما عدت إلى الحي، كان جدي وأبي وأمي وكل الأقرباء ينتظروني. كانوا خائفين جدا ومتوترين جدا، إلى درجة أن جميعهم راح يتحدث معي ويوبخني ويهددني، جميعهم كانوا يتكلمون دفعة واحدة، أوقفهم جدي ثم طلب منهم أن يذهبوا ويتركونا لوحدنا، ثم ذهبنا إلى مكتبه. أول سؤال سألني جدي عن الشخص الذي كلفني بالمهمة، ثم أمرني أن أذهب معه. خرجنا من المكتب، ولم أعرف الوجهة التي نقصدها، إلا أنني في الطريق عرفت أننا ذاهبان إلى بيت أبي عاصي، وهذا ما كان، هناك استقبلنا أبو عاصي بترحاب شديد. ثم سأل:

ــ خير يا حاج قاسم؟

قال جدي:

ــ من أين سيأتي الخير، وابنك شريف تمادى كثيرا، إنه يستخدم حفيدي في أعماله الخطرة وهذا خط أحمر بالنسبة لي. أعرف أنك أنت من سمح له، وأعرف أن هذا بسبب الخلاف الذي حصل أخيرا بيننا.

قاطعه أبو عاصي وهو ينظر إلي:


ــ من الأفضل أن نتحدث لوحدنا، قل لماهر أن يذهب.

نظر جدي إلي، وأدرك أنه ارتكب خطأ لأنه جلبني معه إلى هذا المكان، وأسمعني كلاما لا يجوز أن اأسمعه. أشار بيده وقال:

ــ اذهب إلى البيت.

ماذا يعني كل ذلك، وما الذي جعل جدي يخاف، ولماذا لا يريد أبو عاضي أن اسمع ما سوف يدور بينهما!؟ كل ذلك جعلني أخاف، وأشعر بالقلق مما جرى وسيجري. خرجت من بيت أبي عاصي وأنا أشعر أنني خرجت من مكان خطر. لم أذهب إلى البيت بل رحت أدور في شوارع الحي لعلني أشعر بالراحة.

أعتقد أن هذا الاجتماع أسس لشراكة هامة جدا بين جدي وعائلة القوي. شراكة جعلت عائلة القوي تتخلى عن تجارة المخدرات والدعارة، وتحولوا إلى تجارة المواد الغذائية. إذ بعد هذا الاجتماع حدث تحول في نشاط عائلة شريف القوي، وتحول في العلاقة بين جدي وبينهم. أصبحوا أصدقاء وتكفل جدي بغسل أموالهم، أموال المخدرات والدعارة وتحويلها إلى أموال حلال. تبين فيما بعد أن العلاقة أصبحت حاجة ماسة ومفيدة للطرفين. هم بحاجة إلى غسل أموالهم، أموال المخدرات والدعارة. والأهم من ذلك أن غسيل الأموال القذرة تمت من قبل رجل دين له مكانته وتأثيره على المجتمع. من جهة أخرى كان جدي بحاجة إلى قوتهم، وجعل تلك القوة الغاشمة لصالحه، إضافة إلى الأموال الضخمة جدا التي سوف يستفيد منها بسبب هذه العلاقة. هذه الخطوة الهامة جدا بالنسبة لجدي ولهم، جعلتهم من كبار تجار المستوردين للمواد الغذائية من مختلف دول العالم، تحت اسم شركة عملاقة " شركة حلال العالمية لتجارة المواد الغذائية " تلك الشركة التي غزت كل بلدان أوروبا.

أنهيت الورقة الأولى وأنا سعيد بهذا الإنجاز. استغرقت ثمانية أيام. أعتقد أنني قادر على التعبير عن نفسي، لذلك قررت أن أكتب بشكل يومي في الصباح إلى أن يحين موعد الغداء. نظرت إلى الساعة، ما زال الوقت مبكرا للغداء، سوف أعيد قراءة ما كتبت إلى أن يحين موعد الذهاب إلى المطعم.


*****


الورقة الثانية

أنا فرد من جيل من المهاجرين، ولدت وكبرت هنا، ليس لدي أي شعور بالانتماء إلى وطن ما. فالوطن الأصلي لأبي وأمي وأجدادي عبارة عن قصص سمعتها منهم، ذكريات قيلت في أوقات الملل، حيث الليل هنا في فصل الشتاء يتجاوز 16 ساعة. هذه الذكريات شكلت في مخيلتي وطنا ما، لكنه بقي وطنا افتراضيا، يشبه علاقات الأصدقاء على الفيس بوك. كان حديث الأهل والأقارب والأصدقاء يشير إلى دولة السويد على أنها محطة مؤقتة، سنمكث هنا لفترة ما ثم سوف نعود إلى الوطن الأصلي. أشعر أن لا جذور لدي، تشدني إلى أي بقعة جغرافية كوطن لي. انتبهت إلى أمر هام، فأثناء الحديث والمناقشات كنا وما زلنا نستخدم ضمائر "نحن و هم". " نحن " تشير إلى عائلتي وأقربائي والحي وكل المهاجرين الذين من حولي بينما "هم " تشير إلى السويديين. سألت جدي فاضل، والد أبي، مرة:


ـ هل تعتقد أن السويديين يستخدمون نفس الضمائر، " هم ونحن " للإشارة إلى طرفين؟


نظر إلى لفترة ليست قصيرة ثم قال بإعجاب:


ــ أنت ذكي يا ماهر، إنه سؤال هام ولكن ....


توقف قليلا وهو يفكر ثم تابع:


ــ بالفعل سؤال مهم، بل ملاحظة مهمة، ولكن ليس لدي إجابة، لا أعرف كيف ينظرون إلينا وخاصة إليكم، أنتم الذين ولدتم هنا.


بقي هذا السؤال بلا جواب ولم أتلق إجابة حتى الآن. في هذا الحي لا تُطرح أسئلة من هذا النوع، لأن الثقافة التي تكونت وسادت لا تحرض على السؤال، لأن ثقافتنا هي ثقافة العلم الكامل مسبقا والنتائج الكاملة مسبقا. فكل الاختراعات والاكتشافات هي موجودة عندنا في ثقافتنا مسبقا. إنه وهم المعرفة وتضخم الأنا، الذي إذا أصاب أمة جعلها في مؤخرة الأمم. بالإضافة إلى ذلك لم أتلق تربية، لا في المدرسة ولا في البيت، عززت في ضميري حبا وانتماء للسويد. أحب السويد ولكن حبا للمكان الذي ولدت فيه وعشت طفولتي وارتبطت ذاكرتي به، هو تعلق بمكان الولادة والطفولة. كما أنني تلقيت تربية بطريقتين وأسلوبين مختلفتين ومتناقضتين، الحضانة والمدرسة من جهة والبيت والعلاقات الاجتماعية والمركز الإسلامي من جهة أخرى. أخذت من ثقافات متعددة، الثقافة السويدية والثقافة العربية الإسلامية وثقافة ثالثة أخذتها من ثقافات المهاجرين من قوميات ودول أخرى.


في الصف الأول نُقلت من الحضانة إلى مدرسة أكثر بعدا عن البيت، تقع على تخوم الحي. رأت أمي ألا أتعلم في مدرسة الحي، لأن فيها الكثير من المشاكل. ففي اليوم الأول جرت مقابلة بين والدي ووالدتي ومديرة المدرسة. ما زلت أذكر تلك المقابلة والكلام الذي قيل. وقتها شعرت أننا كأسرة نختلف عن الآخرين، وأنني كتلميذ أختلف عن التلاميذ الآخرين. شعرت أن هناك شيئا يميزنا عن السويديين. لم أعرف إن كان ذلك أفضل أم أسوأ، ولكن هناك " نحن " وهناك " هم ".


أذكر وقتها قال أبي للمديرة:


ــ نحن مسلمون، لا نأكل لحم الخنزير.


قالت المديرة:


ــ نحن نحترم خيارات وثقافات الأهل.


ــ عندما أكبر سوف افهم كل شيء ولن أحتاجكم.


هذا ما حصل. لقد كبرت وحصلت على أجوبة ولكن ليست الأجوبة التي يتمنونها أهلي. حصلت على أجوبة قاطعة، وعلى أجوبة متناقضة، كما أن هناك أسئلة بقيت بلا إجابات، وبقيت رؤيتي غامضة. كانت الأجوبة تتغير، لأن لكل مرحلة عمرية أجوبة خاصة بها، إلا أنني لم أثق بأجوبة الأهل والمجتمع المحيط بي، خاصة أبي وجدي قاسم، كانوا يستخدمون طريقة الإجبار والإكراه لإقناعي بأي شيء هم يرونه صحيحا.


في الصف الثالث وفي بداية العام الدراسي، انتقل تلميذ جديد إلى مدرستي، وصادف أن كانت الطاولة التي بجانبي فارغة. طلبت المعلمة من التلميذ الجديد، الذي ما زلت أذكر اسمه، ألكسندر هانسون، أن يجلس إلى جانبي لأن الطاولة فارغة. رفض ألكسندر الجلوس وبقي واقفا، وراح ينظر إلي بعدائية واضحة. لم أفهم السبب ولم أهتم لأمره إلى أن أتت المعلمة وطلبت منه الجلوس فرفض مرة أخرى. هز كتفيه وراح ينظر إلى الأرض، ثم اقترب من المعلمة وهمس لها ببضع كلمات. سمعته يقول:


ــ لن أجلس إلى جانب هذا المهاجر، أنا لا أحبهم.


أصبح وجه المعلمة أحمر، نظرت إليه بضيق وطلبت منه أن يتبعها. خرجا من الصف وعادا بعد ربع ساعة أو أكثر قليلا. جلس ألكسندر إلى جانبي ولكنه بدا مجبرا على ذلك لأنه جلس على طرف الكرسي من الجهة الأخرى بحيث ترك أكبر مسافة ممكنة بيني وبينه، وبقيت تعابير وجهه عدائية تجاهي.


في فترة الاستراحة، اقتربت منه وأبديت استعدادي لمساعدته، كالعادة وكطفل يتعاطف مع طفل آخر. نظر ألكسندر إلي وفي عينيه كره شديد وقال:


ـــ أنت ذو الشعر الأسود، اذهب، عد إلى بلدك، نحن لا نحبكم، لا نريدكم في بلدنا.


إلى الآن ما زلت أتذكر تعابير وجه ألكسندر وكلماته. ما فهمته حينها أن ألكسندر يكرهني جدا لأن شعري أسود. بقي في مدرستنا ثلاث سنوات، وطيلة تلك الفترة ظل يكرهني، وكلما حصل احتكاك بيننا كان يُسمعني كلاما سيئا. حاول أن يحشد ضدي التلاميذ الآخرين، وحاول إقناعهم أنني طفل سيء وقذر، وعندما أكبر سوف أقتلهم. كان ألكسندر يذكرني بكلام جدي والآخرين في ذلك المجتمع الصغير في حينا. كان جدي يقول إن السويديين يكرهون الأجانب وخاصة المسلمين، لذلك علينا، نحن المسلمون، أن نتوحد لنكون أقوياء. كثيرا ما سمعت هذا الكلام، وكنت في حيرة من أمري. هل أصدق هذا الكلام، وخاصة بوجود أشخاص مثل ألكسندر، أم أن هذا الكلام غير صحيح لأن هناك العشرات ممن عرفتهم من السويديين كانوا في غاية اللطف.


من الصف الرابع إلى الصف التاسع كان جدي، وبمساعدة الأهل، ينظم نشاطا كشفيا كل صيف. يبنون الخيم في أحد الأماكن البعيدة عن ستوكهولم. ننام هناك لمدة أسبوعين بعيدين عن الأهل. كان البرنامج اليومي يبدأ الساعة السادسة صباحا، نلعب الرياضة، ثم نتناول الفطور، ثم ننطلق في رحلة بحرية على متن قوارب لمدة ساعة أو أكثر، أو نقوم برحلة في الغابة لمدة ساعتين. نتناول الغداء، نرتاح ساعتين، ثم يتحدث أحد رجال الدين عن بعض القيم الاجتماعية من منظور إسلامي، ثم هناك ساعتا مرح وضحك من خلال ألعاب نقوم بها نحن الأطفال. طبعا كلنا ذكور، لأنه ممنوع الاختلاط مع الإناث. كانت أياما ممتعة ما زلت أتذكرها وما زلت أرتبط ببعض من شاركوا بعلاقات معرفة طيبة.


في الشتاء كان النشاط يتم في المسجد التابع للمركز الإسلامي. كان جدي يجمعنا مرة كل أسبوع، يلقي علينا هو أو أحد مساعديه محاضرة عن الدين الإسلامي. كان يتحدث عن عظمة الخلفاء الراشدين وعن أمجاد الإسلام وعن الفتوحات الإسلامية التي وصلت إلى أوروبا والصين والهند. كنت ارتاح لحديثه هذا وأطرب للمعارك التي خاضها المسلمون في ذلك الوقت، والانتصارات التي حققوها ضد الشعوب الأخرى.


سال أحد التلاميذ المحاضر:


ــ ولكن أليس عملا سيئا أن نحتل أرض الغير؟


أجاب المحاضر:


ــ لا ليس سيئا، لأننا ننشر دين الله، الإسلام، لأنه دين الحق. وبالتالي لنا الحق في أرض الغير وفي أملاكهم ونسائهم.


بعد المحاضرة، حيث جلس جدي والمحاضر وبعض أعضاء الهيئة الإدارية للمجلس في مكتب جدي يتناولون الشاي. سمعت جدي يقول للمحاضر:


ــ يا أبا حمزة لقد أخطأت عندما تحدثت عن حقنا في أرض وأملاك ونساء الآخرين.


قال أبو حمزة مستنكرا:


ــ أنا أخطأت!؟ وهل أخطأ الخلفاء الراشدون عندما فتحوا بلاد الشام ومصر وفارس؟ هل كانت الإمبراطورية الإسلامية على خطأ عندما احتلت معظم دول العالم في ذلك الوقت.


قال جدي:


ــ لا بالطبع لا. أستغفر الله أن يخطئ الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم وأرضاهم. اقصد أنك أخطأت بالحديث إلى الأطفال. ليس كل ما تعرفه يقال.


رد أبو حمزة:


-أطفال اليوم هم رجال الغد يا حاج قاسم. يجب أن يعرفوا تاريخ أجدادهم المشرق. يجب أن يعرفوا أننا كنا سادة العالم، وكان العالم عبيدا عندنا.


رد جدي:


-لا أعتقد أنه من الصواب الحديث عن سبي النساء والغلمان. وليس حكيما من يتحدث عن العبيد في هذا الوقت.


قال أبو حمزة:


ــ هذا رأيك يا حاج قاسم، وأنا لي رأي آخر.


رد جدي:


ــ كما تريد.


كنت أتخيل أنني سوف أكون أحد هؤلاء القادة، وأقوم بغزو أوروبا واحتلالها. سوف أنطلق من هنا، من ستوكهولم، بعد أن أبني جيشا إسلاميا ضخما. كنت سأنتقم من ألكسندر، وأختار صديقا سويديا، من المدرسة، ليكون مساعدا لي، والذي بالطبع سوف يصبح مسلما مثلي، ليساعدني في قيادة الجيش وفي جعل السويديين يصبحون مسلمين. تخيلت نفسي أقف على تلة مرتفعة وأنا أرتدي اللباس العسكري الكامل من رمح ودرع وسيف، وأمامي، أسفل التلة، الملايين من البشر، أخطب بهم:


ــ عليكم أن تختاروا إما أن تكونوا مسلمين أو أن تختاروا الحرب.


هذه الأحلام الطفولية كان جدي قاسم ومن معه يغذونها بشكل دائم. كثيرا ما حدثنا، في محاضراته، عن أن هدف المسلم في الحياة أن ينشر الإسلام وأن يجعله الدين الوحيد في العالم. كان يقول إن الدين عند الله هو الإسلام لأنه دين الرحمة والعدل وهو سوف يحل كل المشاكل من فقر وجوع ومرض.


كان جدي فاضل على النقيض من جدي قاسم، رجل متدين بإعتدال يمارس كل الشعائر الدينية، قليل الكلام، لا يكره أحدا ولا يحض على الكراهية، بل على العكس، يقدر الاخرين ويحترم ديانتهم، لكنه قليل التأثير في الاخرين. يعتبر الدين شأنا شخصيأ، ولا يجوز لرجل الدين أن يعمل في السياسة.

بعد نجاح التجرية الاولى للنشاط الكشفي، زار أبو عاصي وأولاده الأربعة جدي قاسم في مكتبه. حدثت هذه الزيارة قبل الاتفاق التاريخي بينهم بسنتين. طلبوا منه أن يدعموا هذا النشاط بالمال. تبرع أبو عاصي بكل المبلغ الذي يصرف في هذا النشاط الكشفي. رفض جدي الطلب بلطف، وطلب منهم أن يمارسوا الصلاة والطقوس الدينية أولا بدلا من نشاطهم في ترويج المخدرات والدعارة. في ذلك الوقت لم يكن الاتفاق قد حصل بين الطرفين وكان هناك صراع خفي على أشده بينهم.

خرج أبو عاصي وأولاده من مكتب جدي منزعجين، فأطلقوا اشاعة مفدها أن هناك لواطة مورست مع الأطفال في المخيم الكشفي. انتشرت الإشاعة بسرعة في الحي، بل راحت تزداد تفصيلا، واتهم جدي بممارسة هذا الفعل اللاخلاقي، مما دفع جدي أن يخطب خطبة قوية، اتهم بها، ولأول مرة، ابو عاصي وأولاده بإشاعة الدعارة وتجارة المخدرات. كان للخطبة تأثير قوي في المصلين الذي تجاوز عددهم الالف. فهذه أول مرة يحرض جدي ضد تلك العائلة لأنه كان يخاف من بطشهم. في اليوم التالي اقتحم شريف القوي مكتب جدي. دخل كالسهم وهو يسب جدي باقذع المسبات. وقف في منتصف المكتب أخرج مسدسه ووضعه على رأس جدي وقال:

ــ هذه اخر فرصة لك في أن تبقى على قيد الحياة. لا تدفعني لان أجعل مخك ينتشر على الجدران.

ثم غادر المكتب كما دخل. ارتمى جدي على كرسيه شبه منهار، وهو يتلو بعض الأدعية في سحق هؤلاء الأوغاد المجرمون.

في الجمعة التي أتت مباشرة بعد هذا الإعتداء على مكتب جدي، حضر صلاة الجمعة أبو عاصي وأولاده الاربعة وعدد من رجالهم. جلسوا في الصف الأول للمصلين، مقابل جدي قاسم مباشرة. سُر جدي عندما راهم، وشعر أنه بدأ يؤثر عليهم. منذ تلك اللحظة لم ينقطع أبو عاصي وأولاده عن صلاة يوم الجمعة. كانت هذه الخطوة بمثابة الجسر التي سيعبر الطرفان عليه ليصلان إلى ذلك الإتفاق المهم جدا، وهو تخلي عائلة شريف القوي عن تجارة المخدرات والدعارة وتأسيس" شركة حلال العالمية لتجارة المواد الغذائية ".

مع مرور الأيام، تشكلت لدي تصورات عن الحياة، إلا أنها كانت تتشوه بسبب العنصريين في المجتمع السويدي من جهة، وبسبب أهلي ومجتمعي الصغير من جهة أخرى. العنصريون يرفضون قبولي بينهم ويطلبون مني الرحيل إلى موطن أبي وجدي. مجتمعي الصغير في الحي علموني أننا نحن المسلمون نختلف عن الاخرين، نحن الأفضل في كل شيء، وخاصة الجانب الأخلاقي، وأن السويد ليس وطني والثقافة السويدية ليست فقط ثقافتي بل هي ثقافة سيئة، تنشر الإباحية في المجتمع.

علاقتي بأبي وأمي وجديً وبقية العائلة كانت على العكس من علاقة أخي الأكبر مني، عبد الرحمن، بكر العائلة، والبكر ينال الحظوة والاهتمام. كان عبد الرحمن شخصية مطواعة، مدجنة، يتصرف وفق إرشادات الأهل، بينما كنت ولد مشاكس، مشاغب منذ الطفولة، نمت لدي روح التمرد والتحدي، لذلك كانت العلاقة بين مد وجزر، فيها من المشاكل والخلافات أكثر بكثير مما فيها من الوفاق والتفاهم. لم يستطيعوا وضعي في قالب واحد، أو أن أكون نسخة عنهم. فبمقدار ما حاولوا أن يضعوني في إطار ما، بمقدار ما كان ينمو لدي روح التمرد والرفض لكل أفكارهم، والبحث عن افكار اخرى، وفي الأغلب أفكار متناقضة مع أفكارهم. ثم لكوني الابن الثاني، الذي لا ينال الإهتمام الكافي من الأهل في العائلة، بذلت جهودا مضاعفة كي أثبت وجودي وشخصيتي.

في المرحلة الثانوية إزداد تمردي وبعدي عن أهلي والمجتمع المحيط بي وقيمهم. مارست كل أنواع المحرمات والمحظورات عند الاهل. شربت كل أنواع الخمور والحشيش والمارغوانا، كنت من رواد الديسكوات، ورافقت العاهرات إلى غرف ضيقة وصغيرة ومظلمة. عشت حياتين، نوعين من القيم، عالمين متناقضين، عالم سري مع الأصحاب، بعيدا عن أعين الأهل، أمارس فيه تمردي على قيم الأهل، وعالم علني مع الاهل، أمارس فيه كل ما يريدونه مني الاهل أن أمارسه من التزام بالذهاب الى الجامع والصلاة والصيام وكل شعائر العبادة.

عالم المخدرات لا يقبل الفراغ. فقد ظهر مروجون صغار في الحي بعد أن تخلت عائلة القوي عنه، ولكن بقي لشريف بعض الصلاة. فقام بحماية هؤلاء الصغار مقابل نسبة محددة من المال. كان كل ما صادفته يعطيني سيجارة مارغوانا بدون مقابل. فقد ساهم في دفعي أكثر فأكثر في تعاطي المخدرات. مع مرور الوقت راحت تنشأ بيني وبينه علاقة غامضة، غير مفهومة بالنسبة لي. فهو يكبرني 21 عاما، ينتمي لعائلة على النقيض تماما من عائلتي. ليس لديه اسئلة وجودية كتلك التي تجتاحني ليل نهار، ولا شيء يقلقه. ينفذ اية فكرة تخطر على باله دون تردد ودون أي تفكير بالعواقب. صادف أن أكون لوحدي في الشارع ويمر هو فيصطحبني إلى مطعم أو كافيه. نجلس لنتحدث عن اشياء كثيرة. اغلب حديثنا كان يتناول الحي والقاطنين فيه. له فلسفته في الحياة. كان يقول إن الحياة اشبه بالعاهرة. عليك أن تأخذها بالقوة وإلا تمردت عليك. يجب أن تضرب العاهرة كل يوم لكي تخضعها لك، لأن العاهرة تحب من يضربها ولا تخضع إلا له. طبعا كنت أرفض نظريته تلك، وارد عليه بالقول إن العاهرة لا تخلق عاهرة ولا تختار أن تكون عاهرة وإنما المجتمع هو من يحولها الى عاهرة. أنت والاخرين تستغلون النساء الضعيفات، اللاتي بحاجة إلى مساعدة ما، وتحولوهن الى عاهرات. كان يضحك ويضرب سطح الطاولة، ثم يبدي إعجابه بذكائي، ويعلق ساخرا مني:

ــ ما زلت بيبي. لن تفهم الحياة طالما تفكر بهذه الطريقة

كان يؤمن بالقوة، فالحياة تخضع للقوي وتسحق الضعيف. فبمقدار قوتك تخضع لك الحياة والمجتمع. ثم ضرب مثالا عائلة البوغورومي التي سيطرت على الحي بالقوة وليس بالمنطق. ثم أتت عائلته التي انتزعت الزعامة وبالقوة من تلك العائلة وسيطرت هي بدورها على الحي وما زالت. أذكر في إحدى اللقاءات بيني وبينه، حيث كنا نجلس في مطعم في الحي، كالعادة أثرت نقاشا حول العدالة والمساواة والحريات. راح يصغي إلي بإنتباه إلى أن انهيت كلامي، ابتسم وقال:

ــ لو لم نكن، نحن العائلة، اقوياء لسُحقت عائلتنا وتحولت أمي إلى عاهرة، ولكنت الان ابن عاهرة. لقد حاولت عائلة البوغورومي أن تحول أمي إلى عاهرة ولكن لم ينجحوا.

كان يرى في الحي مجتمعا مصغرا جدا عن الكرة الارضية. فلا يوجد اي اختلاف بين عالم المخدرات والدعارة عن العالم على مستوى الكرة الارضية، كلاهما يضخعان لمبدأ القوة. ثم قال وهو يبتسم:

ــ أمريكا تخضع العالم وتتحكم به بسبب قوتها، ونحن نخضع الحي ونتحكم به بسبب قوتنا. وعندما تضعف قوة أمريكا سوف تزول عن الوجود كقوة عظمى.

كان للأحداث العالمية والاسلاموفوبيا التي انتشرت ردة فعل في جميع انحاء العالم وخاصة في التجمعات الاسلامية التي تشكل اقليات، خارج الدول الاسلامية. ردة فعل مضاعفة باتجاه التشدد والتشبث بالهوية الاسلامية. في خضم هذا التشدد وجدت نفسي في مجتمع يزداد رقابة وتشددا على تصرفاتي، رقابة جعلتني أشعر أنني أعيش في سجن. دائما هناك مسموح وممنوع، حرام وحلال وفق الشريعة الإسلامية. كل حياتي، كعائلة والمجتمع المحيط، كانت تمر من خلال الحرام والحلال الى درجة الهوس. أسئلة كثيرة كانت تطرح، هل الخبز حلال أم حرام، هل مصافحة المسيحي في أعيادهم الدينية حلال أم حرام. أصبح الاشارب رمزا دينيا اسلاميا وأصبح جزءا من الهوية ولا يجوز التسامح بعدم ارتدائه. كنت أشعر بالضيق من تصرفات الأهل، إذ كيف يستقيم أن يعيشوا في أرقى المجتمعات ويتلقوا الأوامر والنواهي من رجل دين يعيش في مجتمع متخلف جدا ومختلف تماما عن المجتمع الذي نعيش! إنه الفصام في ممارسة الحياة. كنت اتسائل، كيف يقبل والدي الذي درس الهندسة، هنا في السويد، أن يتلقى تعليمات عن كيف يعيش وكيف يمارس حياته كزوج وأب من رجل لم يقرأ سوى كتب عمرها يعود الى ألف سنة على الاقل، كتب عن مجتمع اخر وبيئة اخرى وزمن اخر!؟

كان لجدي قاسم الدور الاكبر في فرض الحجاب على النساء والفتيات الغير محجبات. فقد اعتمد على سطوة عائلة القوي في ارهاب واخافة النساء الغير محجبات. فبحكم الشراكة التي جمعتهم، كانوا يلتقون، جدي قاسم وابو عاصي وشريف، مرتين في الاسبوع، على اقل تقدير. فكان جدي يحرض ابو عاصي وشريف اللذان يستخدمان نفوذهما على المروجين واتباعهم من حثالات المجتمع مقابل حمايتهم. فينتشر هؤلاء في شوارع الحي ويقومون بمضايقة النساء السافرات. هذا النشاط لا يتم دائما ولكن بين فترة واخرى، حسبما يرى جدي قاسم. لكن جدي فاضل وقف ضد هذا التصرف البشع، عندما علم بالأمر وبالصدفة من عاصي نفسه، الذي راح يفتخر أمام جدي فاضل أنهم، كعائلة، هم حراس الفضيلة. قام جدي فاضل بمعاتبة جدي قاسم، بل بنقده نقدا شنيعا أمام اغلب افراد العائلة، شباب ورجالا، مما أحرج جدي قاسم، بل وأغاظه، وراح يدافع عن فكرته تلك، وأعتبر ذلك انتصارا للاسلام. بينما اعتبر جدي فاضل أن الناس احرار في لباسهم واكلهم، وحتى في اختيار دينهم، ويحق للمسلم أن يترك دينه.

لا أعرف إلى اي مدى كان هناك اتفاقا صريحا بين جدي قاسم وأبو عاصي وشريف للتعاون في السيطرة على الحي وعدم السماح للشرطة السويدية في الدخول إلى الحي وفض الخلافات والمشاكل التي تحدث. لقد حصل عدة اعتداءات على الشرطة عندما دخلت إلى الحي اعتمادا على اتصال من شخص ما لفض عراك بين مروجين للمخدرات، وتبادلا إطلاق الرصاص على بعضهما البعض. لقد جرح عدة عناصر من الشرطة، بعضهم جراحهم خطيرة. وكان لشريف الدور الابرز في إدارة الصراعات في الحي وحلها ايضا. بدأ الناس يعتادون على حل خلافاتهم بالاعتماد عليه وعلى جدي قاسم، وكانا ينجحان في ذلك. كان شريف يضطر احيانا أن يدفع المال من جيبه، بعشرات الالوف، لكي يحل مشكلة ما.

منذ أن سجلت في الجامعة، بدأت أخرج من الحي شيئا فشيئا، إلى عالم أرحب وأكبر وأكثر تسامحا مع نزواتي وتطلعاتي. إلا أن تحذيرات الأم والأب والأقارب بقيت تلاحقني. هذه التحذيرات التي بدأت منذ أن كنت طفلا واستمرت لحتى الان. تحذيرات أشعرتني أننا ملاحقين من قوى خفية تريد النيل منا كمسلمين. تحذيرات كانت تتغير وفقا للمرحلة العمرية التي أمر بها. في الطفولة ركزت على لحم الخنزير، بعد أن اصبحت مراهقا راحت التحذيرات تركز على أن الخمر والعلاقات مع الفتيات حرام. في الجامعة أصبح التركيز على أنه يجب ألا أمارس الرذيلة والفاحشة، ويجب أن أتزوج من مسلمة وأن الزواج من مسلمة هو الاصلح وإن الله سيبارك هذا الزواج وسيعطيني الذرية الصالحة.

أصبح المجتمع مجرد حارس ورقيب على ممارسة الفضيلة كما يعتقدون. كانت الرقابة صارمة إلى درجة ضقت ذرعا بالجميع، أبي وأمي والأقارب والأصدقاء والاخرين. كلهم مارسوا الوصاية علي..

في السنة الثانية للجامعة، حصل خلاف بيني وبين أبي بحضور جدي، الحاج قاسم وعدد كبير من الأقارب والمعارف. كانوا يجلسون في إحدى قاعات المركز الإسلامي. يومها صرخت بوجه الجميع، تجرأت وقلت كلاما من الصعب أن يقوله أي شاب آخر:

ــ تريدون ان تكون ثقافتنا اسلامية خالصة. كيف ذلك ونحن نعيش في مجتمع غير إسلامي، بل لا يهتم بكل الاديان ويعتبر الدين مسألة شخصية بحتة. تدفعونا إلى كره الثقافة السويدية، لأنها ثقافة علمانية، وسوف تُبعدنا عن ديننا، لذلك انشأتم لنا غيتو، هذا الحي عبارة عن غيتو، وأنتم فخورون به. هنا يجب أن نمارس حياتنا كما تريدون، نأكل الطعام الذي أنتم تقررونه أنه الطعام الحلال، نصادق من ترونه أنه صالح لكي يكون صديق لنا، طبعا كل الأصدقاء من الاديان الاخرى غير صالحين ليكونوا أصدقاء، حتى الأصدقاء من العائلات المسلمة ولكن غير ملتزمين دينيا هم من فئة الضالين لا يجوز أن يكونوا أصدقاء. تريدون أن نتعلم العادات والثقافة التي أنتم تريدون أن نتعلمها، وهي على الأغلب عادات وثقافة متخلفة، تريدون من الشاب أن يتزوج من البنت التي أنتم ترونها زوجة صالحة، علينا أن نقرأ الكتب التي أنتم ترونها كتب جيدة، وأن نحب ألوانا بعينها ونسمي أولادنا أسماء دون غيرها، ونسمع أناشيد دينية بدل الموسيقا وألا نرتاد المسرح ولا السينما ولا نزور معرضا للرسم، لأن كل هذه النشاطات تعتبر حرام بالنسبة لكم، تريدون أن نرى العالم بعيونكم وأن نكون نسخة منكم وأن نرثكم حتى في طباعكم. تعتقدون أنكم تمارسون التربية الصحيحة وترشدونا إلى القيم الصحيحة، لكنكم في الواقع تنشئون أجيالا مشوهة،

نسخة منكم. لم تختاروا دينكم ولا ثقافتكم، ورثتم الدين والثقافة عن ابائكم. تربيتم وفق طرق متخلفة وها أنتم تمارسون نفس الطرق في التربية. بالنسبة لنا، نحن الشباب، تحول هذا المجتمع الى غيتو ــ سجن، الى جدار شاهق يحول بيننا وبين المجتمع الذي ولدنا وكبرنا وتعلمنا لغته وثقافته. لا تعرفون عن الثقافة السويدية الا القشور، كل اهتمامكم مركز على المرأة فقط، كيف تلبس وماذا تلبس، من تتزوج وكيف تتزوج واشياء أخرى أخجل أن أقولها. ما اريد قوله، كفو عن هذا، توقفوا عن محاصرة الشباب ولا تفكروا بدلا عنهم. تريدون ان نكون ونبقى مسلمين، ليكن هذا ولكن لسنا بحاجة الى سجن، علينا أن نكون مسلمين سويديين. هل تفهمون ما أقول " مسلمون سويديون ".

ساد صمت عميق بعد أن انهيت كلامي. ثم نهض ابي وأراد أن يوبخني على هذا التطاول، قال:

ــ أولا عليك أن تحترم الحاضرين ولا يجوز ....

قاطعه جدي قاسم:

ــ لا تلومه يا جابر، ماهر انسان ذكي ويريد أن يعبر عن رأيه، ولما لا، علينا أن نحترم اراء بعضنا البعض. قد نتفق مع ماهر في بعض مما قاله وقد نختلف وسوف نتناقش في نقاط الخلاف، ولكن ليس الان.

الجميع استغرب موقف جدي قاسم. لقد كان أكثر حكمة من الجميع، اراد أن يمتص غضبي كي لا تكبر الهوة بيننا ويصبح من المستحيل جسرها ولكيلا أذهب بعيدا في احتجاجي وأنفصل عنهم نهائيا.

&






























































































































































































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

الحيّ الشرقي / 5- 6

19-أيلول-2020

رواية الحي الشرقي لمنصور المنصور

12-أيلول-2020

الحي الشرقي / رواية

05-أيلول-2020

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow