زيارة صباحية
2008-02-10
ما تزال عيناك
أقصر الطرق إلى حيفا
أيام كان بحرها يغص بالأشرعة .
صباحا
تهرع السماء إلى النافذة
بطيورها المريضة .
يقترب النزول من قدمي
خطوة أخري :
هذا الصباح ليس لي .
أقتحم النافذة بخوفي ،
أبعثر وجهك الساحلي
وشعرك الذي كان خروبيا قبل الحريق
في عاصفة وردية
تأخذني بعيدا .
لقد اتسخت ثياب البحر
بعد مرض النوارس
وصارت السماء
نهارا للسكارى .
بعيدا
أجلس في الغابة العالية
تحت أجراس العطور المعلقة
فوق مصطبة البيت القديم .
تعالي ندخل !
هنا
لن نرى وجوه القراصنة
أثناء عبورهم الخرافي
في الشوارع التي يقولون
أنهم أحضروها معهم
لن نرى سيارات الشرطة
التي تسأل الفلسطيني
عن جواز سفره إلى البيت
لن نرى أزواج الأوز
وهم يجرون الأقفاص خلفهم
ومعلمي الحساب
الذين يحفظون جداول الشعر
ليضربوا بها رواتبهم .
يمكننا أن نبصق على الجميع غيابيا
تعالي ندخل !
إنصرفي من ثوبك الأزرق
إلى الوردي أو الأخضر
أو لون التراب
طرزي يديك بالحناء
سنستأنف على الدهر
فما دامت الشوارع
كذبة الزمن على العابرين
فلماذا نخاف الكذب ؟
ليس من زمن واحد للجميع
النزلاء في ضيافة الغرق
يعيشون في غرف منفصلة
ويدخلون من أبواب متفرقة
وحينما تأتي توابيت الماء من البحر
تحملهم فرادى .
والشوارع مزدحمة بعابر وحيد
يبحث عن امرأة تستضيفه على زمانها .
عبثا !
حتى إذا وجد ليلاه
سيظل وحيدا
على الجانب الآخر من السرير .
سأعبر الشارع وحيدا ،
يدك بيدي
دون أن نكون معا ,
أنت في سريرك
وأنا تحت أشجارك الجليلية
وحيدا حتى السراب .
سأتخذك كما يشاء القلب
كنعانية من الضفيرة حتى القدمين
لا أحب الجمال المثبت بالدبابيس
على امرأة من الزجاج
إنه مؤلم وجارح مثل شفرة الحلاقة
غني بمفاجئات المرايا
وفقير بالوله .
أريد امرأة شهية كرغيف الخبز
طازجة كتفاحة على الشجرة
تهمس بلحن رعوي ،
كلما داعب الضوء ألوانها
ارتعشت كالنهد .
هكذا سأتخذك !
امرأة بالزغب
وظل سنبلة على شفتها العليا
وضحكة مهملة .
هكذا سأتخذك !
على صباح ريفي كاذب
لم يكن أبدا ,
تكونين معي
تصنعين سلة من القصب
على ضفة نهر كاذب
أصطاد فيه السمك
عشاء لرجل وامرأة .
سأتخذك امرأة أو جدولا أو حمامة
كل ما يحتاجه الخوف والجوع والتعب
ذراعين من حنان الماء والخبز
مساء من وجع القهوة المرة
وصباحا مبللا بحرقة النعناع الوسيمة
القادمة من الشاي .
سأتخذك أيضا طريقا ساحليا لقدمي
وصهيلا لعودتي من السفر
مثقلا بالمراثي
وهدايا العطر الرخيصة من دمشق .
سأتخذك مرثية لبغداد .
إكليل عذاب أصنعه بيدي :
ألامس وجنة النار لتحرق أصابعي
أقامر بنهديك في الحانات وأخسر
أتخذك مغتصبة ومقتولة وخائنة
لتبلغ الصرخة مداها .
سأتخذك جناحين مكسورين
يسكنني التحليق دون أن أطير
وأحب كل نساء الأرض
ولا أجد غيرك .
أنا الكذاب العاشق
تسللت بغاباتي وسهولي وجبالي
بأنهاري وجداولي
بقطعاني ومواويلي ونسائي
في شارع ضيق بين جفنيك
دون أن تسألي لماذا .
أقول لك :
لأنني حينما سمعت نشيد أمومتك
أردت أن أكون طفلا .
إقتربي يا أمي في الماء
حانت ساعة الغرق !
08-أيار-2021
07-أيار-2008 | |
02-أيار-2008 | |
29-نيسان-2008 | |
26-نيسان-2008 | |
18-نيسان-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |