دفاتر
2008-04-29
1– دفتر الوجع
أعطني فنجانا آخر
لست مستعدا بعد للذهاب ،
أستطيع
أن أحتمل المزيد من التعاسة ،
و أن أقطف بعض الزهور
من بساتين الوجع ،
أضعها على قبر ليلى العامرية .
لي أيضا شرفة أخيرة
لم تعد تطل على شيء
سوى الحجارة المقهورة ،
ولكن الشرفات
ليست للنظر .
لي باب
أغلقه متى شئت ،
وجدار أعلق عليه
ملابسي العارية .
على الجدار
مرآة معتمة
فيها عصفور أبله
يتلو سيرته الذاتية
على لا أحد .
هات فنجانا آخر
أريد أن أزور قبل الذهاب
قرية مهدومة على عرس
وامرأة
طالما أطعمت
عصفور المرآة الأبله
من ابتسامتها .
وهذه هي الحكاية :
الصفحات البيضاء
في دفاتر الوجع
هي صفحات الفرح
التي غالبا
ما يعود العصفور الأبله
ليملأها فيما بعد :
مساء الخير يا سيدتي !
2- دفتر الفزع
أمسك الوقوف بقدمي
عند الحافة الصخرية :
لا أحب الموت هبوطا
علقني على أية شجرة تريد .
ابتسم الرجل الأبيض
ذو المؤخرة السوداء
وأمر الحافة
أن تقترب من قدمي .
في اللحظة الأخيرة
جاءت امرأة جميلة
لمتني بجناحيها
وطرنا فوق الهاوية .
- شكرا ياسيدتي
- لماذا ؟
أنا أعمل معه
منذ كنت زوجة لآدم .
كل الذين رفضوا الهبوط
جعلتهم يهبطون مرتين .
أثناء هبوطي
مررت برجل الهاوية الأبيض
ذي المؤخرة السوداء
وكان يرقص في الضحك .
مررت بأشجار زرقاء
وأنهار مرقطة
ونساء حلزونيات
يأكلن الأزهار ،
بينهن حبيبتي .
مررت بمدن تعربد على الشوطيء
وقرى هائمة في الحقول
وناس يسكنون الخيام
ويخاطبون الرمل .
مررت بكهوف يطل منها الموتى
وحجارة تشير بأصابعها إلى السماء
وكانت كلها تضحك مني .
لا شيء له معنى
سوى الفزع .
3- دفتر الحنين
ما زلت أمشي
في الشوارع الموازية
محتميا بالظل الكاذب
حتى لا أرى وجهي
مرسوما على مناديل الشفقة .
خلفي دائما
مدينة صغيرة
كبرت معي
يعيش فيها الأجمل .
لا أريد مدينة عداها
بيني وبين الغياب .
لم تكن أجمل نساء الأرض
كانت حبيبتي
ولكن ها أنا أموت
دون أن أعرف
أين تعيش النساء
الأكثر جمالا منها .
أحسها الآن نزهة
على شاطيء بحر
هي هو .
لم يكن لي في جمالها حيلة
سوى الحب ؟
مهما تقدم العمر بالأمكنة
وشحبت وجوه النوافذ
فإن نوافذ مدينتي الصغيرة
ستظل معلقة على عبورها الراقص .
هل ما زالت رشيقة يا ترى !
من رأى قدمين
كجناحي فراشة
لامرأة تعبر الشارع ؟
من أحب امرأة مثلها
لم تزره الأحلام .
والحنين لا حيلة فيه أبدا
لذلك ،
لا استطيع أن أحبها
مرة أخرى .
4- دفتر الضحك
قبل أكثر من خمسين عاما
راجعت أوراقي الثبوتية
حرفا بحرف ،
وخرجت إلى الشارع
بوجهي الحقيقي .
بدأت أقرأ الصحف
وألعق الحجارة
وأسأل الأمكنة
عن أوراقها الثبوتية .
طاردتني الوجوه
الموقعة بالحبر السري
وطاردتها
خمشتها بأظافري المقلمة
وخمشتني بمخالبها الحادة .
دفعت ثمن الخبز مرتين
مرة للبائع
ومرة لمدير المدرسة
ودفعت راتبي للبنك
ثلاث مرات في الشهر .
لم أختبيء
في الزوايا الكثيرة للشارع ،
كنت غاضبا
ولكنني لم أكن قويا
وتغلب الغضب على الخوف .
واصلت قراءة الصحف
ولعق الحجارة
ومطاردة المخالب بوجنتي
وأخيرا
هاجمت الشيطان شخصيا
بلعابي .
لم يكن بوسعي
أن أفعل غير ذلك .
ربما كان بوسعي
أن أتودد إلى بعض القطط
لتعيرني ألسنتها
لألعق بها جراحي
فلساني لعقته الحجارة
ولكني لم أفعل
فالكبرياء تاج الضعفاء .
بعد خمسين سنة
عدت إلى البيت
مرفوع الجبين والخدوش
بفاتورة كهرباء لم تدفع
وسلة خضروات فارغة .
5- دفتر الحزن
ألطفولة حجر جميل
على كل قبر ،
كونته اليد الخفية
من حزن الأمومة الذي لا ينطفيء
على طفلها الذي لم يولد بعد .
الإبتسامة
فراشة لم تجد لها مكانا
على الأغصان الممتدة في الألم
فحطت على براءة الشفاه
حيث تلتقي الدموع .
ألحب حزن جميل .
والفرح طفل مزيف
سيموت بعد قليل .
يتعدد الرواة
والحكاية واحدة .
ألجمال
هو السبب الوحيد
للفرح الذي يجدد الحزن
والحزن الذي يجدد الفرح
أية لعبة قذرة .
08-أيار-2021
07-أيار-2008 | |
02-أيار-2008 | |
29-نيسان-2008 | |
26-نيسان-2008 | |
18-نيسان-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |