Alef Logo
ابداعات
              

دفاتر

أحمد حسين

2008-04-29

1– دفتر الوجع

أعطني فنجانا آخر
لست مستعدا بعد للذهاب ،
أستطيع
أن أحتمل المزيد من التعاسة ،
و أن أقطف بعض الزهور
من بساتين الوجع ،
أضعها على قبر ليلى العامرية .

لي أيضا شرفة أخيرة

لم تعد تطل على شيء
سوى الحجارة المقهورة ،
ولكن الشرفات
ليست للنظر .

لي باب
أغلقه متى شئت ،
وجدار أعلق عليه
ملابسي العارية .

على الجدار
مرآة معتمة
فيها عصفور أبله
يتلو سيرته الذاتية
على لا أحد .

هات فنجانا آخر
أريد أن أزور قبل الذهاب
قرية مهدومة على عرس
وامرأة
طالما أطعمت
عصفور المرآة الأبله
من ابتسامتها .

وهذه هي الحكاية :
الصفحات البيضاء
في دفاتر الوجع
هي صفحات الفرح
التي غالبا
ما يعود العصفور الأبله
ليملأها فيما بعد :
مساء الخير يا سيدتي !

2- دفتر الفزع

أمسك الوقوف بقدمي
عند الحافة الصخرية :
لا أحب الموت هبوطا
علقني على أية شجرة تريد .

ابتسم الرجل الأبيض
ذو المؤخرة السوداء
وأمر الحافة
أن تقترب من قدمي .

في اللحظة الأخيرة
جاءت امرأة جميلة
لمتني بجناحيها
وطرنا فوق الهاوية .

- شكرا ياسيدتي
- لماذا ؟
أنا أعمل معه
منذ كنت زوجة لآدم .
كل الذين رفضوا الهبوط
جعلتهم يهبطون مرتين .

أثناء هبوطي
مررت برجل الهاوية الأبيض
ذي المؤخرة السوداء
وكان يرقص في الضحك .

مررت بأشجار زرقاء
وأنهار مرقطة
ونساء حلزونيات
يأكلن الأزهار ،
بينهن حبيبتي .

مررت بمدن تعربد على الشوطيء
وقرى هائمة في الحقول
وناس يسكنون الخيام
ويخاطبون الرمل .

مررت بكهوف يطل منها الموتى
وحجارة تشير بأصابعها إلى السماء
وكانت كلها تضحك مني .

لا شيء له معنى
سوى الفزع .

3- دفتر الحنين

ما زلت أمشي
في الشوارع الموازية
محتميا بالظل الكاذب
حتى لا أرى وجهي
مرسوما على مناديل الشفقة .

خلفي دائما
مدينة صغيرة
كبرت معي
يعيش فيها الأجمل .
لا أريد مدينة عداها
بيني وبين الغياب .

لم تكن أجمل نساء الأرض
كانت حبيبتي
ولكن ها أنا أموت
دون أن أعرف
أين تعيش النساء
الأكثر جمالا منها .

أحسها الآن نزهة
على شاطيء بحر
هي هو .
لم يكن لي في جمالها حيلة
سوى الحب ؟

مهما تقدم العمر بالأمكنة
وشحبت وجوه النوافذ
فإن نوافذ مدينتي الصغيرة
ستظل معلقة على عبورها الراقص .

هل ما زالت رشيقة يا ترى !
من رأى قدمين
كجناحي فراشة
لامرأة تعبر الشارع ؟

من أحب امرأة مثلها
لم تزره الأحلام .
والحنين لا حيلة فيه أبدا
لذلك ،
لا استطيع أن أحبها
مرة أخرى .

4- دفتر الضحك

قبل أكثر من خمسين عاما
راجعت أوراقي الثبوتية
حرفا بحرف ،
وخرجت إلى الشارع
بوجهي الحقيقي .

بدأت أقرأ الصحف
وألعق الحجارة
وأسأل الأمكنة
عن أوراقها الثبوتية .

طاردتني الوجوه
الموقعة بالحبر السري
وطاردتها
خمشتها بأظافري المقلمة
وخمشتني بمخالبها الحادة .

دفعت ثمن الخبز مرتين
مرة للبائع
ومرة لمدير المدرسة
ودفعت راتبي للبنك
ثلاث مرات في الشهر .

لم أختبيء
في الزوايا الكثيرة للشارع ،
كنت غاضبا
ولكنني لم أكن قويا
وتغلب الغضب على الخوف .

واصلت قراءة الصحف
ولعق الحجارة
ومطاردة المخالب بوجنتي
وأخيرا
هاجمت الشيطان شخصيا
بلعابي .

لم يكن بوسعي
أن أفعل غير ذلك .
ربما كان بوسعي
أن أتودد إلى بعض القطط
لتعيرني ألسنتها
لألعق بها جراحي
فلساني لعقته الحجارة
ولكني لم أفعل
فالكبرياء تاج الضعفاء .

بعد خمسين سنة
عدت إلى البيت
مرفوع الجبين والخدوش
بفاتورة كهرباء لم تدفع
وسلة خضروات فارغة .

5- دفتر الحزن

ألطفولة حجر جميل
على كل قبر ،
كونته اليد الخفية
من حزن الأمومة الذي لا ينطفيء
على طفلها الذي لم يولد بعد .

الإبتسامة
فراشة لم تجد لها مكانا
على الأغصان الممتدة في الألم
فحطت على براءة الشفاه
حيث تلتقي الدموع .

ألحب حزن جميل .
والفرح طفل مزيف
سيموت بعد قليل .
يتعدد الرواة
والحكاية واحدة .

ألجمال
هو السبب الوحيد
للفرح الذي يجدد الحزن
والحزن الذي يجدد الفرح
أية لعبة قذرة .



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

أحزان جميلة

07-أيار-2008

دروشات يسارية

02-أيار-2008

دفاتر

29-نيسان-2008

مفكرات الشيوخ

26-نيسان-2008

أرجوحة السرير

18-نيسان-2008

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow