Alef Logo
ابداعات
              

طُوبَى للْمفْجُوئينْ

محمد أنوار محمد

2008-10-21


-1-
آتِي أَنْهاراً نائمةً،
أنامُ في نوْمِها،
أحلمُ في حُلْمِها،
وأفيقُ في فيَضَانْ.
-2-
التُّرابُ مُبلَّلٌ هذا الصَّباحْ:
رُبّما أَنْهارٌ عزَفَتْ أجْراسَها،
رُبّما سَماواتٌ سَيَّلتْ أنْفاسَها،
رُبّما حَرْبُ مشَاعرَ في بُحيرَة الأشْواقْ،
رُبّما صُورةٌ،
رُبّما لوحةٌ،
رُبّما فَقْرةُ قصَّةٍ مُسْتقرَّةٍ في الأعْماقْ.
-3-
لماذاَ أُقطّرُ كَلماتِي منْ غَاباتِ السُّحُبِ، لا الإسْمنتْ؟
لماذا أعْصِرُ مع المفْجُوئين خَمْرَ ومَجازاتِ العالمْ؟
لماذا أنا شَاعرٌ عَمُوديٌّ، لا أفُقيٌّ؟
لماذا أنا مدْفونْ، في حَرْف النّونْ؟
لماذا لا أنْبتُ إلاّ في مَرْج اللّيلْ؟
لماذا صُحْبةُ الرِّيحْ ؟
لماذا الزَّلازِلُ لا تُخْرِجُ أثْقالي، والبَراكينُ نائمةٌ في أوْصَالي؟
لماذا أجِدُ كَلماتي مُبلّلةً ومُلتهبةً في ذَات الآنْ؟
لماذا الكانُونُ لَمْ يَفِضْ بعدُ بالطُّوفانْ؟
لماذا لمْ يَحْتفلْ بي أصْحابُ التّيهِ والغَيِّ في الودْيانْ ؟
لماذا على الأقلِّ لم يحفرُوا قبْري؟
-4-
أُنْصِتُ إلى أعْضَائي، فأسْمَعُ غُباراً في الرِّيحْ.
-5-
سَهْلٌ أنْ أجْلسَ في كِتَابٍ واضحٍ
وأنْ أبنيَ كوخاً على ضفّة سَطْرٍ،
وأجعلَ شاعراً يَطيرُ إلى الشّمْسْ،
ولا يعُودْ.
سهلٌ أنْ أفيّضَ السَّطْرَ بالطّوفانْ،
وأوحيَ إلى فَراشَةٍ ترفلُ أسْفلَ الورَقة
بأَنْ تُنقذَ شَعباً يعيشُ في بلادِ الضَّوءْ (...)
لأُرتّبِ الحكايةَ كَما يَنبغي:
السّقفُ الأعْلى (عُنوانٌ) دائريٌّ مُذهَّبْ،
تتدلَّى منهُ عَناقيدُ سُحُبٍ وعنَبْ (فرَضياتُ معْنى).
تحتَ السَّقْفِ قَافلةٌ طويلةٌ منَ العِباراتِ الغامضةِ،
الضّبابيةِ، المخْتزَلةِ، والمرِحَة.
قافلةٌ تسيرُ ببطءٍ على جسْرٍ
من خَشبِ أشْجارٍ مَحْطوبةٍ
منَ الجانب الأيْسرِ
منَ المخّ
حيثُ شاعرٌ في وضْع اسْتعلاءٍ
مُتأهِّباً للتَّفَوُّه بأمْر التّكوينْ.
وتَحْتَ الجسْر وفوْقهُ،
ويَمينَهُ وشِمالَهُ،
مياهٌ تجْري وتلتفُّ (بَياضات)
إذْ لا يُوجَدُ في الماءِ فَراغْ،
ولا يُوجَدُ الماءُ إلاّ في فَراغْ.
كَذلكَ أعْزِفُ جَنازَةَ العَماءْ
حِينَ مُنْبَثّاً في الهَباءْ
بيْنَ الهَواءِ والهَواءْ
بينَ جَوْف الفَرَاغِ وَرِدَاءِ العَراءْ.
-6-
هواءٌ، والشِّعرُ مرْوَحتِي.
-7-
مُتعةٌ أنْ أجْلسَ في رأسِي أحْصي أنْفاسي.
-8-
وَضعْتَنا بينَ قوْسَينِ، وقُلتَ لنا سِيرُوا.
-9-
لَمْ تسْتشِرْني الطّفولةُ إذْ غادرَتني
كثلْجِ سَحابةٍ عابرةٍ في ليلةٍ باردَة.
الآنَ، أفيضُ حنيناً إلى العَصَافيرْ،
وأشْجارِ الدَّفلى،
وجَليدِ الأوْدية،
ومصائدِ الطّير والأرانبْ،
والحكاياتِ التي لا تنْتهي
للضّفادعِ البرِّية.
-10-
الكتابةُ المُبْدِعةُ تمرينٌ لا يُؤْتِي إلا بالعَمُوديّة الدّائمة.
-11-
قُلْ لوْ كانُوا يعْرِفُونْ.
ما خَاضُوا فيما لا يعْرفُونْ.
وما رأيتهُمْ عن عِرَصِكَ يعْزفُونْ.
وما رأيتهُم في كلِّ زريبةٍ يعلفُونْ.
إن هُم إلا تافهُونْ.
-12-
قالَ الشَّيخُ الأكبرُ:
النّقطةُ أصْلُ وُجُودِ الدّائرَة،
وخَارجَ مُحيطِها يُوجدُ الفَراغْ.
وأقولُ: شِعرُ ( ومعْرفةُ) مُحيط الدَّائرةِ
شعرُ ( ومعْرفةُ) الدّاني، الجَنِيِّ، والمُمْكنْ...
لكنْ ما أعظَمَ الغَارفينَ منْ خارجِ الدَّائرةِ،
حيثُ الفراغُ،
والظَّلامْ،
وما لا تُحَدُّهُ نقْطةٌ،
ولا أفهامْ.
-13-
نَنظرُ إلى الموتْ.
ندْفنُ في عُيوننا نفسَ الشّيءْ،
والألمُ يجعلُنا نحرثُ مَراثينا بطُرقٍ مُختلفة.
أمامَ الموتِ أفضّلُ الصّمتَ، والنّظرةَ الباردةَ:
نظرةَ الجبَل إلى موْتى حُرُوبٍ حِذَاءَ سُفوحِه على مرِّ التّاريخْ،
نظرةَ المياه العَميقة في البحْر إلى سُفنٍ مُستقرّة في أحْشَائها،
ونظرةَ الرَّضيعِ الغامضَة إلى فَراشة مُعلّقة في سقْف البيتْ.
-14-
فتحتُ طريقاً في غابةِ ضوْءِ لَمْبةٍ قَديمة:
كنتُ أربِّعُ جِلْسَتي،
وسيرة الحِمْيريِّ على الحصيرَة،
وعيني دامعَة منْ دُخان الفتيلةِ.
الخيالُ حُفرةٌ في الرّأس تكْبرُ، وتكْبرُ، وتكْبرُ
حتّى تُصْبح باباً كبيرةً إلى الجنونْ.
أصِلُ دائماً إلى البابِ، لكنّي أعُودُ.
كثيرٌ منْ أسْلافي وصَلوا ولم يعُودُوا.
فطُوبى لهمْ. طُوبى للمفْجُوئين.











































































































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

حين انتبه إلى جثثه التي لا تحصى...

07-تشرين الثاني-2009

كما عرضها الله، كما سمعها آدم..

14-أيلول-2009

المفلوك. الجزيرة. وحكاية المرأة.

26-حزيران-2009

قصص أصرت أن تبقى قصيرة جدا..

04-أيار-2009

لن أتأدب للبحر...

18-نيسان-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow