Alef Logo
ابداعات
              

نص الغائب في الضجيج...

كندة السوادي

2009-02-13

نص الغائب في الضجيج...

ثمة طريقة اكتشفتها الفتاة صدفة, حتى تبقى قريبة من خريطة الرجل خارج المنزل, أيام العمل النادرة يعني, الأيام التي يترك التلفاز وشأنه, الطبخة وشأنها.., الشلة وشأنها.., المؤخرة وشأنها أيضاً, منذ فترة ابتاعت من الدكاكين المرصوفة بمواجهة المدينة الجامعية محلات تبيع أدوات التجميل بأسعار طلابية , ابتاعت قبعة زرقاء نفح فيها ساحر صيني عجوز أنفاسه الأخيرة ثم قهقه عاليًا, كان يلهو في بعض الأوقات أثناء العمل ضمن المصنع الأمريكي الضخم في المنطقة, ما أن حطت القبعة (السبور) على رأسها , صارت على مقربة خطوة منه, هو يبصق من خاصرة الحافلة الأن ..الميكروباص الذي له شكل علبة كبريت لكن رمادي أختراع صمم لمساعدة الشعب بالتنقل,تدحرج إلى حضنها فتلقفته بأمومة لو كان حضورها الهلامي غير موجود افتراضيًا لسقط قبل أن يضع قدمه على الرصيف, بدايًة راعاها تسريحة شعره اليوم هو الرجل الذي لا يملك فكرة واضحة المعالم عن الشيء الذي يدعى( الحلاق), اغتاظت من شكله المبهدل تنشغل عنه قليلاً يجازف ويخترع نسق لوني جديد وخطير حقًا, يهم بالخروج ويغلق الباب من وراءه بكل فخر, اغتنمت فرصة أنها ربما ذات وجود لا مادي في الوقت الراهن, حضور غائم جزئيًا غير واضح , والدليل إن أحدا لم يتحرش بها في كراجات وكالة سانا, فاغتنمت الفرصة جيدًا, هبطت راحة كفها على مدرج الرقبة تماماً, مصححةً من اتجاه طيرانه نحو الجسر, فظن أنه مازال يترنح من سكرة البارحة أو انه مازال متأثرًا بالجرعة البصرية المكثفة لكافة أشكال وأنواع المؤخرات السورية الكادحة نازلة وصاعدة الى الميكروباص, كان يفكر بالمتغيرات التي طرأت عليها,ونتائج مباشرة للمأكولات السريعة,فكاد يصطدم ببائع اليانصيب ,هلعت .. وقف شعر رأسها, صرخت ولم يسمعها احد,أقفلت عينيه على عجل ودفعت ببائع اليانصيب الشرير جانبًا..لا ترغب بأن يخسر نقوده مرة أخرى....
أزاحته نحو اليمين انبثقت فجأةً بسطة كتب قديمة أمامهما , ارتعبت ...شهقت ...كزت على أسنانها, سيشتري كتابًا ويندم على ضياع مدخرات الشهر فيشتري قنينة عرق أخرى, مشت معه طوال الجسر , أحد أصدقائها ينتابه حلم غريب نحو هذا الجسر بالذات, كأن يتحول الى مكان راق ترتصف على طوله مقاهٍ وبارات يتنزه فيها العشاق بثياب تليق بالسهر عاشقات بفساتين جذابة وعشاق با(التوكسيدو),يجلسون على طربيزات لكرسيين فقط مع أضواء خافتة,سمعته يفكر بصوت عال , لوكنت يا غالية معي في هذا اليوم الشائك ... هذا اليوم الكلب ابن كلب ..تشاهدين معي دمشق كيف تحولت إلى مرحاض عمومي كبير في الألفية الثانية من بعد الميلاد, كيف صارت الشام بلد احتله الغجر, بتصرفاتهم الغريبة يسرقون الأطفال, ويملؤون الأفواه أنياب معدنية, بلاد دون أقل أحساس بالهندسة. مكان بمثابة مرتع على مساحة ....دجالين ... رعاع ....حمقى.... موظفين ...نصابين......مختالين .... مهزومين ..... وقرف.... بل أشد من القرف.... سأتقيأ.. أستند على حديدة... أنقلعوا صرخ الرجل في منتصف الزحام ,قالت: أخرس وإلا نعتوك بالهبل , انقلعوا وألا فرغت ذخيرة كاملة على رؤوسكم دار حول نفسه مقلدًا وضعية من يحمل كلاشينكوف تسارعت نبضات قلبه وارتفعت حمرة خفيفة على خياشيمه لوهلة أصابه شغف ما باللعبة, لكن الرجال في غيبوبة والبضاعة الفاسدة صار شعارا للمدينة بكل الأحوال
خفف من روعه وأكمل المسير ,هذا ما يجول في بالك إذًا, تأبطت ذراعه وابتسمت بخبث...
, لو انكِ معي.. تشاهدين معي العساكر في يوم الأجازة كيف يمشون في الشوارع كملوك يستبيحون نساء ذاهبات الى العمل يشترون كاسيتات أغاني شعبية, قالت له : لا تنسى ان تذهب إلى المكان تستفسر عن القروض التي سحبتها جزافًا يا حبيبي ....,لم يسمعها بالطبع كان مستغرقًا في الدرس الذي لقنته أياه ذات ليلة عن مبادئ الاختلاجات النازفة على الجسد الذي لا يشبع , وأصول الشهقة تلو الشهقة على مشارف شفة واحدة
في الطريق شاهدت رجلاً يجلس على الرصيف بالقرب من لافتة تقول قف,
بعد عدة أمتار لمحت نفس الرجل قاعدا يستظل بلافتة تقول ممنوع الوقوف أو التوقف...
ربما كان نشيطا في الركض نحو مثل هكذا إشارات لا أكثر، ..
سهت عنه، كان سيشتري كعكة تسبب الإسهال ع الماشي صفعته بقوة: لقد قلت لك مرارًا إن لك معدة مثقف يساري شاب لا تقدر على بلع كل شيء...رمت بالبائع وكعكاته الى الأسفل ثم نفضت يديها جيدًا كربة بيت ممتازة, قبل ان ينزلوا على الدرج , التقى بالصديق الذي يلتقي به دائمًا هذا ذو الحديث الماسخ , و الأنف المدبب ما اسمه, نسيت أسمه الآن, والتي تشتهي تمزيق حذاء عتيق عليه كلما تراه , وتطفل على سهرة , طلع من العدم, او انحشر في ثياب الرجل الداخلية , محض رغبة دون مبرر, في الحقيقة هو لم يفعل شيئًا يزعجها , تأكدت الآن ان وجهه هو السبب , او الضجيج . نعم هو الضجيج... .
ابتهجت بشدة حين ألقت القبض عليه متلبسًا يفكر بهذه الطريقة أثناء الغياب, يتذكر كل التفاصيل التي تخصها, و يتذكر.... ان يرد الصاع صاعين لهذا الزميل المتشاوف ويطق له برغي ماكن خاصة أن في حوزته مستندات....
ان يشتري كروز دخان قبل ان يدلف البيت ..
ان يحكي لها الحكاية التي تجعلها تطلق ضحكة سخيفة يهيم هو بها هذا المساء....
بينما كان في طريقه الى الوظيفة, أكتشفت من حركة عينيه الدائريتين أنه يستجدي ملامح بشرتها النظيفة بعد الحمام , يهمس جسدك ندي ندي أيها الرب ,وكفوفي جافة كالليفة التي تفركين بها كعب قدميكِ حبذا لو تنقعني بالخل شهر, يستحضر أريج ألأنوثة ليخفف من الغازات المسيلة للدموع عوادم السيارات لو ينثرون عطركِ في الطرقات لأستطيع المشي فيها , قالت له : أحبك .. ارجوك فكر بي هكذا على الدوام , ولكن لا تنسى ان تتصل بالرجل الذي وعدك أن... استل هاتفه النقال من جيبه واتصل به مباشرةً, للحظة تخيلت ان للقبعة مميزات اضافية كرم صيني بالمجان, لكنها لم ترغب بالشطح أكثر, واقتنعت انها مجرد صدفة ..... بعد ان انتهى من المكالمة كان يحكي مع نفسه, تنصت أليه ولا يراها تنصت كعادته: أين أنتِ اليوم , راح عليكِ هذا المشهد , ألم أخبركِ يا غبية أننا نستطيع ان نهاجم تعاندين وتأمريني بأن أخرس, الآن انظري الى هذا الجيش الجرار رجالاً ونساءً باتجاه سرفيس( مزة جبل ـ كراجات),حتى أخال ذاك الفتى المهتاج هناك, صلاح الدين الأيوبي قادم... لو انكِ معي في هذا اليوم المغبر , أنت معي , تلتصقين بي في السرفيس عوضًا عن هذا الأحمق و رائحة فمه الكريهة كنهر بردى, ثمة سؤال كم أحتاج الإجابة عليه... من هذا الذي أطلق على المدينة صفة الوردة الجورية....ومن بصق هنا .. كم أكره يا حبيبيتي أيام العمل الطارئة أريد ان أندس في بطنكِ مدعياً ان لا شيء خارج البيت كأن أحسب ان الخارج ذئب وبيتنا جزيرة بكر, نظرت أليه مطت شفتيها قالت بهم أطبق على صدرها : أعلم ...أعلم ولم يسمع شيئًا كعادته أيضًا...
بقي نصف النهار في الدائرة الحكومية التي يعمل فيها يشرب الشاي مع (أبوحسن) يثرثر ويستمني ممارسة الكسل على فخذها الأسمرالعاري يضع كل ثقل رأسه , يتثاءب ثم يتقلب بينما تعبث بشعيرات صدره بيد و تمسك كتابًا يدعى (المحاكمة والأرهاب) في كفها الثاني....
بعد ساعة ذهب إلى الموعد مع الرجل الذي ينوي مساعدته. خلعت أخيرًا القبعة الصينية العجيبة, وأتصلت به حين كانت تنتظر عبثًاً سيارة أجرة في شارع النصر, كان يقف تمامًا أسفل حائط كبير كتب عليه (لا تبول هنا يا حمار) ...
أنا مشغول الأن أنتظر...
حسنًا .... فقط... أردت ... لم تقل لي اليوم كم انتِ تافهة يا حبيبتي.....
كندة السوادي




تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

صحون سلمان النظيفة

21-حزيران-2009

الثقافة الشعبية

07-حزيران-2009

كائنات الخديعة

22-نيسان-2009

أتبكي أمك ياكاظم وأنت عراقي؟!

01-نيسان-2009

هيتشكوك كتب القصة القصيرة جدًا أيها السوريون!

24-آذار-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow