Alef Logo
المرصد الصحفي
              

هيتشكوك كتب القصة القصيرة جدًا أيها السوريون!

كندة السوادي

2009-03-24

غريب أن يفشل الجنس الأدبي المدعى ق,ق,ج بترويج نفسه بشكل جيد في هذا الأيام, رغم أن هذا الحقل شديد الأتساع والثراء ولم تتوغل فيه الأقلام بحق, بمعنى أنه مازال أرض بكر يحتاج إلى من يفجر مواطن الحرفة الكتابية فيه, الحرفة ذاتها التي كانت تدفع (بريخت) الكاتب المسرحي العظيم نحوها بدافع الرعب ومشهد خطاب دهان البنايات... وهذا برأيي ليس بالأمر اليسير الذي يتخيله البعض أبدًا أعني كتابة قصة قصيرة جداً يتزاوج فيها السرد والتكثيف دون أي اختلال بالموازين الأدبية كأن يغلب السرد على حساب القصة مما يضجر منه القارئ، فتنفى عنه سمة القصر أو تكثف القصة لتدخل في نفق الظلامية وعدم الوضوح مع أنها تهمة توجه بشكل عام إلى الحداثة ، إلى أنها تضر ببنية القصة بشكل خاص ، فالقصة القصيرة جداً تستوجب الدقة في المشهد القصصي، تفاصيل الحكاية ومقاربتها من منطقة العيش الطبيعي للأنسان. المنطقة التي يمارس فيها الواحد منا حياته اليومية بمعنى أن يأخذ الكاتب بعين الإعتبار جملة المتغيرات الواقعية التي تنسف بالمبدع العربي كل يوم، فما معنى كل هذه الروايات الرومنسية تلك التي تصاغ بقدر أقل من المعاناة في زمن يتخلى الكثيرين من أدباءه عن أحلامه الشخصية شيئاً فشيء ، بعيداً عن جو الكتابة ان صح التعبير، وهو بالنهاية ليس منزهاً عن الرداءة التي تجتاح شوارع المدينة التي يسكن ، الحالة الاقتصادية أيضاً بتأثيراتها النفسية المعهودة ،و التي تلعب دورها في القضاء على ما تبقى في جيب الكاتب الفكري من مشاريع ثقافية .أمور كثيرة تنقص القصة القصيرة التي نقرأها هذه الأيام ، من ثم تحتاج (ق. ق. ج ) أن تنطلق من النقطة التي انبثق منها العالم وخرج الشعر بهذه المعادلة الكونية التي يفهمها الكاتب وحده اللغة بوصفها تجلي حقيقي للحظة الإبداع لا تمت للأنشاء الفارغ بصلة حيث تأليف الأحزان والنفي القسري ، ورمال التوق الوجودي ، ودموع السماء التي تنهال من عيون البشر... ومتى سيتوقف كل هذا الهراء؟! لا أرغب بسماع كلمة إضافية عن تلك السخافة بقدر ما أريد أن ألمس تأثير التردي والقذارة اليومية على الكاتب ،ولماذا كلما ننتهي من أمسية قصصية نعود بخفي حنين ونكاد ننسى في اليوم التالي ما تلي على أذاننا في المساء, أين القصة.. القصة ؟دعك من الصدى الرطب الآن , وأرجو أن تتوقف أيضاً عن تذكر أغنية فيروز مافي حدا ... دعنا نتحلى بالصدق هذه المرة ، الذي فقد من قاموس الكتابة وعلى فكرة أوجه تحياتي للكاتب الذي يحترف تطيير الفيلة بشتى أشكالها فيفصح عن حقيقته على الورق، في مكاشفة يشتهي القراء استعادتها أحياناً وأضفاء الذاكرة بيوميات حصلت فعلاً على ارض الواقع السوري .وما نقرأه من القصة إما نصوص تخاطب الأمراض النفسية النادرة وعلل الأنسان الحديث بتلك الحبكة الفجائعية والتي تفترض بأن الجميع يعاني ما يعانيه أبطالها من تشرذم وهبل , إنهيارات درامتيكية,و غرائبية فاقت أفلام هيتشكوك الذي بالمناسبة كتب القصة القصيرة جداً في شبابه, وكانت نصوص في غاية المتعة بما تنضح به من بوليسية وتشويق حقيقين,أو قصص يفترض بها أن تكون موجزة , سريعة, مكثفة بأن واحد والأمر لا يتعلق بوصفة شامبو جديد على الإطلاق، بقدر ما يقترب من حل لنسق أدبي متورم برياء كتابنا ، فتنحو باتجاه السرد المطول والبعثرة والتشتت الذهني , لتنتهي بقفلة فجائية تكون أشبه بمن روى للتو نكتة سخيفة ,وتجعل القارئ في حيرة من أمره يصفق أم لا! جرب أنت... ، تستطيع اقتناص تلك الحيرة على وجهه تمامًا بعد صمت القاص بقليل وهو بدوره مستعد لسماع دوي التصفيق في الصالة , يصفق الجمهور و يكاد يشك أحدهم أن هذا المحتوى صالح لرواية من عدة أجزاء أكثر من قصة قصيرة على ذمته, وهنا نتكهن بأن الكاتب قرر الإختصار في أخر لحظة ربما ليلحق رفاقه بالأمسية ؟! ولا يفوت أي انتصار وهو الكاتب والمسرحي والشاعر والقاص أخيراً ومن الجلي ممن يتابع حركة القصة في سورية , أن كتابها يعانون من تمييز معنوي خفي وأحيانًا غير منطوق بالعلن, على اعتبار أنهم يكتبون القصة فقط. وكأن هذا النوع الأدبي يخصص للصغار في الساحة الثقافية وأنصاف المبدعين الهواة , والإناث الحالمات على حد سواء والمجد يذهب كله بالمجان إلى كتاب الرواية الأشاوس أصحاب الصنعة الحقيقة وطول البال واستحقاقه للمجد يأتي ربما لأنه يدخن عدد أضافي من السجائر ويضر الرئة النافثة أوكسجين الإبداع المشتهى , حتى و إن كانت الرواية لا تتجاوز مئة صفحة وتتألف من قصص مترابطة , أخذين في الحسبان أنها رائجة أصلاً , وجيدة بالأساس,يحدث كذلك مما يحدث من القصص الغريبة , أن الكاتب السوري الشاب وما أن يفرغ من كتابة مجموعته القصصية الفاشلة , لأسباب تتعلق بشح المخيلة , وكلاسيكية الطرح , وأضطرابات في شخصيته أيضًا وعفن ذاتي متأزم, حتى يقرر خوض عباب الرواية مبررًا السقوط الذريع, بأنه أفحل من أن يكتب القصة وأنتهى من التجربة ,ليصفع الروايات المرتصة في السوق صفعة واحدة بروايته القادمة إليكم أيها القراء ...فاستعدوا ! نشرت في شرفات كندة السوادي

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

صحون سلمان النظيفة

21-حزيران-2009

الثقافة الشعبية

07-حزيران-2009

كائنات الخديعة

22-نيسان-2009

أتبكي أمك ياكاظم وأنت عراقي؟!

01-نيسان-2009

هيتشكوك كتب القصة القصيرة جدًا أيها السوريون!

24-آذار-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow