Alef Logo
الآن هنا
              

لجوء ثقافيّ : الدكتورة

شهلا العجيلي

2009-07-31


لعلّ الملاحظ لحركة الرواية في العالم، ولترجماتها إلى اللغات الأخرى، سيجد أنّ رواية اليوم تفوح منها رائحة (الكاري)، إذ تجري أحداثها في شبه القارّة الهنديّة، أو في كانتونات الهنود والبنغال والباكستانيين، في لندن أو نيويورك، كما كانت قبل تحفل بطعم (الباييلا)، القادم من أميركا اللاّتينّة، كما ويلوح أنّنا سنقرؤها على رائحة خبز (النانو) الأفغانيّ قريباً.
ويبدو أنّ السؤال الذي يستحقّ الطرح هو: متّى سيعكف العالم على رواية برائحة نار الأثافيّ الثلاث؟
إنّ نصوصاً مثل نصوص (مونيكا علي)، و(أروندهاتي روي) و(خالد حسيني) يعيش كتّابها حالة لجوء ثقافيّ، فقد غادروا بلادهم الأصليّة، وكتبوا باللغة الإنكليزيّة، وتُرجموا منها إلى العالم، وقد ساقهم إلى الكتابة حنينهم إلى المكان بتفاصيله الزمانيّة، والإنسانيّة، والثقافيّة عموماً، وساعدهم حضور المسافة في الحفاظ على حالة التوازن في رؤية الذات. ليس ثمّة تطرّفات في مثل تلك النصوص، لا في الولع والتغنّي، ولا في القطيعة والهجاء. إنّها نصوص تحكي التفاصيل من غير تذمّر، ومن غير أحلام جامحة في تغيير الوطن من أرض المنفى أو المهجر، ومن غير وعود بإحداث ثورة اجتماعيّة- ثقافيّة- عسكريّة بـ (الريموت كونترول)، وذلك على الرغم من أنّ وراء كلّ مهاجر مأساة ما، كما تقول (مونيكا علي) صاحبة (شارع بريك لين).
تهتمّ تلك النصوص بالذات، لكنّها ليست الذات العدائيّة، التي تريد التفوّق من أجل الانتقام، إنّها الذات التي تستكشف، وتقرأ مشكلاتها في ضوء هذا الاستكشاف، متخلّية عن عقدة الدونيّة أمام الآخر، وعن الرغبة في إضرام النار التي ستحرق الجميع. إنّها ذات تقاوم الموت، والفقر، لكن ليس بالطريقة ذاتها التي تقاوم بها الذوبان في الآخر، لأنّ تخلّي بعض النساء في لندن عن لبس (الساري)، أو (البرقع) لا يعني مطلقاً انقراض ثقافة البنغال أو البشتون.
لاشكّ في أنّ كتابة هؤلاء انتشرت لأنّهم كتبوا بالإنكليزيّة، لكنّ كتابات غيرهم انتشرت أيضاً على الرغم من أنّها جاءت باللّغة الأم، كما حصل مع (ماركيز)، و(كويلّو)، و(أليندي)، و(تابوكي)، لعلّ الانتشار كان بسبب الترشيحات والجوائز!
تطرح في الساحة الثقافيّة العربيّة جوائز كثيرة، ويُرشّح عدد لا بأس به منها النصوص الفائزة للترجمات، ومع ذلك لا تروج رواياتنا! ولدينا جهات حكوميّة عديدة مخوّلة بالترجمة، وتمتلك مشاريع لذلك، منها وزارات الثقافة والمجالس العليا للثقافة، وبعض روابط الكتّاب والاتحادات، لكن يبدو أنّ الأزمة فيها أزمة اصطفاء، أي أزمة ضمير مهنيّ، تجعل كتّابنا في حيرة حول سبيل الوصول إلى العالم، ممّا يضطّرهم إلى لجوء ثقافيّ إلى بعض الجهات الداعمة من منظمات دوليّة، ومؤسّسات أجنبيّة، أمّا النتيجة فهي كتابة وفاقاً لمقاييس الآخر، وخطاب موجّه إلى قارئ، يعزّز به رؤيته، التي تجد أننا مجموعة من الإرهابيين، في مجتمعات تعيش عصور الحريم، أو أنّنا متوحّشون نعيش في عشوائيّات يتقاسمها روث الدجاج وبعر الماعز!
لابدّ من الاعتراف بأنّ مجتمعاتنا الثقافيّة مجتمعات طاردة، لكن إن كنّا لا نملك القرار الحاسم في تغيير ميزان الاختيار الذي تتمسّك به جهات معيّنة، فإنّنا على الأقل نستطيع أن نتخلّى عن أصابع الآخرين في الكتابة عن ذواتنا، ولعلّ استراتيجيّة التخلّي هذه ترتكز على نقطتين:
الأولى تقول: لا تقتل أباك، بل تعامل معه بوصفه (حدثاً) تاريخيّاً في أسوأ الأحوال. والثانية تقول: لا تعرض لحم أمّك للبيع، لأنّه سيكون رخيصاً جدّاً!
النشر الألكتروني خاص ألف
النشر الورقي(الثورة) السوريّة

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

النكوص النسويّ في الحراك العربيّ

04-كانون الأول-2011

لجوء ثقافيّ : الدكتورة

31-تموز-2009

أحجار كريمة

12-تموز-2009

ثكلى، لا نائحة مستأجرة!

08-تموز-2009

أموت.. وفي نفسي شيء منك

30-حزيران-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow