Alef Logo
ضفـاف
              

كم غرنيكا يلزمنا لكل هذا القتل؟ لقاء مع الفنان بسيم الريس

فاتن حمودي

خاص ألف

2011-09-12

الفنان السوري بسيم الريس يطلق مشروعه" جدارية الثورة السورية الأربعة عشرية
كم غرنيكا يلزمنا لكل هذا القتل؟


هل يمكن للأعمال الفنية أن تسجل لأحداث تاريخية هامة، و إلى أي درجة تشكل الفنون موقفا مشاركا في معركة الوجود التي يطرحها شبابنا السوري في ربيع الثورات و التي تحمل عنوان الحرية و الكرامة ؟



أمام هذا المشهد لم يستطع الفنان السوري بسيم الريس بضميره اليقظ و رسالة المحبة التي تشكل الخيط السحري لأعماله الفنية و الأدبية معا، إلا أن يتناول جوانب من هذا الرهاب الذي حكم المكان و المرحلة...من خلال مشروع أطلق عليه عنوان " الجدارية السورية الأربع عشرية".. فالشهيد يدخل محترفَه كموضوع ، بعد أن بات القتل مشهدا يوميا ،وهو ما دفعه للكتابة على صفحات الفيس بوك :" ليكن ذكرهم مؤبدا شهداؤنا".


فأمام تسارع الأحداث التي يشهدها الواقع السوري، يوميا و على مدى ستى أشهر، حيث بات ما يقال لا يصلح للغد، إذ يختلف الشعور في تسجيل اللحظة، كون التسجيل الآني هو الذي يضيف قيمة شعورية للعمل، و طالما شكلت في هذه الأحداث صورة الشهيد صدمة للعالم، كونه يخرج بصدره متحديا ، يقول كلمته حرية، و يرحل بعد أن يسجل موقفه من الحياة، يقول الريس، أمام هذا المشهد الذي تجاوز فيه عدد الشهداء الألفي شهيد، كان لا بد لي أن أن أنتقل من مبادرتي التي أطلقتها مع سقوط أول شهيد في درعا" لكل شهيد لوحة"، نحو مشروع يحمل عنوان" الجدارية السورية الأربع عشرية . منطلقا من أنه لا يريد إعادة إنتاج المرئيات بل جعلها مرئية للعالم أجمع ، ضمن بانوراما لونية تدين فعل العنف الإنساني






يتابع الريس، ارتفاع عد د الشهداء و ضعنا أمام مشكلة حقيقية، ما خلق عندي فكرة الجدارية، و هي الحالة التي توثق بالبعد التعبيري ، و تخلد اللحظة بمشاعرها بألمها و خيباتها، بفرحها بدمها، بأهازيجها، بأطفالها ، مؤكدا على أن الجدارية مهمة إنسانية فنية.


و يشير إلى أن العدد ألف مكوّن من ثلاثة حروف، و لكن حين تحاول أن تبدأ بالعد، فإنك تتعب و تتوقف أنفاسك حين تصل للعدد مائتين، فما بالك بأعداد الشهداء التي قاربت الثلاثة آلاف، يتابع، كيف يمكننا اختزال ألف حلم، ألف طموح، ألف حب، ألف خيبة، ألف أم، ألف يتيم، قتلوا برصاصة واحدة، يتابع، من هنا حق علينا أن نساهم بشيء، لذا فإن هذه الجدارية ستكون إحدى هذه المساهمات، لتسجيل اللحظة و ملاحقتها، و التعبير عنها و بشكل عفوي بعيدا عن التخطيط المسبق.





أربع عشرية
و يعلل فكرة تقسيم الجدارية إلى أربع عشرة لوحة قائلا، أردت بذلك الدخول في الخط الزمني للأحداث، ربما كانت الصرخة الأولى من دمشق، لكن الشهيد الأول كان في درعا، بدرعا تحوّلت الانتفاضة إلى حالة دموية، و لأنني أحكي عن الشهداء سأبدأ الجدارية من درعا، ثم أنطلق نحو أربع عشرة محافظة سورية، و حسب التسلسل الزمني، و من الممكن أن أوثق أسماء الشهداء، كون الجدارية تسعى إلى اختزال المشهد اليومي ببعد فني عفوي تفرضه سيرورة الحدث، لذا فإنني ألحق اللحظة، أبني قبل التعبير بالخط و اللون، جاعلا من الميكس ميديا" الكولاج"، إحدى وسائل التعبير، بعيدا عن الرؤية الكاملة لصورة العمل، و بالتأكيد فإن هذا يسهّل لي الإنطلاق و المتابعة.


و طالما شكل الفن إحدى أدوات التعبير الكبرى، و إحدى الإدانات في تصديه لموضوع الحرب و المجازر التي ترتكب بحق الإنسانية، فمن منا لا يتذكر لوحة" الغرنيكا"، للفنان التشكيلي الاسباني بيكاسو، و من منا لا يربط أعمال غويا بالتاريخ الإسباني و يعتبره مفصلا في تاريخ الفن المعاصر .



و على طرف آخر من لا يتذكر " جدارية الفنان الفلسطيني" الحلاج"، و " ثلاثية" أيلول الأسود للفنان السوري يوسف عبدلكي، أعمال كثيرة جعلت من الفن موقفا ملتزما بقضايا الإنسان، و هذا ما يحيلنا إلى مشروع الفنان السوري بسيم الريس ، الذي حمل في تجلياته إدانة الواقع الاجتماعي و السياسي من خلال سيرورة نتاجه الفني ، فالإرهاب و العنف و القتل ، و الذبح المسلح ، مفردات بالنسبة لضمير المبدع تعني الشر، و تعني أكثر قتل الإنسانية.



لذا فإنه و بعد ستة اشهر من عمر الانتفاضة السورية، ستة أشهر من استباحة المافيا العسكرية لشباب بعمر الورد، ستة أشهر و الدم يرسم خارطة سوريا الحرية، كان لا بد من ولادة فكرة الجدارية، فكم غرنيكا يلزمنا لكل هذا القتل؟




















تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

كونشيرتو اللقاء الأخير

20-نيسان-2019

مشعل تمو....شهيد سوريا الحر..

08-تشرين الأول-2011

كم يلزمنا من المطر ليغسل كلّ هذا القتل

28-أيلول-2011

إنهم يخنقون الهواء

23-أيلول-2011

أيها الغضبُ..يا صديقَ الأنهارِ

21-أيلول-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow