Alef Logo
يوميات
              

صَـيـف

نداء أمريش

خاص ألف

2011-12-17

ألم تـُراهني على كتابتي لكِ؟
ها أنا افعل، امرأةً مثلـُكِ تـَستـَحِقُ هكذا كتابة، لا لتـُغير مَنزِلتِها في القلبِ والذاكرة، بل لأجلِ أن ارتـَكِز على كاملِ إنسانيتي بعدها، لم أعِ مُطلقا من قبل أن امرأة ً قد تـَحرِفَ مساري وتـَصدُمَني بحائطِ الوعي والمَنطق وتـُشعل فيَّ سقفَ الغياب. عامٌ وثلاثة أيام بالفعلِ الماضي. اليوم أتعرف إليكِ الكترونيا، انه الأحد، وتـُفتح نـَوافـِذنا في وَجهِ الحديث على حافةِ فجرٍ، أنا وأنتِ كنا مضجَرين فيه من الغـُربة، كنتُ أخـَشى لفرطِ وَجَعي أن تـَخذُلـُني الدنيا بك، ولكنني لم أتـَوقع ابدأ أن الدُنيا خـَذلتك مِرارا، وخانت قـَدَميّك في اللحظاتِ الأشد التي احتـَجتِ بها للوقوف. لذلك جانبا عن الحـُب، صَلواتي لم تـَكـُن استِثناءا بل عَبثا، فإيماني لم يَصل الحدَ الذي تـُقبل عِندَه الصلوات، وعادَ كلُ شيءٍ إليَّ خاويا، مُهتـَرءاً لا يَصلـُح لشيء ولا لِحُبِ امرأة ً سواك.
ما يُميز الحُزن عن الفـَرَح انه قـَوقـَعَة ٌ تامة، نـَستطيع داخِلـَها أن نـَبكي ونـَشهَق ونـَفرك عيونـَنا حتى تحمَر، خصوصا إذا كان كل منا على حَدِ نافذةٍ الكترونية، بَعضُ الأشخاصِ حـَقـِهم في حـُزنِنِا عليهم سَرمَدي،لا يـُمكِننا أبدا أن نـوقـِفَ الحـُزنَ عليهم أو حتى لومهم، انـَهُ الفـُقدان وليسَت الخسارة، الخـَسارة شيء تـَتـَكـَيف مَعَه إنسانِيَتنا، أما الفـُـقدان هو حالة ُ عَجزِنا المُستـَمرة لا أكثـَر !
لا ادري إن كـُنتُ حَزينا لذلك اكتبُ عَنكِ أنتِ تـَحدِيدَا الآن، أو كـُنتُ في مَنطِقةِ اللاشـُعور، وأنتِ تـَغيبين اللهُ وَحدَه يُهَوِنُ عـَلـَي هذا الحَنين، وأنا أبني ذاكِرَتي المُضادَة، كي تـُسعِفـَني على الأقـَل للعـُبور مِن هذا المَضيق ولا احتاجُ لرَحيلٍ آخرَ لأتجَاوَزَكِ، لا أثـِقُ بـِقـُدرَتي على نِسيانِك، ولكن أثـِقُ برَغبَتـِك وشـَبقـِك للكـِتابَة، هكذا رِوايَة ٌ واحدة ٌ بَينـَنا هيَ فـَصلُ الخـَطب. سَأرَوِضُ جَسَدي أن لا يَحتاجـُكِ حتى في اشـَدِ لـَحظاتِه جـُوعا.
امرأة ذاتَ صباحٍ غـَيرت قـِبلـَتـَها وصَلاتِها لإلهٍ آخر، وأفصَحَت جـِئتُ إليكَ فـَقط لتـَكتـُبني. هيَ مَن نـَظـَرَتني مَشروعَ شاعِر، وكاتبا له من الحـُزنِ ما يـَكفي ليـَفـُضَ بكارَتِها على الوَرَق، ويَملأهـا بتفاصيلٍ غاية ً في الصدقِ وفي الكـَذِب، مَنـَّت عَلي بتفاصِيلها الأشـَدُ خـِفية لتـَأخـُذ كتابـَتي شـَكلا أعمَق، واثـِقـَة كانت أني لا اختـَزِلُ الكـِتابة، ولا أزاحِمُ أحدا في طابورُ التـَفاخـُرِ بـِكـَم كانت غـَزواتِهُم على أجسادِ النـِساءِ مَكسَبا. أنا الذي كان انكـِسارَ كل أنثى يـُدميني، أتـَت مَن تـَكسِرُني إلى آلافِ الشـَظايا وتـُبَعثـِرُني كي لا أصلـُح لامرأةٍ بَعدها، هي لا تـُريدُني، إلا لغايـَتِها التي إلى اليَوم وأنا على عَهدِ الوَرَق لم افهَمها يَوما، كـُنتُ على يـَقين أنها لا تـَرغـَب بي لأبَدِ وجودنا، كان ذلك واضِحَا مِن أحاديثها المـُتـَوَعِكـَة بالزَمَن.
ضَحِكاتـِنا على أطرافِ الهاتـِف، رقصُنا بالكلماتِ على الشـَبكة، كـُنا حَبيبَين على وَشـَك ! ولكِنـَها أرادَت أن اكتـُبها، لذلك غـَزتني ألما يـَكفي ليَجعَلني اشرعُ بالوَرَق، وأرادَت لي خَيبَة كـَهذه كي لا يَكون أقسى مِنها أحَدا على ارضِ الحُب، واعَدَّت قـَهوتـَها بأنانِيَةٍ مُطلـَقة اتجاهَ خاسِرٍ مِثلي، كانـَت آخِرَ إنسانـَةٍ أوصَلـَني إليها القـَدَر دونَ أيةِ حَماقات.
حَنـَقي مِنك خـَذلـَني أيضا وأنا اقسِمُ ألافَ الأيمانِ أن لا أكـتـُبَكِ، لمَ أنتِ تـَستـَعصينَ على الحُب وتـَسهُلينَ للكِتابة، صَوتـُك الذي أتاني دَومَا ذاتَ هاتِفٍ أو ذاتَ مُراسَلـَةٍ الكترونية ، وقلتِ " لـنـَكن واضِحينِ مُنذ ُ البداية" وأنتِ تـَتـَنـَشقينَ صمتِيَ المُقابـِل " أنا هنا لـتـَكتـُبـَني فـَقط".. ، استـَمَرَيتُ مَعها على جـُثـَهِ هاتفٍ يَستـَمِعُ إلينا، لكي اكتشِفـُها فقط، هي مَن أتقـَنـَت كـَيفَ تـُثيرُ فضولي وتـُشعِلُ بأنوثـَتِها التي تـَتـَسَرَبُُ إلي مُقـَطـَرَة بالهاتـِف كـُل كـَوامِنِ الرَغبَةِ داخلي، عَطـَشي للأجوِبَة كانَ يـَزداد، وشـَمسُ صَحرائِها تـَشتـَدُ احتِراقـَا وتـُعريني مِن الواني، وكلما اشتـَظتُ عليها غـَضَبَا في الهاتف أطفأتني بـِكـَلمة " بإمكانك الانسِحابُ متى شِئت" . وشاحُ الحُزن الذي يَعتـَصِر صَوتـَها في آخرِ كـُل مـُكالمة كان يَجعَلني أعودُ دَوما إليها تـَائِبَا عن غـَضَبي، راضِخـَا لما تـَشاءُ مِن الحـُب مَعي، وهي تـَمُدُني بكل أدواتِ الكِتابَة، من قالَ لها أني أريدُ أن تـَصنـَع مني كاتِبا، أتـَت لتـَترُكـَني حَزينـَا بما يـَكفي لأجلِ الوَرَق، لم أكـُن أريدُ فـَضلا كهذا مِن امرَأة.
مرَّ وقتٌ، وحَدَثَ فيهِ مِنَ الحُبِ كـُلُ الافتِراض، رَجـَوتـُها أن نـَتقابل أن تـَسمح لي أن ألقاها مَرة واحِدة فقط، على الأقل لتـَكون الكِتابَة على ارضٍ صَلبة، رَفـَضَت قائلة "النِصفُ شيء يُغريكَ بالكـَمال، لكن الكـَمال لا يُغريكَ بشيء"، صَرَخـَتُ " صَيف أرجوكِ ..لا تـَفعلي ذلك بي ..هذا ليس عدلا" .
وأغلقت الهاتِف ونـَسيجُ الألم يـَلـُفُ أذيالَ الصَدى التي تـَرُجُ في أذُني، وهَي تـَقول وداعَا عُمَر.
واتاني طـَنينُ إغلاقِ الهاتِفِ كـَرصاصاتٍ اجتاحَت أذني وأرسَت رَعشَة ً في جَسدي وهي تـَغتالُ ما بينـَنا بكـُل بساطـَة وتوصِدُ عَليَ كل الأبواب وتـَترُكـَني الهَث خارجَا ولم تـَترُك لي فـُرصَة سِوى الكـِتابَة أمارِسُها معها من طرفٍ واحِد. أرسَلت رسالة نـصية " ربما ذَهـَبَ ما بيننا ابعدُ ما كـُنتُ ارغـَب، وتـَمـَرَدَت على المَدينة آلهة الحُب والمَطر، وجَمَعتنا، اعـتـَذِرُ لكلِ الصَلواتِ التي نـَسيتـُها عَفوا أو قـَصدا، لكن عُمقُ إيماني أوصَلني إلى أن كل صَلواتي لن تـُعيدَ لي خـُطوة واحدة أمشيها نـَحو حـُلمك ... أنا مُقعَدَةٌ .. يا سَيدي"
هاتـَفتـُها ووَحدَه صَوتُ الهاتِفِ الخاوي يَعود إلي دَوما، لا رَغبَة لها بأحاديثٍ لا أقدامَ لها، شَحـَنـَتني بماء الوَردِ دون أن تدري أثناء عبورها الأخَير بينَ صَفـَحاتي القـُدامى أننا كلانا مُقعَدا حُلم.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

أنت الذي هنا

21-نيسان-2012

نِصفَ سُنبُلـَـة

23-آذار-2012

وردٌ عِندَ قـَدميكِ

20-كانون الثاني-2012

والرَسمُ يَأخـُذ شـَكلَ الحـُب

03-كانون الثاني-2012

صَـيـف

17-كانون الأول-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow