Alef Logo
يوميات
              

والرَسمُ يَأخـُذ شـَكلَ الحـُب

نداء أمريش

خاص ألف

2012-01-03

وأنا اقطـَعُ المَسافـَة بين جَسَدي وحُلـُمَك، أتـَقـَدَمُ نـَحوَكَ مَغمورَة ٌ بـِشـَبَقي إليك، اقتـَرَبتُ مِنكَ إلى أقـصَرِ مَسافـَة قـَد يَتـَخـَللُ الهَواءُ بها وَرَقـَتين، كان ذاكَ هاجِسُ حُلـُمَين يَنتـَفِضانِ على ضِفافِ البَحر المَيت والمُلوحَة تـَزدادُ كـَثافـَة مَع ارتِفاعِ كـُلِ قـَطرَة ماءٍ نـَحو مُنتـَهاها الأعَلى، لأن الشـَمسَ لم تـَكـُن آلهَة فِرعونية رَحيمَة كـَما رُويَ لنا عَن التاريخ القـَديم .
التـَقـَيتـُك ... بمَوعِدٍ أنـَا اصطنعته وذهَبتُ نـَحوَهُ واثِقـَة الحُب، اخدَع القـَدَر بإنكاري مَعرفـَتـَك من قـَبل، أمضيت وقتا أفـَتـَشُ في جُيوبِ لـَوحاتِك عَن نِساءٍ تـَـشـّي بك ! .. بَحثـَا عَن امرَأةٍ صَلـَبتـَها على خـَشبَةِ النِسيان!
أتيتـَني بإجاباتٍ حَفِظتـُها عَن ظـَهرِ عِشق، فكنتَ على مَقاسِ الدَهشـَة والانبـِهار كـَامِلا.. كـَأن المَشهَد يَحدُث لأوَلِ مَرة ..استـَدرَجتـُكَ بـِحَذقِ أنثـَى إلى امرأةٍ رَسَمَتـها ريشـَتــُك إلى جانبِ رَغبتِك دون استِحياءٍ من تـَفاصيل الألوان، وحَميمِةِ الجَسَد، تـَجهَل أين هي هذه المَرأة ُ الآن! وأين أنهَتها الحَرب؟
قبل خـَمسَة أعوام، كـُنا وكانتِ الحَرب، الآن لم تـَأخـُذِ الحَربَ مَوقِفـُها بَعد ولكننا نـَحن لم نـَبقَ تماما، إلا ما خـُلِفَ على الرصيفِ المُحتـَرق من دَمارَنا وانكِساراتِنا الداخلية وعَطبـَنا وشـُروخـَنا وأوجاعنا التي لا تنتهي، إرضاءً لِشـَهوَة طـُغاة قـَتـَلوا كـُل سُنبُلة جَميلة فينا.
آخرُ مَرَةِ التـَقـَيتـُك ... أنكـَرتَ فيها انكَ تــُحِبـُني وأنكـَرتُ أني احبك ... وصَرَخنا كـَما يـَشتـَهي الصَوتُ العالي أن يَملأ العَتمَة ...تـَخلينا عن بَعضِنا بِكـُل شـَهية للوَحدَة والانكِسار ورَغبَة لنـُهدِي الدُنيا خـَيبَة ً جَديدة وقِصَة حُبٍ فاشِلة .. لم تـَنسَ لونـّيَ الأزرَق، نسيتَ أن تـُدَقِقَ في المَلامِح المَكسورَةِ التي تـَركـَها خـَرابُ الحَربِ البَشِع، قـُنبـُلة ً واحِدة كانت كافية ً لتـَنسِفَ عالمِي الصَغير، حالفَ الوَقتُ البـُندُقية، لم يَنجُ أي شيء حتى جَسدي.
رَحَلَ كلانا.. لا مُتـَسَعَ في الوَطنِ لمَعطوبي أحلام وأجساد، كانت باريس مَدينة تـَليقُ بألوانِك، وأنا تـَصادَقتُ بدَوري مع مشفى التـَجميل لإجراءِ سَبعَة عَملياتِ لتـُعيدَ لي شـَكلا يُمَكِنـُني على الأقـَل من التـَواصِل اجتِماعيا، النـَتيجَة ... أنا أو هِيَ الجَديدَة المُختـَلفـَة ... التي لم اعرِف أني سَأنفِق عُمرا أتـَعَرَفُ إليَّ أواليها في المِرآة... وأخطِئ في صُوَري كل المَرات.
في مَدينـَة لا تـُشـَدُ الرِحالُ إليها وَحيدَة وَصَلتُ لأراكَ تـَعرِض لوحَة افتـَرَشـَت جَسَدي .. حَبيبَتـُك والأزرَق ساديٌ على كل شَيء .. واختـَلِقُ حَديثـَا مَعك عَنها، مازلتُ أعرِفـُكَ جَيدا، تفاصيل جَسدِك، رائِحَتـُك، دُخانك، قـَهوَتُك وقهوَتي .. أصابـِع يَدَيك، أذنـُك والجُرحُ أسَفـَلها، تـَشَقـُق كـُوعِ يَدِكَ، انكِسارُ حاجـِبُكَ الأيسَر، حُنجُرَتِك، شَعرُك، شَرايينِ دَمُك التي تــَبرُز بين عَصَبيَتِك وفـَرَحِك، ضِحكـَتـُك .... هَل قـُلتُ لك أني أغرِمتُ بـِكَ حين وَقـَعتُ في مِصيَدَة ضِحكـَتِك وهي تـُضعِف مُقاوَمَة أذني الهَشة أمام الجَمال. لم أكن قـَد رَأيتُ وَجهَك بَعد، إنها ضِحكـَة الثالثةِ صَباحَا وبـِضعَة قـَلق وعَتمَة.
يا له من قـَدرٍ يَسخـَر من احَدِنا أو كِلانا، أن أراكَ خارجَ مُدُنِ الحَرب، تـَعرِضُ حَبيبَتـُك، التي كـُنتـُها، كـَرَسامٍ مُبدِعٍ من ارضٍ مُحتـَلة وأنا كـَمُناضِلة لم أناضِل، فقط كنتُ مَرمى هـَدَفٍ لأن السماءَ لم تـَحسِم أمرَها بَعد لمن تـَعودُ ارضُ المِيعاد.
سَألتـُك " من هي؟"
في غيابِ الطـَرَفِ الآخر تـَسمَح لنا أخلاقـُنا أن نـَتـَهِمَ الغائِب بما نـَشاءُ لنـُزيحَ عن ظـَهرِنا جُزءا من الخـَطيئـَة ولنـَظهَر بريئيّن قـَدرَ المُستـَطاع.
صَمَتَ، لم تـُجـِبني وغاصَت عُيونـُكَ في اللوحَة كأنها تـُدهَش أمامَها للمَرَة الأولى، أجَبتَ بتـَنهيدَة، وأغلقتَ عينيكَ على رَعشةِ جَسَدِك حين التـَصقنا لأولَ مرةٍ سَوية في رام الله، مِظـَلة واحِدَة في المَطـَرِ تـَكفي عاشِقين.
الشَيء الوَحيد المُتـَبـَقي من هُوِيَتي يُعرَض في صالاتِ مَعهَدِ العالمِ العَرَبي في باريس، لوحَة لفـَنانٍ فِلسطيني، تحتَ عُنوان "لاجئ" ... هذه أنا إذا ... شـَتاتـُك
هَنـَأتـُك، أردتُ أن ابتاعَ اللوحَة، في مُحاوَلةٍ عابـِثـَةٍ لاستـَعيدَ نـَفسي، لولا مُعارَضتِكَ قائلا "آسف سَيدَتي كل لوحاتي للبـَيع إلا هذه "
كِدتُ أرُد، لولا الصَمت الذي أخرَسني ... "لا يـَتـَعَلق بي شـَخصِيا إلا هذه".
- " لماذا؟"
- أجبت : "لأنها شـَتاتي ... رَسَمتـُها في .."
قاطـَعتـُكَ قائلة ً " رام الله، عِمارة الياسمين الطابق السابع، الرابع والعشرين من آب 2005"
كلُ ملامِحُ الدَهشـَةِ تـَزاحَمت على وَجهـِك
أكمَلتُ: "باريس مَدينة لا تـُشـَدُ الرحالُ إليها وَحيدا، إنها مَدينة خـُلقِت لعاشِقـَين ...رَضِيَت عَنهُما آلهَة الحُب "
بأصابِعُك التي اعتادَت إن تـَمَسَ كامِل وَجهي قبل أن تـَنغـَمِس في شـَعري أخيرَا ، ضَمَمتَ رأسي إلى صَدرِك، احتـَضـَنتني بـِقـُوةٍ اشتـَقتـُها مُنذ خَمسَة أعوام ... مُنذ بَيت لحم التي فـَقـَدَتنا، قـُلتَ " حَنيــن ... يا وَجَعي احِبُكِ!"
وكانت المَدينـَة مُكتـَمِلة الرَغبَة !

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

أنت الذي هنا

21-نيسان-2012

نِصفَ سُنبُلـَـة

23-آذار-2012

وردٌ عِندَ قـَدميكِ

20-كانون الثاني-2012

والرَسمُ يَأخـُذ شـَكلَ الحـُب

03-كانون الثاني-2012

صَـيـف

17-كانون الأول-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow