Alef Logo
يوميات
              

نِصفَ سُنبُلـَـة

نداء أمريش

خاص ألف

2012-03-23

ها أنا انكـَسِر مَرَة أخرَى، وأعَودُ إليكَ كدومَا، مُدَجَجَة بالوَرق، أتـَوَهَمُ صَوتـَك يُجيبُني فيُرَمِمُني ويُعَمِق إيمانِيَ بقـَناعَة سَنابُلَ واقِفـَة في الحُقول، لا ادري تـَحديدَا لمَ تـَغمُرُني الرَغبَة بأن أتـَحَدَث عَن غـائِبٍ إلى غائِبٍ آخر عَن أنـُثى عُريَت مِن رجالِها بمائةِ رَصاصَة. اصابعي تـَلمَسُ السُنبـُلة التي سَرَقها ووَضَعَها في يَدَيَّ وقال: " السنابلُ الحَقيقية لا تـَهرَم حتى وان كـُسِرَت"، الماضي عِندَما يَخرُج من دَائِرَة وَقتِنا الحَي، يـَنتـَمي للجُزءِ المَيتِ مِنا، لـَم اكتـَمِل الإرادَة بـِتـَخليّ عَنكـُما، فـَضِعتُ في أحجـِيَة الغـِياب. خارجَ دائِرَة إحساسِكَ بـِوَقتي اجلِس، حـِيادِية في صَوتي، سَاكِنـَة المَشاعِر وتـَعيسَة، لا انفِعالاتٍ في طـَورِ الرَغبـَة، فالماضي لا يَتـَألم انهُ يُؤلِمُ فقط، دونَ اسرافاتٍ لا يَحتـَمِلـُها عُمرٌ كـَسَرَتهُ مُصادَفـَة، وَقـَفتُ على تـَوازني الافتِراضِي وحَدَثتـُكَ وَجهَا لوَرَقة، بَدأتُ بإجاباتٍ لا أسئلة كدوما، فقد بَلغتُ من الحِكمَةِ كِتابَة ومن النِسيانِ وَجَعٌ مُزمِنٌ في الذاكِرة، هذا هو الزَمَنُ الذي كـَبُرَ على جَسَدِنا زَنابـِق.
بحِبرٍ ازرَقٍ كما تـَشتـَهي أتـَيتـُك، لا أسئلة ابحَثُ عَنها، هنا إجاباتٍ فـَقــَط، أجَبتـُكَ لمَ كان الحُبُ موجِعَا؟؟ كان يَكفي أن يَكون كلانا من الهَشاشَةِ بعُمرِ شَرخ، سُنبلة في حَقلِ الشَمس، ويَدان باردتان تـُقفـِلانِ نِصفَ الحِكايَة، لم تـَكن لنا بَصيرَة نـَمشي بها ولا قـَدَمينِ نـَتـَكِئ عَليها لنـَصِلَ الحُلم، ولا ضَوء ازرق يَتـَسَرَبُ لنا مِن نـَافِذة القـَلب، فتـَخلا عنا الحُلم لصَغيرَين يُنجـِبان للحب أبناءه الأربعة، أية أسبابٍ أخرى، سَتـَكونُ مَحضُ كـَذِب، خـَمسَة ايام في ظِل الكآبـَة الطـَوعية، تـُفضِي بكَ إلى يـَقين أن عَجزُنا كان أكثـَر مِن مُجَردِ خـُطوَة لا نـَملِكُ إمكانياتِ أن نـَتـَخِذها، ما كانَ لنا أقداما تـَمشي لتـَصِل أي مكان، لذلك قـَصيدَتنا هي ارضٌ جَاورَت نـَجمَة.
كانون الثاني، و الوَقتُ لـَهو ، هَجَرتـُماني كـَنـَبيّ مَلَّ رسالته، تـُركِتُ وَحدي، كنـِصفِ السُنبـُلةِ التي سَرَقـَها، في ارضِ لا تـُنجِبُ شَمسَا ولا غـَيمَة، مَفعولا بها، لا قـُدرَة لها على استِرجاع ما استـَبدَلهُ الحُب بالوَطَن.
انه يَومِيَ الخامِس وأنا حَبيسَة الجُدران، عُيوني مُعـَلقـَة بعقاربِ الوَقت، وأنا أشاهِدُهُ يـَنتـَحِر ثانية تـِلو اخرى، واذا اشتـَدَ الحُزن قليلا تـَنتـَحِرُ سَاعة، وأصمِت، لا رَغبـَة لي باستِهلاكِ أصواتٍ يَرتـَدُ صَداها عَليَّ ريحَا تـَشنـُقـُني أكثـَر، لا رَغبَة لي بلقاء وُجوه مُتعـَدِدة ولا تـَتشابَه، كل مِنها يَركـُضُ لاهِثا نـَحوَ مُنتـَظِر ما، أرَدتُ أن أعيشَ شيئا من أيامِكَ أنتَ على الأقـَل، ألم تـَكن وَحيدَا في سِجنِكَ لسَبعِ سَنوات، والزمَن يـُتابـِعُ رَكضَه نـَحوَ مَوتٍ ما غـَيرَ آبهٍ بانتـِظاريَّ لك، الآن غِبتَ مرة أخرى وأبَدِيَة، ماذا تفعل هناك؟ ألا تـَمَل ؟ هل تـَشعُر بالبَرد؟ هل اشتـَقتـَني ؟ هل تـَكتب لي؟ لم انتـَبِه أني جَلستُ اكتبُ لكَ خمسَة أيامٍ كامِلة، أرضُ الغـُرفـَةِ امتـَلأت أوراقـَا مُتناثِرَة، هل هذا أنتَ أم هو ؟ لا ادري لمن اكتبُ فيكـُما تـَحديدا، عليَّ أن أعطِيَ القـَدَر حَقه من الإنصافِ أيضا، فهذا الحب أتى على قـَدر أمنياتي، فأحبَبتُ رَجُلا يـُشبـِهُك، ما كنتُ احتاجُ لغيابٍ مُفجـِع إلى هذا الحَد، لأبصِرَ حِكمَة السَماء، كنتُ احتاجُ حَياة عاديه أو أقل، إلى حُلمٍ نافِذتـُه أوسَع، أطِلُ منها وأنتَ تـَحمِلـُني فاسقـُط على قـُبلـَةٍ في يَديه.
في الحَرب دوما مَساحَة وان ضاقـَت تـَكفي للحُب، هكذا اعتـَقـَدتُ، ولكنه المَوت عَبَرَّ أجسادَكـُما واحدا تِلوَ الأخر في طـَريقِه نحو السَماء، أما كان ليَأخـُذني مَعكما، عندما ارتـَطـَمتُ أرضَا وأنا طِفلة صَغيرة، خـِفتُ أن تـَكونَ تلكَ هي نـَافِذة المَوت الذي ما عَرَفتُ عَنه شيئا، قالت أمي " المَوت لا يَأتي للصِغار، انه حَالة تـَخـُصُ الكِبار والطاعِنينَ بالكِبَرِ فقط " ...بعدها بسنوات فقط ، بَلغَ صَديقي من العُمر أحَدَ عَشرَ عاما، وارتـَطمَت رَصاصة برَأسِه فأهدِيَ الوطنُ شـَهيدا، الصباح التالي إرتـَدَت جُدرانُ المخيمُ صُورَته بعيونٍ تـَتـَساءل، هل كـَذَبَت أمي؟ أم أنه قـَد بَلغَ من الكِبـَرِ حَدَّ المَوت ؟. حُروبنا خاسِرة .. لا طِفل يَكبُرُ بعدَ اليَوم دونَ ذاكِرَة الحَرب في تفاصِيل دَمِه.
هناك ما كان دوما يدعو للخَوف، حتى في صُورَة قـَلمٍ يَجلِسُ صَامِتـَا على طاولة الحُب، لأنَ الكتابَة تـُوجِع حَرفا حرفـَا، ولأن النقصَ حالة وجـُودِنا، كان إكتمالَ هذه الفـَرحَة يتـَجاوز سُنبـُلتينِ من الوَقت، قلتُ أريدُ أن أنـجـِبَ منه على الوَرَق إناثٍ فقط يَرقـُصونَ البَاليه، فـَتطيرُ مَشاعِرَهـُم في سَماءٍ صَافِيـَة من صُنعِ يَدَك، كأنها تـَعرفُ تماما ماذا يَعني الرَقصُ لعاشِق، سَقطـَت أجنحَة أحلامي من شَرنـَقـَة لا تـُجيدُ الطاعَة، فكانت مَلعونـَة، وبَدَل أن تـَطير أصبحَت مُقعَدَة، سِتة وعشرين عاما هل تـَكفي لشابٍ لم يَحتـَرق نرجِسُه بعد؟.. والسؤالُ مجازُ العابـِرين. أترى ها أنا أخطأتُ وعُدتُ لأسألَ مرة أخرى، ربما إلى أن تـَصرُخ بوجهي انكَ عاجزٌ أمامَ كلَ أسئلتي.
هناك حَيثُ الوقتُ ثـَبات لـَيتـَني غـَيمَة فألدُ في السَماء، يُصيبُني فـَقرُ اللغـَةِ أمامَ فـَقرِكَ للحَياة ومازلتُ أحلـُم بِصَباحٍ يَكذِبُ عَليَّ ويقول المَطرُ في بِلادِك يُنجِبُ ياسَمينـَا وحِنطـَة .
نداء امريش

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

أنت الذي هنا

21-نيسان-2012

نِصفَ سُنبُلـَـة

23-آذار-2012

وردٌ عِندَ قـَدميكِ

20-كانون الثاني-2012

والرَسمُ يَأخـُذ شـَكلَ الحـُب

03-كانون الثاني-2012

صَـيـف

17-كانون الأول-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow