Alef Logo
يوميات
              

يا ويلي .. مدرسة القبر

مديحة المرهش

خاص ألف

2012-09-17

لو تعرفون كيف تتحجر الدموع في المآقي
حين تتجمد الشمس بلا أشعة،
تقف مشدوهة بلا حراكِ!!!
آآآخ لو تعرفون كيف أصبحنا
جسراً من العتمة و الألام !!
و نحن ندري كيف و لمَ،
و مَنْ أولئك الذين يمشون فوق رؤوسنا
بكل الطغيان والرصاص و القذائف،
دموع القلب صارت أشعارًا حزينة،
ودماء شهدائنا قصصاً تروى و مضرب الأمثال.
آآآخ سورياااااااااا
صيروا الدم ملحنا و سكرنا،
و نحن الذين نكره الموت،
نحن صنّاع الحياة و أول أبجديات
التاريخ و أعرق الحضارات!!
***
صديقتي ( ج ) من دوما، في بداية الثورة استشهد زوجها و أخوه و أخوتها، و لحق بهم أبوها، و تحت القصف العشوائي راح كثير من أقاربها و أصدقائها و جيرانها و معارفها. اضطرت مرات كثيرة للخروج من بيتها و الهرب بأولادها الثلاثة كي لا يروا الكلاب تنهش الجثث في الطرقات، و من الروائح التي لا يمكن تحملها، وكانت ترجع بعد أيام إلى بيتها بعد أن تنظف الشوارع وتهدأ الأحوال قليلاً. وكلما قلت لها أن تبقى بعيدة تجيبني: إن بيت الإنسان ستره و غطاه ...
صديقتي هذه اتصلت بي منذ أيام تقول لي كعادتها و بأسلوبها المرح: المدرسة بعد أيام أنا أهيئ للأولاد كل المستلزمات لأن "أبو الولاد" راح ما عاد يرجع، صار الحمل عليّ ثقيلاً، حضرت كل شيء، الصداري، الأحذية، الحقائب، الدفاتر، الأقلام، المحايات، البرايات، علب الهندسة وأقلام التلوين، وهناك أغراض صلحتُها و دورتُها من السنة الماضية، بتعرفي الغلاء بهالأيام صار فظيعاً ..
ثم سألتني إن كان هناك شيء قد نسيتْه لأذكرها به. ذكرتُها ببضع أغراض أخرى ضرورية ثم تحدثنا طويلاً و أقفلت الهاتف.
بعدها بيومين اتصلت لأطمئن على وضعها لأنني أحسست لهجة حزينة و غريبة في حديثها رغم الألفة و الحوار الطويل فجاءني صوت غريب من هاتفها قال لي : أي مدرسة تتحدثين عنها مدرسة القبر .... عرفت ساعتها أن أولادها الثلاثة و هم صغار أكبرهم في الثالثة عشرة من عمره قد وجدوهم مذبوحين منذ أكثر من شهر.
أقفلت الهاتف وجلست أبكي و أصرخ بأعلى صوتي.... يا ويلي ... يا ويلي ... يا ألله أعنْها ...ساعدْها يا ربي..
جلست القرفصاء و أنا أردد كالمجانين : مدرسة القبر ...مدرسة القبر ...!!!
و تذكرت كلماتها أول ما استشهد زوجها : قتلوا زوجي حبيب قلبي ... قتلته أيدي سورية قريبة ... يا حيف ...و الله يا حيف !!
***
جلست منذ يومين أفكر بعيد الصليب و كيف كنا نحتفل به مع أصدقائنا المقربين ... وكيف كنّا نمضي أجمل الأوقات و أدفأها.
آخر مرة احتفلنا به في معلولا بسوريا كنا قرابة الخمسين شخصاً سورياً .. فنّانين ..كتّابا ..أطباءً .. صيادلة.. شعراءً .. تجاراً مثقفين و طلاب جامعات ... كانوا تقريباً من جميع الطوائف و الأديان و القوميات ... و قد كان الداعي للاحتفال هو الشخص المسيحي الوحيد بالمجموعة كلها...
تعانقت أيدينا بشدة، وتمازجت ضحكاتنا و تعليقاتنا.. دبكنا و رقصنا بعفوية ...حتى الذي لم يكن يعرف كيف يدبك أو يرقص كان يتوسط الحلقة ويدور و يدور حتى يسقط و نتلقفه بكل الحب و الدفء و نشده باتجاهنا ...
هكذا نحن في سوريا ...نشد من يدور تائهاً و نسحبه باتجاهنا في كل المناسبات.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

أهب راقصة

24-نيسان-2021

دون ماء يذكر

13-آذار-2021

أهدده بالكسر.. قلمي

19-كانون الأول-2020

قليل من الهايكو ... كثبر من الحياة

07-تشرين الثاني-2020

لا … لا تأتِ

12-أيلول-2020

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow