Alef Logo
مقالات ألف
              

هل كان ذكر قدم المرأة عيباً؟ نبذة عن الصين القديمة

حربي محسن عبدالله

خاص ألف

2012-11-12

ثمة طرفة عن شعب الصين تقول" الدَين ممنوع في الصين والعتب مرفوع" والسبب إن الصينيين متشابهين لدرجة تجعل من الصعب على الدائن ان يعرف لمن أعطى الدَين ومنْ هو المدين!!! لكن هذه الطرفة لا ترسم الصورة الكاملة, فأول عنصر من عناصر الصورة التي ترسمها الصين هو عنصر العدد فالصينيون كثيرون, وعددهم غير معروف "في الماضي" بالضبط, وكل ما يقال عنه كان من قبيل الحدس والتخمين. ويظن بعض العلماء (كما يذكر ديورانت في "قصة الحضارة") أن سكان الصين في عام 280 ق.م كانوا حوالي 14 مليون نسمة وأنهم وصلوا في عام 200 ق.م إلى 28 مليون وفي عام 725 ق.م إلى 41,5 مليون ويقول أحد الرحالة الأوربيين إنه أحصى في الصين في القرن الرابع عشر " مائتي مدينة كل واحدة منها أكبر من مدينة البندقية. وإحصاء السكان في الصين يحدث تنفيذا لقانون يحتم على كل صاحب بيت أن ينقش اسم كل ساكن فيه على لوحة عند مدخله. يختلف الصينيون في أجسامهم, فهم في الجنوب أقصر قامة وأضعف أجساماً منهم في الشمال, غير أنهم بوجه عام أنشط وأكثر حيوية, ذوو بأس وصبر على الشدائد والآلام, شديدو المقاومة للأمراض, سريعو التأقلم في كل مناخ؛ وقد استطاعوا بفضل هذه الصفة أن يعيشوا ويثروا في مناطق العالم كلها تقريباً. ولم يقو الأفيون ولا الزهري ولا عدم الزواج بغيرهم من الشعوب على إضعاف صحتهم. وجه الصيني ينم عن ذكاء, وإن لم يكن هذا الوجه جميلاً جذاباً على الدوام. (لكن كثرتهم العظمى ذات ملامح منتظمة متناسبة هادئة زادها هدوءاً عاملان أحدهما جسماني وهو انخفاض الجفون وثانيهما اجتماعي وهو ما نعموا به من الحضارة التي دامت قروناً. وليس انحراف العين كبيراً واضحاً إلى الحد الذي يتصوره المرء مما يقال أو يكتب عنهم, وكثيراً ما تؤثر الشمس في بشرتهم الصفراء فتخلع عليهم لوناً أسمر جميلاً. ونساء الفلاحين منهم لايكدن ينقصن عن الرجال قوة في الأجسام, كما أن نساء الطبقات العليا رقيقات الحاشية جميلات يبيضن وجوههن بالمساحيق, ويحمرن شفاههن وخدودهن, ويسوّدن حواجبهن ويزججنها حتى تكون أشبه بورقة الصفاف أو الهلال)."1" وشعر الرأس خشن قوي عند الرجال والنساء, خال من التجاعيد يعقصنه النساء ويزينه عادة بالأزهار. ولقد أراد الرجال في عهد آخر الأسر الحاكمة أن يسرّوا حكامهم فاتبعوا عادة المنشو وهي حلق شعر نصف الرأس الأعلى. ثم أرادوا أن يعوضوا هذا النقص قتركوا شعر النصف الخلفي وجمعوه في غديرة طويلة أصبحت على مرّ الزمن أداة لتقويم المخطىء ومظهراً من مظاهر الكبرياء. أما لحاهم فكانوا يحلقونها على الدوام, وقلما كان الواحد منهم يحلق لحيته بنفسه فقد كان من عادة الحلاقين أن يطوفوا بالناس ومعهم أدواتهم وكانوا فئة موفورة الكسب. وكانوا عادة يتركون رؤوسهم عارية؛ فإذا غطى الرجال رؤوسهم اتخذوا له في الشتاء قلانس من المخمل أو الفراء ذوات حافات منثنية إلى الأعلى, وفي الصيف قلانس مخروطية الشكل مصنوعة من خيوط الخيزران تعلو الواحدة منها إذا كان صاحبها ذا شأن, كرة ملونة وشريط حريري. أما النساء فكن يضعن على رؤوسهن, إذا كن ميسورات الحال, أشرطة من الحرير أو القطن مزينة بالحلي أو الأزهار الصناعية, وكانت الأحذية تتخذ عادة من الأقمشة الدافئة. ولما كانت أرض المنازل تصنع في كثير من الأحيان من القرميد البارد أو الطين فإن الصيني كان يحمل معه أينما ذهب طنفسة صغيرة يضعها تحت قدميه. وقد نشأت في بلاط الإمبراطور لي هو جو (حوالي 870 ق.م ) عادة ربط أقدام البنات وهن في سن السابعة بأربطة صغيرة فتمشي السيدة الكبيرة تخطو خطواً يعجب به الرجال. وكان يعد من سوء الأدب أن يتحدث الناس عن قدم السيدة كما كان يعد من الإهانة الفاضحة أن ينظر الرجل إلى هذه القدم؛ بل إن الكلمة الصينية التي معناها القدم كان يحرّم ذكرها في حضرة السيدات."2" وانتشرت هذه العادة بين جميع الطبقات والجماعات عدا المنشو والتتار وأصبحت من العادات الثابتة الجامدة, حتى لقد كان الكذب في حجم قدم العروس كافياً لإلغاء عقد الزواج. وحاول كانج شي أن يبطل هذه العادة ولكنه أخفق وظلت حتى أبطلتها الثورة الصينية. أما الملابس فكانت للرجال السراويل والجلابيب, ويكاد أن يكون الأزرق هو اللون الغالب على الدوام. وكان المئزر مختلف الطول فكان يصل أحياناً إلى الحقوين وأحياناً إلى الركبتين وتارة إلى القدمين, وكان يزرر إلى العنق وله كُمان كبيران يغنيان عن الجيوب, والصينيون لا يقولون إن الرجل وضع شيئاً ما في "جيبه" بل يقولون إنه في كمه, ولم تكن الملابس الداخلية معروفة تماماً. كانت النساء في الريف يلبسن سراويل كسراويل الرجال لأنهن قد اعتدن أن يعملن أعمال الرجال. أما في المدن فكن يلبسن فوق السراويل نقباً. وكان الحرير كثيراً في المدن يستوي في ذلك هو والقطن. ولم تكن للنساء أنطقة تضغط على خصرهن أو مشدات تمسك أثدائهن, وبذلك كانت ملابس الصينيين بوجه عام أكثر انطباقا على مقتضيات العقل وأكثر ملائمة لصحة الجسم وراحته من ملابس الغربيين في هذه الأيام. ولم يكن لأنماط الملابس سلطان قوي على المرأة الصينية كما لم تكن الملابس وسيلة لتباين الطبقات ورفع بعضها فوق بعض. ذلك أن أهل المدن مهما اختلفت أقدارهم كانوا لايختلفون في ملابسهم, كما إن هذه الملابس لاتكاد تختلف في الأجيال المتعاقبة. نعم قد يختلف القماش الذي صنع منه الثوب, أما شكله فقد كان واحداً على الدوام. أما لغة الصينيين فهي مختلفة عن سائر لغات العالم أكثر مما تختلف ملابسهم عن ملابس سائر الناس. ذلك أنها ليست لها حروف ولا هجاء ولا نحو ولا تنقسم إلى أسماء وأفعال وحروف, ربما كان لها في الأيام الخوالي اشتقاق ونحو وصرف ولكننا لا نجد أثراً لشيء من هذا في أقدم ما عرفنا من عهود هذه اللغة, فكل كلمة فيها قد تكون إسماً أو فعلا أو صفة أو ظرفاً بحسب سياقها وطريقة النطق بها. ولما كانت اللهجات الكلامية لاتحتوي على أكثر من من ثلاثمائة إلى أربعمائة لفظ صوتي ذي مقطع واحد , ولما كانت هذه المقاطع هي التي تستعمل للتعبير عن الأربعين ألف حرف المستخدمة في اللغة الكتابية فإن لكل واحد من الألفاظ الصوتية "نغمات" تختلف من أربع إلى تسع. بحيث يختلف معناه باختلاف طريقة التغني به. وتوضح حركات الجسم وسياق الكلام هذه النغمات, وتجعل كل صوت يؤدي أغراضا متعددة, فحرف الباء وحده مثلاً قد يؤدي تسعة وستين معنى كما إن اللفظ شي تسعة وخمسين معنى وللفظ كو تسعة وعشرين. وليس هناك لغة من اللغات قد بلغت مابلغته اللغة الصينية من التعقيد والدقة والاختصار. وكانت لغة الكتابة أكثر اختلافا عن سائر لغات العالم من لغة الكلام. تشهد بذلك الأدوات التي استخرجت من هونان والتي يرجعها المؤرخون إلى عهد أسرة شانج وإن لم يكونوا واثقين من ذلك كل الثقة, فقد وجدوا على هذه الأدوات كتابة برموز لا تختلف كثيراً عن الرموز المستعملة في هذا الجيل. ولهذا فإننا إذا استثنينا عدداً قليلاً من الأقباط الذين يتكلمون اللغة المصرية القديمة فإن اللغة الصينية هي أقدم اللغات التي ينطق بها الناس في هذه الأيام وأوسعها انتشاراً. ختاماً كان الصينيون يعقدون عقداً في خيوط بطرق معينة لينقلوا بها رسائلهم, وأكبر الظن أن حاجة الكهنة إلى نقل الطلاسم السحرية وحاجة الفخّارين إلى تمييز آنيتهم بعضها عن بعض هي التي أدت إلى الرموز المصورة.
الهوامش1-2
ويل ديورانت "قصة الحضارة"

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

منْ يُخرج الناس من دين الله أفواجاً؟ بقلم:

21-تشرين الثاني-2013

الحقائق ثوابت أم متغيرات؟

16-تشرين الثاني-2013

عندما يتحول اللونُ إلى إله "كهوف هايدراهوداهوس"

05-تشرين الثاني-2013

أخطاء إملائية

26-تشرين الأول-2013

هل أصبح الكذب ملح الحياة؟

15-تشرين الأول-2013

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow