Alef Logo
أدب عالمي وعربي
              

نبذة عن الشعر السويدي المعاصر إعداد وترجمة

حربي محسن عبدالله

خاص ألف

2013-02-26

من الضرورة بمكان قبل أن نلقي الضوء على الشعر السويدي المعاصر والذي نقصد به شعر القرن العشرين بالتحديد,لابد لنا من وقفة سريعة على البدايات الأولى للأدب السويدي المكتوب بشكل عام,بتعبير آخر علينا أن نجيب على السؤال الذي يطرح نفسه هنا.وهو إلى أي زمن تعود إولى هذه الكتابات أو بتعبير آخر إولى المخطوطات ؟.
كما هو معروف إن اولى المخطوطات تعود الى القرن الحادي عشر.إلا ان الكتابات الفعلية تعود باصولها الى العصور الكاثوليكية الوسطى.ومن المعرف إن النصوص الإلهامية التي سطرتها القديسة برغيتا(1303-1373) كانت قد لاقت انتشارا كبيرا في العالم.ثم جاء العمل الكبير لإركسكرنكان في القرن الرابع عشر والذي أرخ لأحداث تاريخية هامة ,مرّت بها مملكة السويد, بطريقة شعرية.كما إن معظم الكتابات السويدية الأخرى في تلك الفترة لم تكن لأغراض أدبية, ماعدا بضعة من القصائد الصغيرة المغنّاة التي تجدها هنا وهناك.
ويعود الفضل كذلك الى غوستاف فاسا الذي قاد حملة الإصلاح في الكنيسة وقوانينها في القرن السادس عشر.ثم جاءت بعده ترجمات أولاوس بتري للإنجيل واعمال الرسل, في الفترة الوافعة بين عامي 1526-1541والتي ساهمت بشكل كبير في تطور اللغة السويدية .كما إن هناك عملا آخر له أهمية كبيرة في القرن السادس عشر وهو ماكتبه أولاوس ماغنوس تحت عنوان (تاريخ دول شمال اوروبا).وخلال هذه الفترة بالذات ظهرت أولى القصائد الشعرية للشاعر السويدي لارس ويفاليوس,وكذلك قصائد لشاعر آخر هو جورج ستايرنهلم.ثم انتشرت الكتابات النثرية في القرن الثامن عشر وهو عصر التنوير وخلال فترة حكم الملك غوستاف الثالث بدأ يمتد التأثير الثقافي الفرنسي الى السويد بأنماط آخرى.أولها فن (الركوكو) وهو فن للعمارة والزخرفة والتزيين والذي راج في النصف الأول من القرن الثامن عشر.ثم امتد بعد ذلك تأثير الكتاب والشعراء والمفكرين والفلاسفة الفرنسيين والأوروبيين ليشمل معظم دول القارة الأوروبية بما فيها دول الشمال.وصولا الى الفترة الرومانسية وإنتشار المثل الليبرالية في القرن التاسع عشر لتأتي بعدها الواقعية في الأعمال النثرية التي كرست الوعي الإجتماعي متوجة بأعمال الشاعر السويدي-الفلندي جون لودفيغ رونيبرغ,واشعاره الرومانسية التي تمجّد البطولة وتأثيرها العظيم على أدب الخطابة السويدي.إلا أن الأثر الأهم في هذا القرن كان من حصة اعظم كتاب السويد وهو اوغست سترايندبرغ(1849-1912) الذي يعدّ بمثابة الأب للدراما والرواية .وفي العودة الى عالم الشعر نجد إن من أوائل الشعراء السويديين المعاصرين ,الشاعر بار لاغركفست (1891-1974) الذي كتب قصيدته التعبيرية (ألم مبرح) في عام 1916 ليقدم للسويد القصيدة المغناة بشكلها المعاصر.كما إنه حاول باعماله الشعرية والنثرية الإجابة على الأسئلة الكبرى التي يواجهها الإنسان أي أسئلة الوجود والخلق والخالق ومعنى الحياة.وكان غالبا مايختار عوالما قديمة لمواضيعه يطرح من خلالها وجهة نظره.وكان أيضا كاتبا مسرحيا,فقد كتب مسرحية (سر السماء) في عام 1919 وكان لها حظا طيبا في الإنتشار بعد الحرب العالمية الأولى.وبالتزامن مع الحداثة الأوروبية كان هناك شاعر آخر ذاع صيته في الفترة ذاتها هو الشاعر برغر سيبرغ (1885-1929) صاحب القصيدة التي شكّلت صرخة مدوية عندما نشرت في عام 1926 وهي تحمل العنوان المثير (أزمات وأكاليل),وذلك لسببين أولهما لطريقة تركيب تعابيرها وصيغتها القلقة والسبب الثاني كون برغر قد صنع بوقت مبكر إسمه في عالم الشعر بإعتباره مؤلفا للتراتيل الدينية والتي اشتهرت شعبيا تحت عنوان (اغاني فريداس) منذ عام 1922.لكن الشاعرين بار لاغركفست و برغر سيبرغ وقصائدهما التي تدعو للعصيان والثورة قد تم تطويقهما لاحقا بقصائد عقدي الثلاثينات والأربعينات.وفي عام 1929 قام خمسة من الشعراء السويديين بطبع مختارات شعرية تحت عنوان (خمسة شبان),والشعراء هم (آرثر لاندكفست,وهاري مارتنسن,وغوستاف ساندغرن,وارك اسكولاند,وجوزيف كيلغرن).وقد اصبحت هذه المختارات الشعرية بمثابة تحذير لما سيحدث في أعوام الثلاثينات.ومن الجدير بالذكر هنا بأن الشاعر آرثر لاندكفست (1906-1991) كان شاعرا سرياليا وكاتبا غزير الإنتاج طوال حياته ولعب دورا محوريا في تعريف الأدب العالمي للقاريء السويدي.أما هاري مارتنسن (1904-1978) فقد ولد يتيما وعاش بحارا ووصف فترة طفولته المأساوية في قصيدة (تزهير نبات القراص) في عام 1935.واصبح في اعوام الثلاثينات من اشهر شعراء الطبيعة في السويد.وكتب في عام 1956ملحمته الشهيرة (إنيارا) والتي يصف فيها سباق التسلح والتقدم التقني والتحرر من الوهم, والتي تحولت فيما بعد من ملحمة الى عمل أوبرا.وهناك أيضا شاعر لايقل أهمية عن سابقيه وكانت قصائده ذات شهرة واسعة وكان السويديون يحفظنوها عن ظهر قلب,وهو الشاعر كارين بويه (1900-1941) الذي اشتهر أيضا بكتاباته النقدية ضد المانيا النازية.وكان من اوساط الحداثويين والذين تأثروا بمدرسة التحليل النفسي.ثم جاءت الحرب العالمية الثانية ومدّت آثارها السلبية وساهمت في خلق النظرة التشاؤمية للحياة وانعكست بالتالي على الادب بشكل عام وعلى الشعر والشعراء بشكل خاص فجاءت فترة الأربعينات وظهر عدد من الشعراء السويدين منهم ارك لاندغرين (1910-1968) الذي نشر قصيدة (رجل بلا طريق) من مجموعته(قصائد مبعثرة) والتي لم يفهمها معظم النقاد.وذلك لتاثر معظم الشعراء السويديين في تلك الفترة بالمدرسة السوريالية الفرنسية وطريقتها الغامضة بالتعبير وكذلك لتاثرهم بكتابات (ت .س.اليوت) و(عزرا باوند).وكانت آخر مجموعة شعرية له في عام 1958 حملت عنوان (طقوس الشتاء).
ظهرت في فترة الأربعينات عددا من النساء اللواتي دخلن حلبة الأدب والشعر وتأتي في مقدمتهن الكاتبة والشاعرة أليسا غريف (1918- ) التي كتبت بأشكال عجائبية قصائد غاضبة حول كل شيء من الأمومة إلى تهديدات الحرب النووية,وكانت تستعير أبطالها من الميثولوجيا القديمة.كذلك هناك شاعرة اخرى هي روت هيللارب (1914- ) التي خلقت السوريالية الآيروتيكية واصبحت رمزا للأدب النسوي في السويد. أما في عقد الخمسينات من القرن الماضي فقد تألق إسم الشاعر توماس ترانسترومر (1931 - ) بطريقة تصويره الجريئة والتي بدأ بنشرها في ديوانه الأول الذي حمل عنوان (سبعة عشر قصيدة) في عام 1954 وحتى آخر مجموعاته التي حملت عنوان ( جندول الصباح) التي نشرت في عام 1996.لقد حافظ الشاعر توماس على جذوة تصويره الجريئة حتى وهو يواجه الجيل الذي وصل الى اعتاب الألفية الثانية باندفاع نحو الإنتشار بمختلف الجهات لأن عقد التسعينات وماتلاه لم يحدد له وجهة معينة.باعتباره الجيل الذي تملي عليه طريقته في الحياة أسلوبا مختلفا عن الأساليب التي تمت تجربتها في عقود خلت ولكي يواصل طريقه دون العودة الى مرجعيات قديمة. ونختم هذه اللمحة عن الشعر السويدي المعاصر بهاتين القصيدتين من ترجمة حميد كشكولي عن اللغة السويدية.

قصيدتان للشاعر السويدي
أيريك آكسل كارلفيلدت
Erik Axel Karlfeldt
(1864-1931)
1
أغنية بعد موسم الحصاد
ها ، يرقص " فريدولين" ،
ثملا من النبيذ الحلو،
ومن ثمار حقل القمح، ومن عصير الأعناب،
ومن ألحان الفالس الصادحة.
انظرْ!، كيف يرقص ، مثيرا حرارة الرقص في كل فتاة في الحفل،
ورتوش المعطف تفترش كتفيه،
حتى تتكئ الفتاة على صدره،
مثلما الخشخاش على القصبة الذابلة،
هكذا تتعب الفتاة سعيدة على صدره....
هكذا يرقص "فريدولين"،
أسكره نبيذ الذكريات.
هنا كان الوالد والجد تمتعا يوما ما من عذب أنغام فيولين الفلاحين،
لكن الآن، ناموا! يا شيوخا مسنين في ليالي العيد،
فقد تعبت الأنامل التي كانت تعزف على الأوتار،
وإن حياتكم مثل زمانكم، أمست أغنية همسات و همهمات ،
على ألحان الحسرات والأشجان.
لكن الآن ، يرقص " فريدولين"، ابنكم الجميل والقوي المكين،
إنه يتحدث إلى الفلاحين بطريقتهم ،
ويعبّر إلى المتعلمين عن المسرات باللاتينية،
يجري المحشّ حادا في ذهبكم المزروع للتو ّ،
يبتهج فريدولين مثلكم حين تمتلئ شونته،
ويرفع فتاته ، مثل رجل من صلبكم، عالية ، تجاه الطنجرة الحمراء لقمر الخريف...


2
لاشيء مثل اوقات الإنتظار
لا شيء مثل أوقات الانتظار،
وأسابيع فيضانات الربيع، ومواسم التبرعم،
لا أيار ينشر نور النهار مثل نيسان الصفاء.
تعال إلى الانزلاق الأخير للمسار،
فالغابة تمنح برودتها اللطيفة النديّة،
إضافة إلى حفيفها العميق .
أريد أن أهدي شهوة الصيف إلى أول شعاع يلمع في وادي الصنوبرات المعتم،
وأغرودة أول شحرور.
لا شيء مثل أوقات الحنين،
وسنوات الانتظار، ومواسم الخطوبة،
لا ربيع ينشر البريق مثل قلب ولهان، يعشق في السرّ.
نادرا ما يكون لقاء،
والبعاد المحدق،
الحلم في كل جميل وخطير،
فالحياة تحمل في رحمها كل ذاك.
عسى الآخرون يهزون الفاكهة الذهبية،
فأنا أريد الإطالة في تقديم القرابين،
وأن اسهر على جنة عدني،
بينما الأشجار تزهر هناك.

عيونك نيران
عيونك نيران وروحي قطران وراتينج.
ميلي عنّي قبل أن تشب ّ فيّ النار، مثل كومة فحم حالا!
معي كمان وكل أغاني العالم في صندوقه،
فاعزفي في كماني ، ما شئت ِ، وكيفما تشائين!
ميلي عني! احني عليّ، فأنني سألتهبُ، وابتغي أن أبترد.
أنا الشهوة ، وأنا الشوق، في الحدود بين الخريف والربيع
الأوتار توترتْ كلها، دعيها تغنّي كل سني عشقي وهيامي، سكرانة، وبجنون،
في آخر أغنية رائعة هزلية !
ميلي عليّ ! ميلي عنّي! دعينا نحترق مثل ليلة خريف!
فرحة العاصفة تسير خلل رايتنا من دم وتبر،
إلى أن تهدا، فأرى خطاك تتوارى في الغروب،
يا آخر من تبعتني في سبيل شبابي المتلهف !

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

منْ يُخرج الناس من دين الله أفواجاً؟ بقلم:

21-تشرين الثاني-2013

الحقائق ثوابت أم متغيرات؟

16-تشرين الثاني-2013

عندما يتحول اللونُ إلى إله "كهوف هايدراهوداهوس"

05-تشرين الثاني-2013

أخطاء إملائية

26-تشرين الأول-2013

هل أصبح الكذب ملح الحياة؟

15-تشرين الأول-2013

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow