وطن يشبهني، ويرحل معي
خاص ألف
2013-05-30
عذراً من الجميع. ليس الأمر بيدي. لا أستطيع تزوير الكلمات لتتغنى بالوطن، فعلى مدى هذا العمر المفعم بعقدة الذنب تجاه كل شيء. أقف عاجزة عن اتخاذ قرار سوى قرار الهروب. نعم. أنتم أبطال صناديد، وأنا مجرّد هاربة من وصف البطولة الذي تصفون به الأمهات المكلومات. التقيت بعضهن. إحساسهنّ بأنّ المقلبَ كان كبيراً إلى درجة أنّ أولادهنّ كن ضحايا كذبة كبيرة اسمها الوطن، وأنّهن بدون خبز لا أحد يربت على أكتافهنّ. أعلام الثورة التي ترفرفُ بيد المعارضين. تختفي عند أول طلبِ رغيفٍ خبز منهم . قالت لي إحداهن: لو أعرف أن ابني سيموت، لرحلت به ومتنا معاً في أي مكان من الدنيا، خلقنا ولم يكن لنا أوطان. لكنّني مجبرة على البقاء حتى أعرف أين تقع قطع جسده المفروم. ثم أمشي على غير هدى إلى أن توافيني المنيّة.
عندما غادرت أماكني في المرة الأولى. كان منزلي صامداً حتى في غيابي. كان يكنّى بنا. يعتزّ بموروثنا. يقبل رصيدنا الإنسانيّ كما هو. يجلس على أدراجه بعض الأ صدقاء الذين يمرون من قربه ، ويخبرونني بأنّهم بكوا غيابنا،ومشوا، وهم يمسحون دمعهم.
لم يعد البيت بيتي، عند أوّل رحيل تستسلم الأماكن لأوّل غازٍ، عندما غزا العرب المدن . قلبوا الكنائس إلى جوامع. هو حقّ الفاتح المنتصر في التّاريخ، وليس بالضرورة أن يكون حقاً معترفاً به.يسمى سياسة الأمر الواقع. جعلت كلّ شيء عكس ما أراد أصحاب الشيء، فبدا وكأنّهم يؤيدون الغازي.
عندما جرّدتُ بيتي من صور لينين، لأنّني رفضتُ فكرة عبادة الأشخاص ، ولأنّ الاشتراكية كانت كذبة. كنت في أوج شبابي، وعندما رميت بكتب نزار قباني ومظفر النواب وأدونيس. لم يكن هناك ثورات ، وعندما رفضت أن أستمع لأغنيات مارسيل خليفه وجوليا بطرس. كنت أحتج على الثّقافة التي تظهر الحماس وتخفي في مضمونها الأنانية ، وحماية النفس بشكل مبالغ به، كان لابدأن أنتهي منهم حتى أرتب داخلي بشكل جديد.
أعترف لكم: لم أعد أحبّ تلك الأماكن. لم أعد أحبّ بيتي، لأنّ من حلّ فيه اليوم :هو صدام وبشار ، معلّقين على صدرالصالة الكبيرة في منزلي.سخروا مني. هربت كي لا أقتل على أيديهم من جديد.
لايوجد في ذاكرتي سوى الجلاّدين. لم أقرأ في التاريخ إلا عنهم، فمن كتب التّاريخ هو أحد الأبواق، وليس أحد المؤرخين .
مشاعري موزّعة بين الشّعور بالاحباط، والعجز، والنّدم. . .
لا أرغبُ بالشّرح أكثر، فصدّام ميّت والأسد على طريقه.
وكلنا صدّام أو الأسد بطريق ما. . .
الثورة تحوّلت من ثورة الخبز والكرامة
إلى ثورة الأغنياءالذين يضعون أعلامها متنقلين بين الدّاخل والخارج على حساب تلك الدّماء، قلبي ضعيف لم يعد يحتمل الكثير. قد تنجح ثورة على أولئك بعد مئة عام. التّاريخ لا يعود. لكنني أعدكم: بأنني لن أعود، فأنا تاريخ يرحل إلى المجهول.
قرار لم يرغمني عليه أحد.
سأسافر في كل الطرقات حتى تهدأ نفسي في حفرة لي.
لكنني الآن أبكي، وإلى إشعار . ..
أشبه وطناً يبكي. لم تعد بيادره تعطي القمح،لم يعد السّوري يشعر بالحبّ. الخوف والموتُ والتّشرد هم مستقبله اليوم ، وإلى إشعار آخر
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |