هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب
ناديا خلوف
خاص ألف
2020-07-04
عند كلّ منعطف طريق نقف. نمنّي أنفسنا بالعيش. هي بضع غصّات على الحياة التي لم يعد يهمنا فيها العيش الكريم أم اللئيم . واقفون بالمرصاد لبعضنا البعض.
لا أحبّ الحروب حتى لو كانت كلاميّة فقط، وعندما أكون مرغمة على الجلوس في سهرّة مثلاً، تبدأ فيها حروب كلاميّة أشدّ من طلق الرصاص, أستسلم للنوم وأغفو خلف أبي كي أشعر بالأمان.
لستُ بطلاً، ولا أنوي أن أكون.
لست ثائراً ، ولا أنوي أن أكون.
لست مثّقفاً، ولا شاعراً، ولا أنوي أن أكون.
أنام مع البؤس في فراش واحد. بيني وبينه زواج كاثوليكي يباركه الرّب.
الفقر جار عزيز، والموت قدر أصابه الخرف. قبض على الأرواح العزيزة، وأبقى بيننا أرواح الذّل.
من أكون؟
أليس عاراً أن أكون أنا؟
لو دخلت مدرسة المزايدة.
لو فردت أسرار عمري على طاولة.
لو قلت لك أنّك عظيم زمانك.
كنت ستفعل كما تفعل الآن، وتشهّر بكلّ حسناتي، تشتم كلّ صداقاتي، فأنت ثائر وأنا خائن أستحق القتل.
البارحة مررت مع الماضي الأسود على ذكرياتك.
رأيتك في كلّ الأمكنة تبحث عن بيع لم ينجز بعد. أنت معروض للبيع منذ زمن. لم تعرف نفسك أنّك بضاعة كاسدة، وأصبحت المزايدة فنّاً عليك إتقانه. في الغرب يسمونه تنمّراً، وفي بلادنا يسمونه بلطجة.
سمّمت حياتي يا هذا .
هل ترغب أن ترى دمعي؟
أو دمي؟
دمعي يشبه أمطار الخريف عندما يجنّ. أبكي لأنّني لا أستطيع أن أتحدّث إلا بلغة التّمدّن.
ودمي أرخص من دماء العناكب.
هل لك أن تنبذني؟
انبذني إذن!
سوف أكون مسروراً لو فعلت ذلك.
أصواتك تصّم أذني. رميت تللك الأسماء التي تنادي بها على مفرق طريق,
أتشرّد في الأرض شرقاً وغرباً. أبحث عن أشياء لا تشبهنا، وجدران غير مصنوعة من اسمنت، وبوابات، ومدينة أحلام لها سلّم نصعد بواسطته إلى السماء. نعود متى أردنا.
وبينما أصعد السّلم تغني لي جوقة الميلاد" شجر الزيتون يبكي"
وتبكي أنت. لأنّك لم تكن أنا. أكلك الحسد حتى عندما صلبت أردت أن يكون اسمك من يسجّل على جدران الزّمن، وجسدي يفنى على الخشب .
يسألني الناس: هل هو الإسخريوطي؟
لا. ليس هو. الإسخريوطي ندم على فعلته . أما أنت ففريق من مئة إسخريوطيّ.