غواية الروح معزوفة الأفلام الصامتة
خاص ألف
2013-06-26
تلعب السينما الصامتة منذ نشأتها دور الغواية المحبة التي تعزف على وتر الروح وتكشف و تستنبط خباياها بلا كلام ،حيث تثير تنظيم انتباه الناس من خلال محاولتها تسجيل الحياة بكل سلوكياتها ناقلة المشاهد من حالة الانهماك العاطفي بالمشهد ذاته، إلى الارتقاء والوصول به إلى النشوة الروحية التي لا يستطيع الفيلم الناطق تحقيقه، وذلك من خلال رصد ما يجري في العالم وحفظ تغيراته من خلال الإقرار بهذا التغيير في صنع فيلم صامت يشكل محاكاة محضة لردود الفعل الجماهيري لظواهر لاحقها بنفسه وترجمتها كاميرا الفيلم الصامت خير ترجمة.
تجلت أهمية الفيلم الصامت عبر التاريخ في كونه البوصلة الموجهة أيضا بمسيرة الفيلم الناطق. حيث اعتبر الفيلم الصامت انجازا تاريخيا الى جانب كونه انجازا سينمائيا على اعتبار أن السينما صناعة هامة بحد ذاتها .
فعبر التاريخ تعددت الأفلام الصامتة منها ما أخذ رواجا شديدا مثل أفلام شارلي شابلن والتي إلى غاية اليوم تعتبر هذه الأفلام مدرسة من مدارس السينما يعلم ويتعلم منها جودة الفكرة وأهمية الصورة التي تتكلم بلا كلام مرورا بالأفلام التي اكتشفت عبر التاريخ وهي كثيرة و ذات أهمية إنسانية كبيرة والتي أعيد ترقيمها نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر (أطفال باريس) ليونس بيريه عام 1913،والسير بالأرواح لجورج لون تاكر 1913 ، و اسونتا سبينا لغوستافو سيرينا 1915،والشبح لمونارو 1922ورمية نرد لفرانتس اوستن 1929وليلى لجورج شنيفوا 1929 وغيرها الكثير
وعلى اعتبار أننا الآن نعيش بالعصر الذهبي للرقميات، وبعد أن تغيرت طريقة صناعة الفيلم وعرضه وحفظه وتغيرت أدواته، فإن العمل على ترميم هذه الأفلام، من خلال تحويل النسخ القديمة الأصلية للأفلام الصامتة او الناطقة الى نسخ رقمية، بتجميع عناصرها المتباينة و إضافة التعديلات على بعض الصور من الشريط المهترئة ، ليتم اكتمالها وصولا الى الدقة المطلوبة ولتغدو حديثة وكأنها صناعة الحاضر وكأنها تعرض لأول مرة.
وبعيدا عن ضجيج العصر الرقمي وفي زحمة الأفلام الصوتية عاد هاجس الفلم الصامت يسيطر على هواجس السينمائيين وهذا ما استدعى بعام 2012 انتاج فيلمين صامتين حققا نجاحا باهرا الأول فيلم الفنان the artist للمخرج الفرنسي هازانافيسيوس والذي جاء بالأبيض والأسود مسترجعا بنا حالة الجاذبية الفاتنة للأبيض والأسود حيث صنع هذا الفيلم بعناية وحب وبطريقة تكون تعليمية للأشخاص الذين يودون الخوض في مضمار الأفلام الصامتة .
والفيلم الثاني (هوغو ) لمارتين سكورسيزي وهو أول فيلم صامت ثلاثي الابعاد حيث استعاد كثيرا من اللقطات السينمائية السابقة الإبداعية مرت في تاريخ الفن السينمائي بطريقة مميزة
رشح فيلم الفنان لعشر جوائز اوسكار نال منها خمسة أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل ممثل حاز عليها الممثل جان دوجاردان وكذلك أفضل تصميم ملابس وأفضل موسيقا اصلية .
بينما فيلم هوغو رشح لثلاث عشرة جائزة نال منها أيضا خمسة كأفضل اخراج فني ومؤثرات صوتية وتصوير مونتاج وتمازج صوتي.
وفي عودة لفيلم الفنان the artist للمخرج الفرنسي هازانافيسيوس كمثال أنموذجي للفيلم الصامت، والذي كان تجسيدا لأهمية الصمت ولحالة الصراع بين السينما الناطقة والسينما الصامتة. حيث تناول هذا الفيلم قصة بطله الفنان جرج فالنتين الذي يؤدي شخصية الممثل النجم المشهور ببطولة الأفلام الصامتة ، تشاركه البطولة فتاة تبدأ ممثلة كومبارس معه في احد افلامه ، ولكن مع بداية ظهور الأفلام الناطقة يصبح الممثل مهمشا ويبتسم الحظ للممثلة مما يضطره لاعتزال والتوقف عن العمل فيبيع كامل ممتلكاته ليستطيع الاستمرار بمعيشته اليومية ، لنشاهد بعد فترة الممثلة وهي اسقاط واقعي لحال السينما الناطقة تمد يد الإخلاص والوفاء للمثل الصامت الذي كان دافعها بالنجاح والتطور والشهرة ولو على حسابه
وتعبيرا بذلك عن اهمية الرسالة الفنية والفن الذي أدته السينما الصامتة في نفوس الاخرين ودورها في غمر القلوب بالجمال وصقل النفوس والأرواح وليس فقط الارتكاز على جماليات العبارات المنطوقة والمظاهر ، حيث حاولت الوقوف الى جانبه مرسخة بذلك أهمية الدور الانساني الذي صنعه الفن وخاصة القديم منه مؤكدة على ضرورة دعمه واحياءه ومساندة فنه وفنانيه .
وعلى الرغم من جمالية هذا الفيلم ورسالته الهامة وبعده العميق في تناول الصورة لم يحظ بتحقيق ايرادات عالية بدور السينما مقارنة بغيره من الافلام الناطقة ، لكن يبقى الصمت اقوى لغات العالم وخاصة ان تناولتها السينما بابعادها الروحية والفكرية فهي الجسر الرابط بين الفكر والروح
08-أيار-2021
20-تموز-2013 | |
26-حزيران-2013 | |
فيلم آلام المسيح (The passion of the christ) إدانة للعنف وتجسيد للصراع العقائدي الإيدولوجي |
15-حزيران-2013 |
06-حزيران-2013 | |
11-نيسان-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |