سوري فوق العادة
خاص ألف
2013-09-26
الموت. الهرب.الذّل والهوان. قدر على السوريين أن يواجهوه برحابة صدر، وصبر جميل.
من مصر. من لبنان. من اليونان، ومن كلّ بقاع الأرض يجتمع السوريون الهاربون من الظلم. يبحثون عن مخرج من الظلم، فيقعون فريسة بين أيدي خفافيش الظلام الذين لايميّزون بين الإنسان وأيّة بضاعة أخرى.
قدر لي أن أختبر تّجار البشر في أثينا، حيث العرض والطلب، وحيث تجتمع المافيا العالمية. بدأت معالم الحياة تتغير في وجداني، رأيت نفسي سلعة رخيصة في سوق كبير مليء بأكوام الجريمة من كلّ شكل ولون. كنت أشبه فأر تجارب. في كل يوم حادث نصب أو سرقة، أو تهديد، أو ربما سجن، وبعد كلّ تجربة أكتشف فيها غبائي وقلّة حيلتي. ألجأ إلى الدكتور معروف. أمسك بالجوّال:
مرحباً
أين أنت؟
بالقرب من محط القطار في الأتيكيه
فقط نصف ساعة وأصل.
أذهب خلفه على درّاجته
مابكِ؟
صدمتني سيارة بينما كنت أسير على الرصيف،لكنّ الأمر ليس هاماً. أرغب بمأوى، وبعض المال. سوف أغادر بطريقتي. . .
في الموعد المحدّد. ناولني مابجيبه من نقود، وأقلّني إلى باص المطار. نزلت دمعة من عيني بينما كنت أقبّله مودّعة:
أخشى عليك أيّها الطبيب.
أنت سوريّ فوق العادة!
في روما
كيف لي أن أخرج من هذا المطار اللعين؟
ولماذا لا ينتهي بي المطاف إلى الشارع؟
رجلي اليمنى لا تساعدني على السّير؟ أشعر بالجوع. بالبرد. بالموت. هل كان الأمر يستحقّ؟
في ماكدونالدز. الوقت بعد منتصف الليل.أنتطر عودة محمّد. أرعب أن أحمل رجلي اليمنى وأرميها. لم تعد تساعدني على الجلوس.
لو كنت أستطيع الحصول على وجبة أرز مع اللحم!
الشارع كما يبدو لي يقع أمام محطّة المترو الرئيسيّة.
كأنّ الحريّة الشّخصيّة تقع هنا!
أدير وجهي خوفاً منها!
أنت متخلّفة ياهذه!
كيف يمكن أن يعانق رجل رجلاً؟
كلّ السّيدات الشّقراوات هنّ فتيان.
حرية تصيبني بطعنة في صميم شرقيتي!
في روما وجه آخر للحياة. سور روما ينسيني كوابيس الحريّة الشخصيّة. مجد وتاريخ، وبيوت تغفو ظلّ الشّجر.شوارع مفعمة بالحياة.
في سيّارة الاسعاف
أنا في المدينة الفاضلة"السّويد"
كادت الرحلة أن تكلّفني حياتي!
هل كان الأمر يستحقّ؟
حياتي مرهونة للموت في أي مكان في الدنيا. فأنا في النّهاية سورية لا أملك من أمري شيئاً!
أنا اليوم على قيد الحياة بينما أحبتي في انتظار الموت.
المطر يبلّل ثيابي الرقيقة. أكاد أموت من الجوع. أشعر بدوار.
مرّ في وجداني شريط سريع روى لي بسرعة الضوء تاريخ العرب.رأيت كلّ الشّعب السوريّ المقتول يعود للحياة.
بينما كان الظلم يحاورني. رأيت أحدهم يسألني:
هل أنت بخير؟
السكر مرتفع. رجلك قد يكون بها كسر!
رأيت المسعف يبكي. لماذا يفعل ذلك؟
لماذا يقتلني سوريّ، ويبكيني هذا الرجل؟
للحظة اعتقدت أتّه طفل من بلادي يبكي أمّه!
أجبت على سؤاله:صدمتني سيّارة.
بماذا تشعرين؟
بالخيانة!
لم أفهم!
كيف لي أن أعيش دون أن أنقذ أهلي وجيراني وأحبّتي.
مسح دمعه، وربّت على كتفي: أعدك أن تكوني بخير
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |