يا لها من مخلوقات خجولة جداً تقاسمني العشاء كل ليلة بادب شديد وأنا بدوري لا أبخل عليها بكل ما تجود به ثلاجتي المزعجة من الطعام الجبن والبيض والخس واشياء كثيرة، نتناولها بنهم شديد حتى تنفجر البطون من الشبع، وفي اللحظة التي ننتهي فيها من تناول الطعام أو العشاء، فلنقل أنه العشاء، وما أن ننتهي من العشاء، حتى تصطف الفئران في رحاب الغرفة الواسعة كحضور في حفل اوبرالي كبير ألقي عليها قصائدي ونصوصي البليغة في وصف بني البشر التعساء المساكين. تصفق الفئران بحرارة لا مثيل لها، تصفق حتى يسيل الدم من بين اطرافها تشيد الفئران كل مرة بالبلاغة التي تشد أزر الكلمات في النصوص تغلق أجفانها، تحرك رقابها بكل خفة، تتمايل اردافها المكورة من شدة الوجد والطرب. وما أن انتهي من القاء قصيدتي الاولى، حتى تصر عليّ أن أعيدها مرة أخرى، وأمام الحاحها المحرج، اعيد القراءة مرة أخرى، فتعيد التصفيق وبحرارة اكبر، وهكذا أقضي الكثير من الليالي ملقياً قصائدي كورود طبيعية على وجوهها تبادلني التحية والتصفيق باخلاص لا مثيل له.
حسناً، شكراً لاستماعكم، يمكنكم الموت من الغيظ الآن، وداعاً !
** جالس في حانة محببة الى قلبي، وعامل الحانة يتجشأ، وأفكر في جائزة نوبل، وأفكر في طريق العودة الى المنزل، وأفكر فيك، وأفكر في العصفورة. العصفورة يا حبيبي؟ العصفورة التي تشبه خديجة بن قنة ولا يشبهها احد. في مثل هذا اليوم من العام الماضي، كنت أطارد الغزلان في الجبل، كنت أطلق النار على الحجر والشجر والبشر. واليوم يا حبيبي؟ اليوم، جالس في الحانة وأفكر في جائزة نوبل، سأجن من جائزة نوبل. الجنون يتربصني هنا وهناك. يجلس على الكرسي المقابل في الحانة، ويتظاهر بقراءة الجريدة، يجلس الى جانبي في التاكسي ويدفع الحساب، وينكر السائق، وينكر عامل الحانة، وتنكر أمي أنها انجبتني، وتركض النساء في الشوارع وأنكر أنا، أنني المجنون الوحيد هنا في الشارع.
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...