شجرة ميلاد مؤجّلة
خاص ألف
2013-12-15
أفتقد لأصدقائي في القامشلي. للحيّ الذي عشت فيه لأكثر من ثلاثين عاماً، لأعياد الميلاد في الحيّ، ولبدء الاستعداد للشتاء. أفتقد طعام أهل القامشلي التي يحضرونه في مثل هذه الأيام: القليّة، الشّرادين، البسطرمة، الديك الرّومي المحشي، العقودة، والبستيق. الكستناء، وقائمة لا تنتهي من الأكلات المعدّة ليوم العيد، ولأيّام طويلة بعده.
أفتقد لقريتي القريبة من البادية" المفكر" وهي تابعة لمدينة السّلمية. أرغب أن أعتذر منها لأنّ جدتي كانت تلعن حجارتها، وكنت أتحاشى الذهاب إليها مع أنّني لا أعرفها.
يهيّأ لي أنّ المسيح النّاصري أبي، العذراء جدتي، المغارة هي بيتنا في الحقل، أمي هي المجدليّة، أشجار السّرو التي زرعناها كمصدّ للرّيح تنتظر قدومنا كي نحتفل بالميلاد المجيد، ونمرّ على الذّكريات. تجتمع أسرتنا ويكون الاحتفال من خيرات الآرض. من الفليفلة الخضراء التي دفنتها أمي تحت التربة من أجل الشتاء، وحبّات الليمون، والعنب المخبّأ في أكياس على أمّه، وجرار النّبيذ. لم أكن أعرف أنّ الآرض معطاءة. لذا أعتذر منها على جحودي.
أرضنا الآن ليست لنا. نسف جهود أبي وإخوتي رصاص مصوّب نحوها.من أجل شخص يريدونه حيّاً أو ميّتاً. هو أحد أحبتي الذين أصلي من أجله أمام محراب الحبّ والحياة. الجنود يسرقون الحياة من حقلنا، ونحن محاصرون بالموت، نطلب الرّغيف. سرقوا قمحنا. زيتنا، كنا نحضّره في كلّ عام من أجل أن نمسح به على جسد وليد. يصبح مطهّراً كالمسيح.
لم يخلق ذلك الحقد فجأة. علينا أن نعترف في ليلة الميلاد: أنّنا صنعنا الدكتاتور، وزبانيته، وبعنا أنفسنا للتّرهات، وبعد الاعتراف نطلب من الرّب أن يغفر لنا.
لم نكن مختلفين في الرّأي. نحن نحمل ربما نفس الأفكار الباليّة، فقط نختلف حول المال والجاه، والسّلطة، وفي كلّ شأن كبير، أو صغير يبرز ذلك، السؤال الذي نوجّهه لبعضنا: هل أنت مع أو ضد؟
أنا ضدّ. هذا هو جوابي على سؤالك يا أخي. لا أعرف ضدّ ماذا. ضدّ كلّ شيء
وضدّ كلّ ذلك الموت الذي يطالنا معاً، وضد الطّاولات الحواريّة، المؤتمرات، الحلول الوسط. أنتمي إلى مدينة مليئة بالرّوافض. تعجبني تسميتكم لهم، فلو أسميتموهم بغير ذلك لرفضتهم تماشياً مع جيناتي المتراقصة على وقع الرفض.
لماذا تسرقون تاريخي، فما زلت أنوي الذهاب إلى قريتي من أجل الاعتذار فقط.
ولا زلتم تحيطون حقل إبي بالحقد. تستعملون جنودكم بعد أن غسلتم أدمغتهم فأصبحوا ضحيّة لكم، هم يتساقطون كأوراق الشّجر في الخريف. يشربون من نفس الكأس التي نشرب منها. سيأتي يوم يرفض هؤلاء الموت من أجل لا شيء
سيأتي يوم تعود أرض أبي وتاريخ أهلي لنا. عندها فقط أحتفل بالميلاد. أزيّن كلّ السّروات التي تقع على مصدّ الريح. أكتبُ بالنّور عليها أسماء كلّ الذين نزلت دموعهم على أحبّتهم في ليلة الميلاد.
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |