ذكريات من الزمن الجميل "1" قراقيع
خاص ألف
2014-04-09
ليلي طويل لا ينقضي، أهرب منه، أرتفع إلى السّماء، وأسدل ضفائري على وجه القمر.
يقتلني الحنين إلى السّهر، وأكون ذات معنى في ليل ينوء بالضجر
ترحل ذاتي من مستحيل إلى مستحيل، تهرب من ذاك القهر
أيمّم وجهي نحو الظلام، أختفي في رحلة دامسة، أضيء بعض الليل، وأجزاء من الفجر
أرقص كلّ رقصات الفناء، أربط خصري بحزام العمر
وأنحني للفراغ، يلفني وينتصر
أتدّثر بأثوابي الباليّة
تتهدّل أكتافي
أهرب من البشر
أجلس إلى طاولتي الممتلئة بما هبّ ودبّ من الفوضى على مدّ النّظر
وتلمس يدي كأساً يميل على باقي مكوّناتها
وتنطلق قرقعة، أضع يديّ على أذني، فكيف يمكن أن أعيد كل شيء إلى مكانه، وهو بلا مكان أصلاً، يقف على حافة الدّحرجة، أو الكسر.
أعجب من جني العمر. هل كان هذا كل أمرفيه منتظر؟
اشتريت في يوم مضى ثلاجة لكلّ العمر، أكل الدهر عليها وشرب، وكلّما تعطّلت، قذفت بفتات الطّعام، برّأت الثلاجة من الذّنب،أدنت نفسي، ومثلها كان موقدي، قدوري،سريري، حبيبي، وأصدقائي، كلّهم مكتوب على مؤخرتهم: صالح إلى الأبد، أنتظر أن يحلّ الأبد، مملوءة بالآمل أن تنتهي صلاحيّة الأشياء. . .
تركت تلك القراقيع خلفي،رحلت عنها راغبة في العيش الكريم. أمامي صديقتي التي كانت تستعير مني الزيت، والخبز، والسكّرإلى أجل غير مسمى، بيتها مكتوب عليه عصيّ على الحياة، أو الهدم من كثرة الترقيع والتّلميع.
قالت لي: أوّاه ما أجمل ذلك الزمان، والمكان!
وماذا كان في زمانك صديقتي؟
كنت أعيش بكرامتي
لا تقوليها، فطالما شكوت لي زمانك المرّ، قلت عنه مقصّر، مسحت دمعك، وألبستك من أثوابي الباليّة، ألا تذكرين كيف كنا نصدّر ثيابنا، ونصنع من جواربنا فساتين للسّهرة المحتملة في يوم ما. . .
أنا وصديقتي استبدلنا الماضي الآن، قراقيعنا مختلفة، شيء ما يشبه كيس متسّول، نقف به بالدّور، يعبئون لنا به أطايب الطعام،نتنافس على سرقته أحياناً، ثمّ نبصقه، نرميه في القمامة، ونغسل القراقيع استعداداً لوجبة ألذ، بتنا نشتهي الخبيزة، والسلبين، والقرص عنّة، وفطائر الفقير. يمكننا صنع بعض ما نشتهيه ، لكنّ عاداتنا تغيّرت، أصبحنا نرى في التسول حياة، على حدّ تعبير الرئيس الخالد إلى الأبد. فمجرّج ماقال:" إنّي أرى في الرّياضة حياة" صفقنا له، ولم ننته من التّصفيق والرّكض، نركض كي نحيا، نعود والجوع يقرصنا، نشكو من قلّة الحياة،نعود إلى قراقيعنا، ونبحث عن إبريقنا المقدّس، ويكون عيشنا هو كفافنا، شاينا، وخبزنا إن توفروا، نحمد الله ونشكره على كلّ حال، وهو الذي لايشكر على مكروه سواه. . . .
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |