ذكريات من الزمن الجميل "2" توحد
خاص ألف
2014-04-15
مهزومة في خواطري، حواراتي، أفكاري، وفي جدول الضّرب
أزهو بأشيائي المضيئة، أسرّ إلى أحد ما بنجاح ما، يقزّمه.أصدّقه، يبدو لي ضئيلاً لا يستحقّ.
تلاحقني الدّروس والنّصائح من مكان إلى مكان ، تأتيني رسائل عاجلة من أشخاص يهتمون لأمري، ولا يدرون أنّني مصابة بالتّوحد، أنظر بعين العطف إلى الجميع، تركوا حياتهم، وتفرغوا لي، يرغبون في علاج مرضي الذي ولدت به. عالمي وحيد. أدور حول القدر، أنسحب من عنفوان الحياة، أختبئ بين الظلال، وتكبر أمامي الأشباح، تراقصني، تضمني، أذوب في ليال فارغة من الحبّ، أنزوي قرب مدن قد تحيا، أمارس توحدّي الذي خلقت له، وأكتفي بعالمي، لا أحد يستطيع إيقاف دوراني حول ذاتي.
حدثني البعض عن الحنين، يريدون أن يوقظوا ضميري المنحرف، أعدت الذكريات معهم يوماً بيوم.
هل تذكرين سهرتنا يوم رأس السّنة في العام ما قبل الصّفر؟
لم أنطق للحظة، رحل ذهني إلى ذلك الحلف المقدّس الذي تناوب أفرادة على تسفيه رأيي، أرادوا أن يوقظوا فيّ شعلة الحبّ، بكيت بكاء مرّاً فيما بعد لأنّني كنت دونهم في المعرفة، والثورة، وحبّ الحياة، وكانوا يعرفون أنّني سأبكي، سمعت ضحكاتهم من بين سطور حبّهم المزيّف.
-نعم أذكرها، أذكرها جيّدا.ً
أحبو، أنظر إلى الأعلى، أبحث عمّن يحتضنني، يقبّلني، أبكي،يهزّني بين يديه ثم أغفو إلى الأبد.
أتجوّل في زوايا البيت المتهدّم أبحث عن أمّي، لا أسمع صوتها، أكفّ عن البكاء، كي ألتقط أنفاسي، وكي أعضّ على أصابعي.
أبحث عن جمع يضيفني إليه، فالقطعان التي تمرّ تثيرني أجراسها ووقع أقدامها، تتماهى مع الطبيعة، ولا تنسى مواعيد الصّلاة قبل الذّبح.
لذت بالصّمت،غفوت في حضن تلك العتبة الباردة بينما الجمع يمتدحني ويصفني ب" العاقلة"،من يومها نما في داخلي ذلك الخنوع .
من قال لكم أنّني عاقلة؟
لو كشفتم غطاء ذهني لوجدتم أن تلك العبارة تثير بي رغبة شديدة في التّمرّد.
قرّرت أن لا أتواصل معكم،سأغلّف أفكاري،بينما يكبر التمرّد ويتنمر حتى عليّ.
يسألني عالمي المتوحد: من أنت؟
لا أعرف من أنا. ربما أكون ذلك الصفر داخل تلك الأرقام الَضخمة التي تطلّ عليّ من بعيد وتبدو منفوخة إلى حدّ الانفجار.
إنّني مجرّد صفر يختبئ إلى اليسار، يكتشفون مخبئي، يمسكون بي بالجرم المشهود، وأصبح خاطئة عليها تقبل قدرها، والاستغفار من ربّها قبل الرّجم.
يدخلون بي إلى متاهات أخاف منها .
يأتيني الدّرس عن الآخرة
يقول أستاذي القدير:" لا حياء في الدّين"
وما أشدّ عقاب الآخرة!
ماهي الآخرة يا أستاذ؟
ألا تعرفين الجنّة، والنّار؟
لا والله. لم أرهما في حياتي
ضحك متواصل من التلاميذ، وكأنّهم يعرفونها.
الجميع يعرف كلّ شيء إلا أنا.
النّار حارقة، عليك أن تتعلّمي تعاليم الدين الحنيف، وتتوبين عن الخطايا.
لا أعرف ماذا يعني بكلمة أتوب. لا مانع لديّ فقط لو عرفت الخطايا
أخاف من أستاذي، يذكّرني بجهنّم، ويشرح لي الكثير من المفردات التي لا أفهمها، وأهم الأشياء التي لا أفهمها: العمليّة الجنسيّة، والاغتسال من الحرام. لا أحب هذه الدروس، أخاف النّار، وأخاف أن لا أستطيع أن أمتّع الرجل الذي تحدّث عنه أستاذي، أخاف الرّجل، مجرد أن يغتسل ينتهي عنده الحرام. . .
في ذلك الوادي الخالي من البشر، ركضت خلف العصافير، وحيدة أراقب السّماء، أحمل بيدي سلّة أجلب بها العنب من الكرم، كم أنا خائفة أن تأتي الضّبعة وتأكلني، لا أستطيع الرّكض. أرمي بالسّلة، أعود وأنا أرتجف، لا أحد يعيرني اهتماماً. نسيت أمي أنّها أرسلتني، أجلس قرب مربط الحمار، أنجبت حمارتنا كرّاً يقال أنّه يشبهني. . .
يبدو أنّ الحكايات التي كانت تمرّ لاتخصّ كلّ البشر. يتحدثون جميعهم كما تحدّث أستاذي في الماضي، ضمنوا لهم مكاناً في الجنّة، بل إنّ بعضهم تخصّص في القصاص من البشر.
أعاني من الأساتذة المتخصّصين في علوم النّصيحة، والتلويح بالعقاب، كأنّ الحياة هي ذلك السّراط المستقيم الذي علينا السير عليه كي ننجو، وأنا أتعثر دائماً في مشيتي ، وأسقط، بينما هم يسيرون على خطا القادة الرمز الذين عصمهم الله عن الخطأ والخطيئة.
أتكور على نفسي، أنعزل عن هذا العالم. لست سعيدة بعدم قدرتي على التّواصل، وعدم فهمي للأمور، لديّ أكثر علامات التّوحد، لا أحبّ الاحتضان ،لي عالمي الخاص.
أتوجه بسؤالي إلى الأستاذ :
هل يدخل المتوحد النّار؟
يبدو أنّه في الجنّة. ليتني تعلّمت منه!
قد أدخل النّار، لم أتعلّم طريقة الحياة على يد الآساتذه،وأستاذي رحل، كنت أخافهم، فاختفى عالمي معهم، أدور على رؤوس أصابعي الآن، أنحني للرّيح كما تنحني الأشجار ، أرتجف خوفاً كلّما أتى إليّ القدر ملوّحاً لي بإصبعه عن نهاية المشوار. . .
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |