على الهامش
خاص ألف
2014-07-29
تشاء الأقدار في بعض الأحيان أن تعطيك درساً، تضعك على الهامش،
تترك لك الخيار، إمّا أن تدخل ضمن السّطورأو تبقى كما شاء القدر، هذا ما أعتقده حول عدد لابأس به من النّاس، حيث اختار القدر لهم الهامش، وصادقوا على خياره،بالنسبة لي كان الأمر كذلك، تركت لنفسي حريّة المسير، فكنت على يمين الهامش أو يساره.
في الشّأن السوري ، في ماضيه، وحاضره، لم أكن فاعلة لأنّ مفرداتي لا تروق للتّيار. منذ أن تركت العمل السّياسي قبل أكثر من ثلاثين عاماً بسبب عدم استيعابي الثّوري ، كنت أرى بين بعض الأشخاص "المحسوبين على النّظام" سعة صدر أكبر، كنت متضرّرة من المعارضة، وغير مستفيدة من النّظام، اخترت الظّل ومن ثمّ الهرب إلى العمل في الإمارات، والبحث عن وطن لا يحاصرني حتى لو كان منفى.
في الظلّ اتخذت جميع القرارات الهامة: التّعاطف الانساني، قول الحقيقة كما أراها، وإعطاء ذهني حدود قصوى من الحريّة، قمت بالعمل الأوّل وهو إلغاء الفضائيات العربيّة السّياسية، حتى اليوم لا أعرف أسماء المذيعين، ولا أعرف أسماء النّواب والوزراء في سورية، أو لبنان، أو أي دولة عربية.
من هامشي أطلّ على الأحداث، أبكي جميع الموتى سواء أصبح اسمهم قتلى أو شهداء. كلّهم ضحايا، حتى تلك التّنظيمات " الارهابيّة" استقطبت شباباً توحّشت قلوبهم بسبب الظّلم، ولم يترك لهم المجتمع خيارا.
أنظر إلى حروب الآلهة فوق سماء سوريّة، أراها طبيعيّة جدّاً، وقد تستغربون أنّ كل ماظهر على السّطح كان موجوداً، ويتمّ الحديث عنه علانيّة.
لازال وجداني يؤلمني. عندما كنت أطلّ على الواقع، ولا أستطيع فعل شيء.كان الجياع يموتون،ويسفك دمهم وفق قوانين وضعت خصيصاً لإذلالهم، ولا زالوا
عند أوّل صوت نادى بالحريّة، قفز قلبي من مكانه، انتظرت عدّة أيام ثم كتبت سلسلة مقالات بعنوان " صباح الحريّة"
سرعان ما أقلعت عنها بعد أسابيع حيث عاد مشهد القتل إلى ذاكرتي، وتصدّرت المعارضة التي كان لها باع في الظلم العمل على الأرض ،لا أفرق بين منظّمات حقوق الانسان، وهيئة التنسيق والآحزاب المنضّمة إلى السّلطة، ففي كلا الجانبين شرفاء دفعوا أثماناً باهظة، هذا لا يسمح لهم بأن يتحكّموا بزمام أمورنا وينّصبوا أنفسهم وكلاء علينا.
تعودّت على هذا الهامش، أصبح وطناً لي، وحيثما رحلت يرحل معي.
لذلك أعتقد أنّني لا أنتمي إلى ياسمين دمشق، ولا إلى صباح سوريّة الموغلة بالحضارة، لم أر هذا ولا ذاك، غادرت مبكّراً ذلك الياسمين
وتلك الحضارة، لأبني لي مجداً في الظلّ، يكفيني أن أعترف به بنفسي دون أن أسعى إلى التّسويق والتّزويق، وبين اللحظة والأخرى تصطدم أكتافي في هامشي ببعض الأمهات والعوائل التي تشاركني ذلك الهامش
هؤلاء السّوريون الذين لم يروا من الياسمين، والحضارة سوى الظّلم من
الفقراء البسطاء، والمبدعين الذين سرقت فرصهم، ومن العقول التي ذهبت مرغمة إلى المنفى. قد يصبح لنا شأن في أيّ مكان من العالم، لكنّنا سنبقى في وطننا على الهامش، وهذا الهامش قد يصبح مرجعاً للتّفسير في وقت ما، الهوامش أحياناً أهمّ من النّص. .
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |