لم أختر اسم ابنتي

اسمها سينا، ولدت باسمها فإن أطلّت من بعيد قلتَ عنها: "سينا"

تقول الرّواية بأنّني كنت من عشّاق القمر.

وعندما يصبح بدراً أناجيه، اعتقدت أنّه يكلمني فإذ به يتخاطر مع طفلة لم تولد بعد، وعندما ولدت أسماها باسم ضوئه" سينا"

أيّاً كانت الأسطورة فإنّها لن تنتهي بالولادة .

في تلك البلاد الغافيّة تحت ضوء القمر كانت طفولتها تنطق بالعطاء، وشبابها متألّق يحمل هموم الأخر، ومن هموم الأخر لا زلت أذكر قضيّة المتسوّل قرب جامع التوحيد في مدينة حلب، والذي كان مقعداً لكنّه يلبس بيديه حذاء كي يستطيع الحركة، ربما هي التي كانت تتقصّد المرور من قربه، فيتحدث لها عن إمام الجامع الذي يمنعه من التّسول، و تقدم له طعامها في ذلك اليوم، وقدمت له أحذية والدها التي احتفظ بها في بيتنا في مدينة حلب، وعندما سأل عن حذائه قالت: اشتر واحداً جديداً. . .

أرغب أن أَضمّ سينا في يوم ميلادها. . .

أرغب أن أشكر زوجها على اهتمامه بي يوم محنتي...

أرغب أن أحمل أحفادي وأدور بهم . . .

تفرّقنا، وأصبح عالمنا افتراضياً مثلنا مثل الغرباء.

تفصل بيننا المسافات، والإجراءات، وثمن تذاكر السّفر.

ماذا أقول لك يا ابنتي في يوم مولدك؟

لا أعرف كيف أعبّر لك.

يداك الصغيرتان اللتان مسحتا دمعي قبل سنوات هما من دفعني إلى الاستمرار.

في أيام نكبتنا، وعندما تركنا ما يدعى " الوطن " إلى الإمارات كنّا معاً نعيش حالة الإحباط من المغادرة، وبمساعدتك تجاوزنا المرحلة بنجاح.

وعندما سجنت، وضربتني سيارة ،وكّدت أموت في مدينة غريبة، طالما تحاشيت أن أحدثك على السكايبي كي لا أرى دمعك، ولا أراك تقولين عنّي بأنني غير محظوظة مثل بقية النّساء، نجوتُ من الموت كرمى لعينيك.

لا زلتِ في العاشرة تجمعين بنات الحيّ في حديقتنا.

لا زلت في العاشرة تقومين بطقوس العيد، وتأخذين معك كيساً، تطرقين الأبواب، تجمعين السكاكر، وتذهبين إلى القبور وتأتي بكعك العيد" الكليشة"

أنت الآن أبعد من ذلك الزّمان.

أرغب أن أراك، أمسح على شعرك، أؤنبك لأنّك لا تأكلين الطعام.

سوف نلتقي قريباً ونبدأ مرحلة جديدة.

تعودنا على الأمر ففي كل عدة أعوام علينا أن نبدأ من جديد.

إني أراك تنجزين أحلامك، أنت تطاردين الحلم إلى أن تقبضي عليه، ثم تبحثين عن حلم جديد.

أراك تلمعين كنجم، فقط قليل من الصّبر.

أرى طفلة تطلّ من بعيد

اسمها " س. ي. ن. ا"

ماما