العالم الافتراضي
خاص ألف
2014-11-17
نبوح للشّاشة بهمومنا، نعطيها من وقتنا وحياتنا أكثر مما نعطي لأنفسنا.
ثورة المعلوماتية التي أدهشتنا، وربطتنا بهذا العالم" الموازي" للعالم الحقيقي تسرقنا من أنفسنا.
ندوّن همساتنا، وتفاصيل حياتنا.
ننشر صورنا الشخصية.
أسماء أولادنا.
وحكاياتنا الواقعيّة، والمبتكرة.
نصبح ثوّاراً، كتّاباً، أبطالاً، يقرأ الأخر جنون عظمتا وتسجل المواقع كل شيء عنا، ويتم إعادة نشره.
من الرّائع أن تصل رسائلك إلى العالم من خلال هذا العالم الافتراضي.
ومن المؤسف أن يعرّضك هذا العالم للإحباط، ولخسارة أصدقاءك، وربما يعرضك للابتزاز دون أن تدري.
أما عن وسائل التّواصل التي نعطيها الكثير من وقتنا، نتصارع على صفحاتها، نشتم بعضنا، نلغي بعضنا، أو نكون مزيفين كما نحن في الواقع.
نبالغ في قراءة الحدث، نضيف له من صبيان أفكارنا، نزوره، ونقدمه كحقيقة تاريخية لا تقبل الشّك.
كتبت قبل سنوات عن " عمر" أحد الأطفال الذين ماتوا في حريق سينما عامودا، وهو أخو زوجي، وعن أربعة أطفال من نفس العائلة قضوا في الحريق.
اليوم أقرأ أن من ماتوا كانوا من الأكراد فقط، وأنا أعرف على الأقل ستة أطفال من غير الأكراد قد ماتوا في ذلك الحادث المشؤوم، ولا زالت ذاكرتي تحتفظ بشهادة زوجي على الحريق وعن أسماء الكثير من الأطفال الذين قضوا.
وعلى سبيل المثال أيضاً فإنّ الدولة الإسلامية" داعش" تستعمل العالم الافتراضي بطريقة تستطيع من خلاله جلب المجاهدين الذين يحلمون بالدينار الذهبي، ونظام التأمين، والتّقاعد وغيره، وتستقطب علماء، وخبراء نفط، وبنفس الوقت تقطع الرؤوس، وترجم بحجة تطبيق الشريعة، وعلينا أن لا نستبعد أنه لو قدر للدولة الإسلامية الحياة، يمكن أن تصبح فيزا العمل إليها أهم من فيزا العمل إلى السعوديّة.
هناك موجات فكرية تحكم العالم الافتراضي، ومن هذه الموجات في سورية حالياً السخرية من كل ما هو عربي ومسلم مع أن الكثير من العرب المسلمين يقدمون للبشرية إنجازاتهم في العلم، وفي مختلف مجالات الحياة، وهم يحظون باحترام العالم.
تتغيّر الموجة بين ثانية وأخرى، نطلب من الجميع أن يتبنوا رأينا، ويكون الإعلاميين، والسياسيين تحت مرآتنا، لا نهتم لتاريخهم، ولما قدموه، ومن أسهل الأشياء وصفهم بالعملاء.
أتحدث عن العالم الافتراضي عند الفارغين من الأشغال، فهو التسلية الوحيدة لهم، وقد أصبحوا مدمنين عليه، يشكل لهم متعة وهمية، وأغلبنا لا عمل لديه سوى ممارسة البطالة، والجلوس على عتبة هذا العالم نتأمّل منه أن يملأ ذلك الفراغ الرّوحي الذي يكاد يقضي علينا ، يعيد لنا بعض قدراتنا على التواصل الحقيقي، لا مكان في العالم نذهب إليه في واقعنا المرّ سوى هذا العالم الذي يسلبنا بالتدريج الإحساس بالحياة، وقيمة الوقت.
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |