درس في الحبّ
ناديا خلوف
خاص ألف
2015-01-12
ثرثرة
الحوارات السّاخنة التي تطيح بعلاقتنا مع الأخرين لا طعم لها.
كيف يحاور عبد عبداً عن الحريّة، ويختلفان؟
هو قتل للفراغ.
كان الحوار بالكلمات، ثمّ بالصّراخ، ثمّ بالرّصاص.
نحن أصحاب مواقف ثابتة، نتمسك بكلماتنا حتى لو كانت ليس لها معنى.
إن كنتَ بطلاً، أو ثائراً فقد اخترت طريقك، وليس علي أن أدفع أثماناً لإرضائك، بإمكانك العودة عن فكرك لو شئت.
الأبطال الذين يسجّلون الأهداف اليوم ، يقولون أنها في خدمة الإنسان كانوا البارحة يدوسون بأقدامهم على من يعترض طريقهم في التشويش على سمعه، ونظره.
...
في تلك الليلة.
العالم فرح بانتهاء العام. أبحث عن تفسير، أرغم نفسي على الاحتفاء بقدوم العام الجديد.
في تلك الليلة، وبعد المنتصف أتيحت لي الفرصة أن أفكّر بنفسي، وقتي دائماً مشغول، والليل مناسبة أعيش فيه مع ذاتي.
لم ألعن الزّمن. بل شكرته. أعطاني الكثير، لي مملكة جميلة في مختلف بقاع الدنيا يبادلني أفرادها الحبّ، يسألون عنّي بودّ، وأعني لهم الكثير. هي مكافأة الحياة لي وأنا أستحقّها.
دعوت الله أن يسامحني عن الخطأ، رأيته يبتسم لي ،يدعوني لعشاء عمل.
جلسنا على طاولة من أثير، كنت صامتة خاشعة في حضرة الرّب.
ما بكِ؟
تحدّثي. أتيت لأسمع حكايتك.
عفواً من أنتَ؟
نسيت أنّنا نجلس معاً، أرجو أن لا تؤاخذني على طبعي، خلقتني شاردة في النظر، متشرّدة من أجل رغيف.
كنت أشتري بعض حاجاتي البارحة، أحدهم دفع عنّي ثمنهم، تحدث بلغته متعاطفاً: " غجرية مضطهدة".
كان في جيبي قطعة نقدية صغيرة أعطيتها للعازف الغجري على زاوية المتجر.
كم أنت رائع أيّها العازف!
في " وطني" لا يجيدون العزف، ولا يجيدون لغتنا. هم شتّامون ندّابون.
يدور في ذهني الكلام، وأسرح بعيداً بينما جليسي ينتظر الجواب.
تذكّرته. استدرت إليه:
هل تتحدّث معي؟
وهل يوجد غيرك هنا؟
لا أشعر بالرّاحة معكِ. تبدين كالفأر الخائف منّي.
تعالي إلى حضن الرّب، افرحي، أتيت خصيصاً كي أعلّمك الفرح. . .
. . .
بيني وبين نفسي
أسّست مدرسّة للحبّ، تلاميذها هم أنا. درست فيها، علّمت نفسي الصّبر.
أصبح الحمار يحسدني، تفوّقت عليه .
أطللت من أوّل نافذة إلى العالم لأعرف بعض مفرداته،أتت منها ريح صرصر. أغلقتها.
فتحت نافذة أخرى. أغلقها في وجهي ابن أبي، أدمت جبهتي.
فتحت ثالثة، ورابعة، وعاشرة.
أغلقت نوافذي، بنيت صومعة أدور فيها حول نفسي، فيها نافذه علوية ضيّقة، كلما أطلًيت منها. عدت مذعورة واختبأت داخل نفسي.
. . .
حلم
مأكولة مذمومة في عمق حكاياتي، قبل أن أتحدّث عن أيّ أمر تأتيني رسالة على شكل صفعة، أقفل فمي إلى إشعار آخر,
الحلم يأخذني إلى الهواجس، أعود إلى الواقع مملوءة برحيل الفرح.
أتمسّك بأحلامي.
هو حلم واحد أكرّره.
أحلم بكّ قادماً من فجّ عميق,
يرقص قلبي، أحاول أن أوقفه، أمسكه بيديّ.
تركض، أركض.
تضمّني، أذوب كقطعة سكّر.
نعود إلى وعينا، نكمل اللّيلة على شاطئ لا ينتهي به ليل.
تحنو عليّ، تدُثرني بملاءة قديمة، وأترك لك فيها متّسعاً صغيرا، تتكوّر قربي، نغفو دون أن نحضّر للأمر، نستيقظ على صياح الدّيك، وقبل أن نستيقظ يحلّ الليل ثانية، نغرق في الحبّ إلى ما لا نهاية.
ننافس الصّباح.
نغنّي للفرح.
أضع رأسي على كتفك.
أغفو، وتنتهي الحكاية. . .