رواية شجرة العائلة ج2
خاص ألف
2015-01-31
نبحث عمّا نريد، أو عن حلم نجري خلفه كي نستمر.
نحصل أحياناً على ما بحثنا عنه بعد زمنً طويل ، وقد لا نحصل على شيء.
اعتقدت أنّني أستطيع التّسول لو لبست ثياب رجل.
صدري الكبير رفض الثّياب، غطّيت على الموضوع ، لبست سترة "أبا علي" الواسعة التي كان يلبسها عندما كان شاباً.
غطيت رأسي بشماخ، ذهبت إلى الكراجات.
وضعت الطّاسة أمامي مقابل دورة المياه.
أتى الشّرطي أزاحني بالكرباج، أعطى مكاني لامرأة أخرى.
قال لي: إن دفعت لي نصف دخلك، أعطيك زاوية مريحة.
كانت شاهدة على ذلك صديقتي التي جلست قربي. هي زينب كنّا معاً في المدرسة الابتدائية، لا أعرف كيف عرفتني، ولا كيف عرف الشّرطيّ أنّني امرأة؟
لم أقبل بشرط الدّفع للشّرطي، موقفي مبدئي ليس عليه غبار، لم أقطع الأمل من " مال الله"، ذهبت في اليوم التّالي إلى قرب الجّامع.
أطرقت برأسي إلى الأرض.
كتبت ”شهادة مرضيّة "وقّعتها من أطباء من خيالي على أن "زوجي مريض سرطان".
أتى إمام الجامع
قال لي: "تدفعين نصف المبلغ من أجل أن أدفعه للفقراء"
التّسعيرة نفسها. عرفوا أنّني امرأة.
. . .
التنافس عل أشدّه بين البشر..
يبحثون عن رغيف خبز.
بين القمامة، في بيوت الدّعارة، وأمام بيوت الله.
يمكن أن تكون عبير على صواب.
لو لم تكن هكذا لم تكن مرفّهة.
علي أن أعيد صلتي بها.
. . .
اليوم أتخلّى عن قيمي من أجل لقمة.
لا تشعرون بي، تتلذّذون بمعرفة ألمي.
وأنا ذاهبة إلى عبير، بصقتُ في وجهي مرّتين.
وصلتُ، بدأت رحلتي الدّونية.
لا بأس إن كنت أجني منها طعاماً.
-رأيتك على الفضائية. كنتِ متألّقة.
بنفس الحذاء العتيق الذي ضربت رأسي به -إن كنتم تذكرون- ضربت رأسي ثانية، بكيت، لأنّه مهترئ، لا تنفذ منه الضّربة إلى عمق دماغي.
دعتني إلى عشاء في مطعم راق.
قلت لها بصراحة: أرغب أن أبيع جسدي.
ضحكت، قلبت على قفاها: للأسف لا تصلحين، تغيّرت مفاتيح المهنة، أصبحت تسمى علاقات اجتماعيّة منفتحة، وجلسات أنس تعرفين خلالها من أين تؤكل الكتف. الأمر يحتاج إلى ذكاء اجتماعي كبير، هي قيم لا تفهمينها، لأنّ قراءاتك عتيقة عليك بتجديدها. لكل عصر قيمه.
تسألون لماذا أصبحت بلا قيم؟
ليس الأمر هكذا. كنت أبحث عن لقمة عيش.
نافسني عليها: شرطيّ وإمام جامع.
لو أتيحت لي فرصة التّسول، لما سألت عن بيع جسدي.
كنت سأعيش من مهنة شريفة.
.. .
لا أحبّ أن أقول عنكَ جنديّاً مجهولاً.
الجندي المجهول يذكّرني بالإنسان الطيب الذي يسمونه غبياً.
تعطيني المال، أقدّم خدماتي لك.
يكفي أنّك منعتني من بيع جسدي.
"أبو علي وأنا "نحتاج لبعضنا.
على الأقلّ أحدّثه ويحدّثني.
طلب مني أن أبتعد عن الشّجار مع زوجي.
طلبت منه أن يشتري ثياباً جديدة له.
أعامله كأبي، يصغي إلي. أصبح يخرج مساء إلى المقهى يلعب الورق.
نسهر أنا وأحمد في بيته، وأحياناً ينضم لنا مروان.
مروان يجيد فن المجاملة عندما يكون ضيفاً.
هو الذي يعد العشاء، ويتحدّث مع الرجل كأنّه تدرّب على الحديث عند علماء النفس. عندما يكون مروان مستفيداً ولو بكأس شاي، يتعامل بشكل راق جداً.
الثّقة عامل أساسيّ لنجاح الصّداقة.
كانت عاملاً هاماً لنّجاح تلك العلاقة الجميلة.
أصبح أبو عليّ هو عائلتي، وأنا أمينة على أسراره. سلّمني كلّ شيء، وطلب أن يبقى الأمر سرّاً عن مروان:
إن عرف مروان بما أملك. سنموت أنا وأنت في الشّارع.
لست غبية إلى هذا الحدّ. البارحة فقط رماني مروان بكأس الشّاي فاحترقت رجلي.
أشعر أنّه لا خيار أمامي سوى البقاء معه، فلي عداء أزليّ مع الطّلاق، كأنّه حكم عليّ بالبقاء في ذلك الجحيم.
لولاكَ لبقيت جاهلة.
أنتَ من جعلني أستعيد نفسي .
عندما أقارن نفسي اليوم مع الماضي. أرى أنّني حقّقت الكثير من الأشياء التي أحبّها.
لم أفقد كرامتي لأنّني لا أبحث عن المال أو العمل، وأتعرّض للابتزاز، واضطرّ للرياء.
وأكثر من ذلك استطعت أن أستعمل الكمبيوتر ولولاه لما تعلّمت شيئاً.
اليوم أقدّم ورقة بحث، حتى عبير التي طردتني وسخرت مني. تواصلت معي كي أساعدها في إعداد ورقة، كنت سأفعل لولا أن تذكّرت كلماتك بأنّ الإنسان يتعلّم من أخطائه، والغبي هو من يكرّر التجربة ذاتها.
هذا هو طبعي. في كلّ مرة آكل الصّفعة، لا أتعلّم الدّرس.
شريط من الذكريات عن سذاجتي يدور في ذهني: صادقتني فلانة في الثانوية كي أحلّ لها الوظائف، وهي لا تسلّم عليّ الآن، تدير وجهها عندما تراني، وتصطنع الحديث على التّلفون المحمول، يغشى عليها من الضحك على الحديث رغم أنّه لا يوجد على الطرف الآخر.
ابن عمّي عقد صداقة وطيدة معي إلى أن تعرّف على صديقتي، وهو أيضاً لا يتحدّث معي، ولا صديقتي زوجته الحاليّة.
عدد الحوادث لا يعدّ ولا يحصى، مع هذا كنت أعتبر أنّ العذر فيّ فلو كنت على ما يرام لما قاطعني أحد.
العذر فيّ بالطّبع، تلك المدرسة التي تعلّم فيها هؤلاء منذ نعومة أظفارهم لم أذهب إليها، وبما السّذاجة لا تحمي المغفلين، ولا أجد علاجاً لها، أقع في الخطأ نفسه.
لن أغيّر شيئاً في بساطتي، هكذا خلقت، ولن أندم على ما قمت به من مساعدة.
-منذ اليوم نادِني باسمي. أرغب أن أستعيد هويتي. كانوا ينادوني "سليم"
- سليم. نعم يا سليم. عليك أن تستعيد نفسك.
. . .
أحاول أن أطير، كأنّ سُكراً ألمّ بي.
باقات ورد تصلني، دعوات إلى سهرات من الحلم.
-تغيّرتِ يا شمسة، لا تكوني ساذجة، هؤلاء النّاس يخطّطون للغدر بك. لا تذهبي معهم ، قد يضعون لك السّم، أو يتمّ اغتصابك. تلك العلاقات خطرة.
-أتت فرصتي يا سليم. هل أرفضها؟
المجتمع يكرّمني، وأنا أستحقّ التّكريم.
-أنذرك فقط. كي أكون بريئاً من ذنبك.
-دعني أجرّب، ففي حياتي الأولى منع عليّ التّجريب، وفي حياتي الثّانية كنت جالسة على أطراف المغيب، وفي الثالثة، والعاشرة كرّست نفسي للوهم، اعتقدّت أنّ الرّكض قد يوصلني فإذ أنا في صفّ العبيد.
في تلك الليالي الفارغة من الحياة، أوجدتُ الحياة.
أنام مع العصافير
وعندما أشبع نوماً يكون الليل لم ينتصف تماماً.
أقوم من سريري كأنّ أمراً يدعوني للمثول مع ذاتي.
أفتح كتاباً، أحضر أدوات الخياطة، ورغيف خبز وكأس ماء.
أقضم من الخبز، أتأمّل عائلتي النّائمة بعمق.
أخشى أن يستيقظوا، ويفسدوا عليّ ليلي، أحثّ نفسي على العمل كأنّني تلميذة تنتظر امتحان.
كان ذلك على مدى سنين العمر.
أيّامي تمرّ من ثقب صغير في الليل.
انتظرت أعواماً طويلة ، والآن أحصد نتائج عناية الليل بي.
لو حصلت على جائزة ماليّة لا شكّ أنّه يستحقّ جزءاً منها.
عقدة ذنبي هي المال.
أفكّر لو وجدت رزمة وأنا أسير. مليون مثلاً .
لا تكفي. مليونان. لا تكفي أيضاً .
بيتي المهترئ يلزمه ترميم
وعليّ أن أساعد أخي، وأشتري لابني بيتاً صغيراً قربي، بدأ هو الأخر يشكو الزّمان، يلومني: لم تفعلوا من أجلي شيئاً!
لو أجد في طريقي اليوم خمسمئة ليرة فقط، أشتري ربطة خبز وبعض الطّعام، وفي يوم آخر أجد ذلك المبلغ الضّخم.
أخذتني الأفكار بعيداً، أحلم بإسوار ذهبي لم يعد يلزم، بحبكات شعر جميلة، بعطر، وصابون معطّر، بزوج، بحياة كاملة. . .
. . .
صديقتي زينب التي تزوجت في سنّ الخامسة عشر، أنجبت سبعة أطفال.
رأيتها قرب الكراج عندما كنت أتسول قبل أن يطردني الشّرطي.
أرادت أن تضع لي في الطّاسة عشرة قروش، نظرت إليّ: شمسة كيف حالك؟
عرفتني مع أنّني لم أرها منذ عشرين عاماً.
تبدو شابة أكثر منّي، ابتسامتها لا تغادرها، بيدها سيجارتها.
أسفة يا زينب. أنا مضّطرة لهذا الأمر.
مسحت أنفها بغطاء رأسها، ثم رفعته، وأعادته بشكل أفضل:
هذا الغطاء يصعب التّعامل معه، كلما هبّ النسيم يزيحه عن رأسي، أعيده كي أستر نفسي من البؤس.
-أحسدك على مرونتك، لكنّني وضعت حجاب الأميرة لا تزحزحه الرّيح.
- اعذريني إن كنت أقول لك تبدين به متسوّلة، وبقع الدّسم على قبّة رأسك تقول أنّك وجدتيه بين القمامة. أنت يا شمسة لا تثيرين الغرائز حتى لو مشيت عاريّة. ربما تثيرين شهوة العنف ضدّك .هذه هي الحياة. قولي لي يا شمسة أين زوجك؟
-زوجي عند أمّ الهنا الآن. هي "الدوبلير" في غيابي، وأنت؟
-أنا وزوجي على وفاق تام، هو يتحدّث عن فحولته في السّهرة، وبينما أعدّ الشّاي للضّيوف أومئ له برأسي أن يقدّمها، أعتذر لأمر ما وأذهب للنّوم كي يأخذ حريته في الكلام. طبعاً أنام في نفس الغرفة ليس لدينا غيرها.
-من الجيد أن تكون لكما علاقة عاطفية، نحن ليس بيننا هذا.
-تجمّلين تسميتها" علاقة عاطفية"، هي ليست موجودة على الإطلاق. أنجبت أطفالي السبّعة بينما كنت أتحرّش به في الفراش، وأمّه تراقبنا، هي سبع علاقات بسبعة أطفال، منذ شبابه وهو يتحدّث عن فحولته، وأنا أبتسم في سّري.
-لا زلنا شباباً، لم نهرم بعد.
-لم أمرّ بتجربة الشّباب الذي أعتبره في العشرين.
عندما أزاحني الشّرطي. تأبّطتْ ذراعي. هل لك بسيجارة؟
-ليس لدي ثمن طعام، لو تعلمت التدخين لأصبحتْ مصيبة.
-عندما كنت في الرابعة عشر علمني حازم ابن جيراننا التّدخين، كنّا نلتقي قرب قبّة التّبن، ونسهر معاً، بينما يغطّ الجميع في النوم، واليوم أصنع سجائري بنفسي، أضع قليلاً من الرّوث والحشيش، وأجعلهما يجفّان في ظروف طبيعية بعد أن أغلفهما بالطّين، أقدّم سجائري "لمن يشتهيها" يسألونني عن مصدرها. أهزّ رأسي: مستوردة.
كل ّ شيء له بديل.
. . .
لست مع التّسوّل. . .
يوجد طرق أخرى للكسب الشّريف.
وجدّت طريقي إليه، لاشكّ أنّني أعطيت نفسي براءة اختراع.
"طبيعي مئة بالمئة، لا يحتوي على النكوتين، يدوم سحره طويلاً"
هذا يسمونه في فن التّسويق " بروشور" أقول لك كيف عرفت اسمه:
من الأنترنت.
أعيش في القرية، هكذا شاءت الأقدار.
ليلة البارحة نزل الثّلج، جلسنا قرب بعضنا، تغطينا نحن والضّيوف بلحاف واحد كبير، بعد أن شربنا الشّاي. نام البعض، كنت نائمة أيضاً، أردت أن أستدير إلى الجهة الأخرى، لامست يدي شيئاً طرياً، قفزت، اعتقدت أنّها أفعى، وإذ أبو سمير قربي يغطّ في نوم عميق، ذهبت لأغسل يدي ، وقعت في العتمة على فمي. لا أدري لماذا لا يلبس أهل قريتي السّراويل؟
- لم أضحك منذ كنّا في المدرسة. أنت تجيدين النّكتة.
- هو حقيقة يا عزيزتي.
تعالي أصحبك معي إلى الطّاحونة الحمراء.
- أين تقع هذه الطّاحونة؟
-أصبح تفكيرك محدوداً. امشي معي فقط.
اشتريت من مالي الحلال هذا التّلفون الجّوال. أخفيه عندما أذهب للمنزل، من أجل أن لا تراه أمّ زوجي، هي تعتقد أنّ تلك الأشياء من نوع البطر، والتّبذير، وبالتحديد لو استعملتها أنا تكون مفسدة للأخلاق والقيم.
عندما أخرج في الصّباح لأعتني بالحمير، وأجمع الرّوث. أسمع الأغاني، وأتابع آخر الأخبار، وصلته بالنّت، وأدفع شهريا مبلغ الشّحن، وعندما يجتمعون في المساء على مشاهدة الفضائيات، ويبدأ الصّراخ حيث يكون فريق مع، وفريق ضدّ. أتسلل إلى الحمّام، يبعد حوالي خمسمئة متر عن الغرفة، وأبدأ بالحديث مع الأصدقاء على الفيس بوك. انظري هذا ملفي، وضعت صورة سيكار، أسميت نفسي" ملكة السّوق"
أسّوق عن طريق الفيس، يطلبون الصّفقة، وتذهب الخادمة توصلها إلى العنوان.
-لديها خادمة، وأنا أعطف عليها، لباسها، وطريقة كلامها توحي بأنّها متسّولة. لم يحالفني الحظ حتى مثل زينب.
وهل أنا أفضل منها؟
تبدو أذكى منّي.
-نتحدّث فيما بعد. نكاد نصل.
على باب الطّاحونة حرّاسا يسكرون كلّ يوم في مثل هذا الوقت، هم لا يحرسون، فقط يأكلون ويشربون، وينامون، أعطيهم من تبغي مجّاناً كي يصفوه لمن هم في الدّاخل.
وصلنا.
-قفي سأقرأ اليّافطة:
" الطّاحونة الحمراء
هنا مقرّ دائم للفن والأدب والسياسة
هنا يجتمع رأس المال مع المنصب، والتّواضع.
هنا يكتب الآباء عن الترّبية المستمرّة، والتّربية المصاحبة.
هنا نعيش مع الوطن جنباً إلى جنب"
كلّ هذه الأشياء هنا، ولم أعرف المكان بعد. ما أغباني!
زينب القروية تعرف أكثر مني.
أستحق صفعة. لازلت أفكّر بنفس طريقة من هم حولي، عليّ أن أقبل أنّها تكافح بطريقة أفضل.
-هي. أنت أيها الشّاب المتألّق: أنا خادمة ملكة السّوق أرسلتني إليكم، أحضرت تبغاً طبيعيّا مئة بالمئة، تفضّل واحدة، وأنت أيضاً.
يمكنك إن أعجبتك أن تبيع بعض السجائر مناصفة بيني وبينك-أعني بينك وبين الملكة-هم من الحظيرة إلى المستهلك مباشرة.
-رائع. كم تريدين ثمن الواحدة؟
بسعر التّكلفة: مئة ليرة للسيجار، وهذا سّيكار هدّية لك منها.
سأدخل ريثما ينتهون من الاجتماع.
- -"منظومة البحث عن فرص للعيش الكريم من أجل حماية المواطن من الطفيليين، وحماية الإنتاج الوطني من الانهيار، والصّعود بمستوى المرأة ، وحماية البيئة ، والمرافقة في الدّاخل. لا أستطيع الآن أن أدخل"
- كل هؤلاء هنا؟ العدد كبير.
- عدد أفراد اللجان ليس كبيراً، هو شخص واحد وسكرتير، يكتب أسماء اللجان، وأفرادها، لكنّ العدد الذي أتى من أجله كبير
-
- انتظر.
اقرأ ماذا كتبتْ الملكة على البطاقة.
" هدية من ملكة السّوق إلى كلّ المحترمين هنا"
كم عدد المرافقة؟
-الصّف الأوّل كلّه.
الصف الثّاني.
الثّالث.
يمكنك القول أن عددهم هو جميع المقاعد، عدا بعضها، حيث أتوا ببعض الكتّاب والشّعراء كي يؤلفوا لهم قصصاً طريفة لتسليتهم خلال الاستراحة، إضافة إلى العاملين" والعاملات"
-هذه سجائر مجّانية للصّف الأول، والباقي مناصفة إن اشتروها.
اذهب الآن يا أستاذ
-أدعى أبو المجد.
-أتممنا الصّفقة. نجلس في تلك الزّاوية نراقب الذين يدخنون السّيجار.
-انظري. هذه صديقتنا عبير تخرج مع زوجها، بيدها سيجار.
-هو ليس زوجها.
الأمر محسّوب. طالما أنّ السيجار يمثّل الرّقي لا بأس أن يكون من الرّوث.
تعبتِ معي يا شمسة، أحتاج لمن يعمل معي دائماً. سنتواصل.
أعطيك اليوم نصف الغلّة. ألف لي، وألف لك.
-كيف ستعودين إلى المنزل، وأنت تعيشين في القرية؟
لو كنت أضمن أنّ مروان لن يعتدي عليك، لأخذتك إلى بيتي.
-لا يهمّ. معي بطانية أنام بها على ناصية الشّارع البعيد إلى ما بعد منتصف الليل، ثم أحثّ السّير إلى القرية. تبعد خمسة عشر كيلو متر. إذا هرولت أصل بساعتين ونصف.
-وزوجك؟
- نام ولا يعرف أين أنا، وعندما يستيقظ أكون قد وصلت.
-مذهلة يا صديقتي، لكن ألا تخافين أن يأتي رجل ما ويغتصبك.
-كبّري عقلك يا شمسة، من هو الرّجل الذي يجرؤ على الذهاب في الليل إلى ذلك المكان الموحش في هذا البرد؟
ثم لماذا يغتصبني؟
على كلّ إن حدث وأتى لن أسمح له بذلك .نتقاسم الكيف بالنّصف . . . .
.. .
بدأت أتدرّب على احترام الذات.
لا أدري إن زاد احترامي لذاتي، لكنّ الدكتورة في علم التنمية البشرية " عبّورة " لها موقع على الانترنت.
تقول الدكتورة: توضأ، وصلِّ ركعتين، وبعدها ابدأ التدريب. شرحت كثيراً عن فوائد الصّلاة، انتقلت إلى الفيديو: لم أفهم شيئاً من الفيديو ولا أعتقد أن الدكتورة عرفت لأنّه باللغة الإنكليزية، أعجبتني الفكرة ، من أجل أن أحترم ذاتي.
تقول الدكتورة" عبّورة"
كلّ شيء قدر مكتوب، عندما كنت شابّة عرفت الخطيئة، ثمّ تبت، وتقبّل الله توبتي
درست في كلّية التنمية البشرية، وأشرف على رسالة الدكتوراه. " البروفسور في علوم الدّين" شعبان"، نصحني أن أحتفظ باسمي الذي عرفت به، وأتت النّصيحة أكلها، أنا اليوم معروفة على نطاق الوطن، والعالم، أفكّر أن أوسّع من عملي وأفتح مدارس للتّنمية في بقاع الأرض المخلفة .
جرّبت ذلك، فقد انفتح ذهني، أصبحت أخضعه للتّجربة، لتكن معلّمتي" عبّورة"
ماذا يمنع؟
زاد احترامي لذاتي بعد التمرين، وكأنّه السّحر.
تعال يا "سليم" عندما أقدّم الورقة في أمريكا، وأمشي إلى المنّصة. سأمشي هكذا.
هل هو جيّد؟
-لم أضحك منذ خمسين عاماً. بدوت كالدّيك المنفوش الرّيش. شكراً على الطّرفة أدخلت السّرور إلى قلبي. .
. . .
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |