رجل من الزمن الحاضر "2"
خاص ألف
2015-05-23
أين أنت يا أمّ النّمر؟
عندما ينادي عليّ بأمّ النمر، يكون مزاجه جيداً. لو يعود إلى عقله، نتقاسم متاعب الحياة. لم أطلب منه الكثير. طلبت أن يكون رجلاً يستطيع أن يقدّم لنا ما نحتاج، وما يستطيع تقديمه، وأنا أعرف أنه يمكن أن يقدم لنا حياة أفضل.
-قادمة إليك حبيبي ؟
ما هذا الهراء؟
كيف أصفه بالحبيب؟
الحبيب الذي حلمت به لا يحمل صفة واحدة من صفاته.
اعتقدت أنّه لا بدّ أن يشبهه بنسبة كبيرة-أعني من حلمت به-
اعتقدت أن رجلاً ما في هذا العالم يحبّني، فكان هذا الرجل هو شلاش الدّايخ.
ليس صحيحاً أنّ جميع الرّجال متشابهين.
عرض عليّ أحدهم الزواج. كان حقيقيّاً، يبدو أنّني كنت أفضل النوع المزيف من الرّجال، كوفئت برجل من نوع شلاش.
أقدّم له القهوة الأن، وأنحني، وأجلس قرب رجله اليمنى.
أليس الأفضل لو تلبس ثياب النّوم يا حبّي؟
-ليس لديّ وقت.
السّيد خرفان يريد أن أذهب معه إلى الصّحراء، نقيم هناك بضع ليال، أحبّ خرفان فتى من بني أبو السّبع، سيقيم معه عدّة ليال.
-لم أفهم ما قلت يا شلاش؟
- السّيد خرفان ليس مثلنا، لديه المال الكثير، قال لي أنّ التّنويع هام.
-وما عملك أنت في الرّحلة.
-ناطور!
المنصب الذي أتقلّده يحسدني عليه أغلب البشر.
-أعطني بعض المال كي أنفقه على طعامنا في غيابك.
-أنت امرأة ناشز. اغربي عن وجهي، رغبت أن نعيش حياة سعيدة، لا تحترمين مكانتي.
-لم أخطئ بشيء يا شلاش.
-انظري إلى مظهركِ. ثيابك القديمة، هل تستقبلين زوجك بهذه الثياب؟
-زوجي يعيّرني بما يفعله هو.
من يراه يرتدي ثيابه يعتقد أنّه شيخ قبيلة، وليس مجرّد مرافق لخرفان.
هناك شيخ قبيلة في مكان بعيد يحتفظ زوجي بصورته، هو لا يحبّه، فقط يحاول أن يغيّر صورة وجهه إلى نسخة عن ذلك الرّجل.
سألته: لماذا تحتفظ بهذه الصورة؟
-هي صورة الشّيخ وسواس، أصبح غنيّاً وكل أفراد قبيلته يعملون تحت إمرته، أرسلت البارحة له سيرة ذاتية أرفقتها بصورتي التي تشبهه، لو وافق على تعييني ، لتركت خرفان، وكنت محميّاً منه؟
-وأنا، ماذا سيكون مصيري؟
-من يومك تغارين من نجاحي، ولا ترغبين أن أطوّر نفسي.
-هل أنت رجل يا شلاش؟
لم أر شيئاً من رجولتك سوى لباسك البدوي، من أين ابتكرت هذه العادة.
-هو لباس أجدادي؟
-وأجدادي بني عمومة لكم، هم يلبسون الجلابية في عزّ الشتاء، وإن استطاعوا لبس سترة فوقها يمتنوّن للرّب. هذا ليس لباس العرب ، هو لباس الملوك منهم.
أنت مهووس بالدّونية. تغيّر أسيادك، وتبقى خادما.ً
. . .
مللت هذه الحرب بيني وبينك.
تعال نلغي من يومياتنا تلك الألفاظ المهينة.
حبيبي العمر أقصر مما تتصوّر.
تعال نحبّ ابننا معاً
فالبذرة لا تصبح شتلة دون الماء والتّراب.
تعال نعود إلى سيرتنا الأولى عندما كنت تقول لي أحبّك، وتحمل طفلنا بين يديك.
هذا الأمر ليس صعباً.
تعال نضحك على أيّام العمر، نروّضها على الفرح والابتسام.
-تتحدّثين معي؟
لا أحبّ النّفاق، لو لذت بالصمت، وغربت عن وجهي، لا أرى فيك امرأة. عندما تزوّجتك لم أكن أعرف وزني. أنا علم من الأعلام. كلّ من يراني يعتقد أنّني فتى لم يبلغ سن النّضج، وأنت مسرعة في التّقدم في العمر.
-توقف يا شلاش. ندمت على الحديث معك. هناك لغة أخرى ستجمعنا. لست خائفة من شيء. مداركك المحدودة تجعلك لا تفهم كلمات الحبّ.
لو كنت تعرف أنّك زوجي. انتهت علاقتي بعائلتي. أنت الأن أمي وأبي، استفق يا شلاش. إن لم تقدّم لنا الحبّ، ستكون دعوة للعالم كي يهمّشنا.
ليتني لم أحدّثه. كلّما تكلّمت معه بود يعتقد أنني سأسرقه، ويزداد اعتداداً بنفسه، كل ما أخشاه أن يقطع المصروف عن ابني.
لا أعتقد أن فكرة الزواج كانت في مكانها. جنيت على إنسان ليس له ذنب، على فلذة كبدي.
لا يحتاج الأمر إلى طلاق في المحكمة. لو استطعت إعالة ابني لمشيت. سيأتي يوم أستطيع فيه فعل ذلك. لا زلت في أوج شبابي. أفتّش عن عمل دون أن أعلمه، أو أبيع وأشتري بعض السّلع.
هل أعتبره ميتاً؟
الأمر يسبب لي الحزن. لا يمكن أن يكون حزني على شلاش، بل على تلك الورطة.
. . .
هل "ذهب مع الرّيح"؟
رحل إلى ذلك المكان البعيد، لا يتواصل معي.
هل يمكن أن تتمحور حياتي حوله؟
أنا لست بطلة قصة.
إن " ذهب مع الرّيح" ليذهب وحده.
أمر العيش ليس بتلك الصّعوبة.
أبدأ في السّعي غداً.
في الغد أخرج من القوقعة. أرى الدنيا.
شكرا يا شلاش على غيابك. كان درساً أعطاني الكثير. أرى العالم دون نظّارة. كنتَ نظارتي القاتمة.
في الحياة ألوان زاهية أيضاً، عالمك ضيّق.
. . .
أرسل زوجي لي بعض النّقود. زوجي طيّب القلب لا يجيد الحبّ.
لن أفكّر كثيراً بالأمر.
سأنفق ما أرسله على نمر، هو ابنه، أعاهد سوسنة أن تكون أغنى منك يا شلاش، ولن أصرف من هذه القروش شيئاً على نفسي.
لا يمكن لي أن أفكّر بتلك الطريقة، فالرّجل لم يتخل عنّا.
زرع في داخلي ذلك الخوف الدّائم من الحياة. لا. لن أخاف.
أتمنى لو يتغيّر زوجي، ونصبح رفاقاً على طريق الحياة الطويل.
أن يغيّر شكله، مضمونه، عمله، لهجته، وبعض مصطلحاته.
أرغب بك يا زوجي شخصاً له قيمة في داخلي.
تغيّر ولو بنسبة ضئيلة. لا أحبّ الشّجار، ولا أتمنى الضّرر لك.
لو استفقتَ من هذا الكابوس يا شلاش، وعدتَ كي نعيش معاً بقيّة عمرنا.
أرغب أن يكبر نمر بحضورك.
لا أعرف ماذا يجري. إنيّ أبكي. أبكي على غفلتي، وغبائي.
يجب أن أعيش بطريقة أخرى. وداعاً يا زوجي. لن أغادر، أحاول أن أكون أنا، وعندما تعود. سيكون لك ما تريد في المنزل. لكنّك انتهيت من حياتي، وربما إلى الأبد.
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |