رجل من الزمن الحاضر 4
خاص ألف
2015-06-08
إنّني هنا أتضرّع إلى الحياة، تدير ظهرها:
ليس زمنك الآن. أنت موجودة في زمن آخر، وفصل آخر من الحياة.
متى يحين زمني؟
هل أنا لست هنا، وليس الآن هو الأن؟
تقول الحياة أنّني غائبة عن اليوم. وكيف لي أن أستعمل الزمن الحاضر إن كنت غير موجودة فيه؟
مربكة من تفاصيل الماضي. تفاصيل المستقبل.
ذلك المكان البعيد في ذاكرتي سبب لي الشّجن.
وأمي الخائفة من الدّنيا تنصحني ليل نهار أن أخاف. سيطر على زمانها هناك رعب من الآخر. كلّ شيء كان يخيفها، وأكثر ما يخيفها أن أتحدّث مع رجل يغدر بي، وتذهب سمعة العائلة. هل يوجد من يفسّر لي ذلك؟
لماذا يا أمّي كنت مصابة برهاب الحزن؟
دموعك أراها تنسكب على خدّي، والألم الذي كنت تحدّثيني عنه أحياناً أشعر به اليوم. بستان يزدهر في داخلي، أكون نبض الأنين الذي كنت تمارسينه على مدى عمر كي يشعر العالم بالرحمة من أجلك.
ها أنا أعيد كل تجاربك الصعبة بتجارب أصعب.
أحاول أن أبتكر حقيبة أضع فيها الذّكريات، وأرسلها إلى المحيط، أطلب منه أن لا يعيدها.
. ..
لو عاد الزمن إليّ لفعلت الكثير من الأشياء، أراه يقبع في داخلي مريضاً. أصيب بالتّوحد لا يقبل التّصالح معي، يقف في بداية المشوار حيث كانت ولادتي المخنوقة بحبل أميّ السّري، ولولا أن شممت رائحة الخبز لما كانت صرختي الأولى. يقف الزمن هناك عند تلك الصّرخة، وقدراته تدور في الفراغ!
قد يكون الزّمن مصاب في رأسه بسبب كبتي لمشاعره، كلما كان يتحرّك أطلب منه السّبات حتى الفصل المقبل، وقف وحيداً لا يعرف ماذا يفعل، قرّر أن يغلق على نفسه الباب.
عندما رأيت حبيبي شلاش أوّل مرّة. سكبت كلّ حكاياتي في صدره. ابتسم ابتسامة خفيّة. قال: أنت الحبّ الذي أبحث عنه!
طرت فرحاً. لم أكن أعرف أنّه قرّر الزواج منّي لأنّني مناسبة جداً لتمرير كل ما عنده من نرجسيّة. فهمت ذلك مؤخراً، بدأنا في رصد غباء بعضنا البعض، وكانت النتيجة صفراً في المباراة.
سافر شلاش اليوم إلى عمله. أشعر أنّ عبئاً رحل عنّي.
أتمنى أن نعيش معاً. أتمنى أن لا أضطر إلى المساومة على لقمة عيشي.
لماذا أحدّث نفسي؟
الموضوع انتهى بالنسبة له. عليّ أن أقبل الحقيقة. عندما ذكرته بواجباته قال عني فاجرة.
لم يعد يحدثني إلا بلهجة تبدو مسيئة.
أتت أمي لزيارتي. لم يسلّم عليها، تجاهلت الموضوع، لم تعاتبني، وعندما فتحت الموضوع معها قالت لي: لا يهم أمري. المهم أمرك أنت. كيف هي أمورك معه؟
جيدة يا أمي!
أرحتني يا سوسنة. أنت سوسنة حقيقيّة وستبقين.
أبكي من أجل أمي.
. . .
لا أشكّ بذكائي، وليت خائفة من المستقبل، سأترك أمر شلاش للزمن.
لماذا تتزوج النّساء؟
تزوّجت من أجل الأمومة.
لا أكذب على نفسي.
تزوجت لأنني أحببته.
أيضاً أكذب على نفسي.
تزوجت لأنّه علي ان أقوم بتلك المهمّة، الآن أنا سيدّة وأم. إنني أجمل نساء الأرض. سأبقى جميلة إلى الأبد.
لن أسمح للمجتمع الذي يقوده التّخلّف أن يقترب منّي.
ليس هذا فقط، بل سأجعل تلك العادات تركع أمام جدار التّغيير.
يمكنني تغيير العادات.
أبدأ بنفسي.
. . .
ممحاتي لا تعرف من أين تبدأ مسيرتها.
أردت أن أمحو بعض الأشياء من ذاكرتي. كلمة حبّ. عائلة. المفردات الوجدانية نستعملها لكتابة الشّعر. اعتقدت أنّ الأمر صحيح، مثّلت الدّور فإذ بي أمثّله وحيدة.
هو ابني أفديه بحياتي.
ممحاتي لا تقترب من الأبناء. تهمس: أنت أمّه. لا أحد لك غيره.
أليس له أب أيتها الممحاة.
يا لك من غبية أين هو؟
محوته قبل قليل. كان ينتظر أن يتملّص من أبوّته. يرغب في الانسحاب.
لا أتمنى أن يختفي يا ممحاتي.
أنت سلّمت المهمّة لي وأنا أصحح الأخطاء.
وماذا يقول الناس عنّي.
وماذا قال النّاس عن أمّ الحكم.
هل تشبهينني بها؟
أنت لست أفضل منها. دفنت نفسك في الحياة، وهي سعيدة بزواجها الرّابع ، أزواجها الثلاثة الذين محتّهم بي يحاولون التقرب منها، يرسلون الهدايا لها مع أبناءهم.
يا لك من شريرّة أيتها الممحاة! أنا لست هي، لن أقرب الرّجال وسعيدة بغبائي.
توقف قلب الممحاة، لم تعد قادرة على العمل.
. . .
ضميني إليك يا أمي. خائفة من الزمان.
يسكن جسدي صقيع، يرتجف جسدي. أحلامي كوابيس.
لمن أشكو؟
من يأخذني إلى حضنه في ليل زارني فيه كابوس.
ابكيني. دعيني أرقد بعض هذا الليل.
تساوت في داخلي الأوجاع.
لم أشعر إلا والحبل على رقبتي يفعل فعله.
ليت العمر يصفو لي بعض أيام.
تعال يا بنيّ أمسك يدي.
عاجزة على الوقوف.
لو استطعت أن أقف اليوم. لن أعود إلى الوراء.
دمعي ثمين يا شلاش!
لا أبكي من أجلك. فقط من أجل أن من يتحكم بمشاعري هو أنت. لو كنت فقط إنساناً يفهم معنى الرّجولة لكنت في أحسن حال.
. . .
لا زال للفرح مكان، رائحة أشجار الزّيزفون تنعش ذاكرتي، أتعرّف عليّ.
يليق بي الرّقص والغناء. الضحك ، الحبّ.
من أنت أيّها الفرح؟
اقترب قليلاً. يمكنني أن أحاكم ذهنك الذي يبتعد عن بيوت الأشقياء.
لو ضربتك ضرباً مبرّحاً، وانتظرت حتى تستجدي مني لحظات.
تشبههم-أعني أحبتي- يليّنون بالضّرب الأشياء.
أنا لست هم، عليك أن تفهم هذا، تدور حولي ، تذكّرني بك.
يمكنك أن تفعل هذا...
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |