مهاجرون
خاص ألف
2015-08-25
لم يعد النّاس يبحثون عن هويّة، فالمكان والزمان ليسا في الذاكرة بل ينتقلان حيثما حلّ المهادر.
في رحلة الهروب من الواقع يجلس المهاجر منهكاً أمام ماض لم يكن سعيداً، وواقع غير معروف تماماً.
تبدو الهجرة من الخارج جميلة بمظهرها لكنّها تحمل في طياتها عذابات كبيرة ليس من ضمنها الحنين إلى المكان والزمان الماضيين بقدر الحنين إلى الذّات، وفي بحر اللجوء العميق يعيد المهاجر حساباته، يكتشف مدى الظّلم الذي لحق به، كان تعيساً في الماضي لآنّ شخصاً ما سرق منه الفرح، هو الآن يبحث عن قيمة الحياة.
لم يعد في الهجرة اغتراب، فقد انتقلت مجموعات من مدن معيّنة، ومن أحياء معيّنة إلى الغرب، وهم ليسوا مجبرين على الاندماج. لديهم كلّ مقومات الوطن كاللغة ، والتاريخ المشترك والآمال المشتركة، والعادات والتّقاليد. هم يعيشون داخل مجتمعهم على أرض الآخرين.
في كل دول العالم تجد السّوري موزّع بين مخيّم اليرموك المهاجر، والقامشلي الكرديه، والقامشلي السّريانيّة، وإدلب، وحلب وغيرها، وفي كل مكان مطاعم وملاعب، ونشاطات تناسب هذا التّجمع. الشيء المختلف هو أنّ هذه الدّول التي تستقبل اللاجئ تعلّمه قانون البلد عن طريق دورة اللّغة التي يخضع لها ، وأهم شيء يتعلّمه هو أهميّة الوقت الذي لا يتعلّمه الكثير من المهاجرين.
لم تنته رحلة المهاجر باللجوء، ولا إيجاد العمل، ولا التمييز الذي ربما لا يلاحظه من يعيش ضمن تجمّع مدينته، والذي قد يقضي حياته دون أن يرغب في تعلّم اللغة .
أمراض المهاجر تستمرّ، وتتفاقم، وذلك الظّلم الذي تلقّاه في الماضي ينعكس على حياته، فللهجرة أمراضها، وفي الأحياء المهاجرة يستمرّ قانون الظّلم في الأسرة، وتستمرّ عادات الزواج والطّلاق كما هي، بل إنّها قد تتفاقم فنسب الطّلاق تزيد ، ويدور صراع داخل الأسرة حول السّلطة، وبما أنّ الرّجل والمرأة يحملان معهما تعاليم العقيدة الأولى، ونفس الفكر حول المساواة وفق قوانين شرعية، وليس وفق قوانين وضعيّة غربية لذا فإنّ قانوناً للظّلم يولد من جديد داخل العائلة، ويعصف الجنون بالأشخاص حيث أنّ البعض " رجل، أو امرأة" يبني سعادته على ظلم غيره، ويعطيه النمط الذي اختاره لحياته الحقّ في تدمير العائلة شرعاً.
أغلب الذين غادروا سوريّة إلى الغرب لم يكونوا متضرّرين من دولة البعث، بل إنّ الكثيرين منهم كانوا مرتاحين أكثر من الغرب، ورغم الضّوضاء التي نراها على وسائل التّواصل حول إبداع السّوري هو ليست حقيقيّة، فالإبداع يحتاج لزمن معقول حتى يظهر، لكنّنا ننتقل، وننقل أمراضنا الاجتماعيّة، ونرسل الرّسائل الكيديّة عن طريق الفيس بوك مثلاً ، حيث ننشر محتوى فكرنا الذي يعبّر عن ثقافة الاستفزاز، والكراهية.
القلّة من المهاجرين يبدؤون حياتهم بشكل سليم. هم القلّة من أصحاب الحرف، والمهن العلمية، والذين لم تعطهم سوريّة حقّهم وبدأوا يبحثون عن فرصهم في الغرب، سيستطيع هؤلاء الاندماج بالمجتمع ، وبنفس الوقت يمكنهم العناية بأهلهم في سوريّة ، ويستطيعون إرسال المال من جهدهم الشّخصي، وينالون احترام الدّولة التي يقيمون على أرضها.
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |