رسائل رجل محترم جدا / 4
2008-06-07
الرسالة الرابعة
حبيبتي هدى.
كم جميلة هي الكلمات التي تختزل المسافات بيننا و كم مثيرة معانيها التي تصهر أحاسيسنا وتحملها على أجنحة الحروف رقيقة ناعمة، كأزهار ورد تفتح في صباح ربيعي ندي، وكم هي بهية هذه السطور وأنا أرى ثنايا ابتساماتك تموج على ضفافها كبدر في ليل التمام.
حبيبتي الغالية، لا يغرنك حديثي عن مواقف مزعجة تحدث في بعض الأحيان هنا، فيدفعك التفكير بها إلى تحميل الأمور أكثر مما تحتمل، ولا تدعي المخاوف تنال منك،أو تأخذك كل مأخذ، فتنغص عيشك وتأتي بما لا أحب لك أو أرضى، صحيح أن العيش هنا لا يخلو من لحظات قاتمة وهونفس الحال عندكم أيضا، إلا أن هناك الكثير من المزايا والنعم التي نحظى بها ولا تحظون بمثلها أو تلمسون وجودها من أصله، فلو تحدثنا عن الطعام مثلا، فذاك يعني أننا نتناول ثلاث وجبات يوميا، فطار،غداء، عشاء، وهذا بالتأكيد مالا يجده الكثيرون منكم، صحيح أن صباح الأمس شهد إشكالا بسيطا، جراء غياب الفلافل والبيض المقلي وما شابه من الأكلات عن مائدة الطعام،إلا أن الأمر تم تداركه على عجل، إذ جاء الطبيب المختص وأوضح أن السبب خارج عن إرادة المستشفى، وعائد في الأصل إلى ارتفاع ثمن زيت السيرج، بعدما سطا عليه الناس وجعلوه وقودا لسياراتهم.
توضيح جعل البعض منا يقف متبلما وقد استعصى عليه الفهم وجعل البعض الآخر يزمون شفاههم مستغربين.. مستنكرين، لكنا في الأخير لم نجد غير التسليم بدا، رغم أن أحدهم عقب متخوفا : مليح اللي ما قربوا زيت الزيتون، كان ماظل زيت وزعتر يعزز صمودنا في هالبلد.
إضافة إلى ذلك، فأننا نتناول الدجاج لثلاث مرات في الأسبوع و لحم العجل لمرتين، أما باقي الأسبوع فسمك مجمد، لأن الطازج كما تعلمين، لا يقربه إلا ألوا الحظوة وعلية القوم، ممن فتح الله عليهم الدنيا من أوسع أبوابها، فأبوا إلا أن يضيقوها على الناس، الناس الذين لا يجرؤ الكثيرون منهم على التفكير بها، أو النطق باسمها ولو في أحلامهم، صحيح أنه تم تقليص هذه الوجبات إلى النصف منذ مدة، بسبب الحصار المضروب علينا وحرمنا الفاكهة لنفس السبب أيضا، إلا أن الفوارق بيننا وبينكم مازالت كبيرة.. كبيرة جدا، هنا الخدمة خمسة نجوم وعندكم ليل بلا نجوم .
هناك الكثير من الأشياء التي لا يتسع المقام لحصرها، أقلها الفسح التي نقضيها عصر كل يوم بين أشجار حديقتنا الغناء، ننعم بشذا أزهارها وتطربنا أنغام عصافيرها، لا ينغص صفو ساعاتنا فيها،إلا أزيز رصاص يباغتنا من قبلكم، لا دين له ولا هوية، فيضطر العاملون إلى إدخالنا على عجل، خوفا من شر لا تعرف تبعاته أوعواقبه.
حبيبتي الغالية، أرجو أن أكون قد أزحت عن كاهلك بعض ما يعتريك من خوف وتوجس وأن تكون كلماتي حرزا يقيك الهواجس والظنون.
كلي شوق إليك .. كلي رجاء بأن تزول الغمة و يجمعنا لقاء قريب .
المخلص لك دوما
يوسف
08-أيار-2021
12-أيار-2009 | |
23-كانون الأول-2008 | |
09-تموز-2008 | |
15-حزيران-2008 | |
07-حزيران-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |