Alef Logo
ابداعات
              

رسائل حب / الرسالة السابعة

محمد نصار

2008-07-09


حبيبتي هدى
لقد أضناني الشوق إليك وقض مضجعي، أرق عيني وأذكى صبابتي ولولا خوفي من أيد غادرة وأخوة تبرأ الذئب من فعلهم، لجئتك سعيا رغم كل الصعاب التي تفصل بيننا.
فاتنتي الجميلة.
لعلي لا أجافي الحقيقة لو قلت أني أشعر بقلق شديد عليك وخوف لا يوازيه خوف، فالأخبار التي تصلنا تباعا من قبلكم لا تبشر بخير ولا تأمل بذلك، نراها في وجوه الزائرين.. في خلجاتهم.. في همساتهم وأحينا في لسع نظراتهم التي تستكثر علينا عيشا لا يطمح إليه أحد سواهم، قد يبدو حديثي سوداويا بعض الشيء، أو غريبا إلى حد ما،لكنه يلامس كبد الحقيقة، الحقيقة التي تبدو في نظرك ونظر الآخرين ضرب من الخيال،وأنتم معذورون في ذلك، لأنكم من موقعكم هناك لا تتطلعون عليها وبالتالي لاتملكون أدوات الحكم التي تؤهلكم للنظر فيها، بعكس الحال هنا، هنا الأمور كلها تحت المجهر، ما يحجب عنكم هناك نراه هنا، وما يتم التسترعليه عندكم يفضح أمره عندنا، الأشياء كلها مكشوفة لدينا ولا يسعى أحد لإخفائها، ربما لاعتقاد ما، بأننا موتى والموتي لايملكون شيئا من الحواس التي تؤهلهم للتعامل مع الأشياء التي تجري من حولهم.
حبيبتي هدى.
لم يكن مرد خوفي عليك نابع مما يصلنا من أخباركم فقط ولا مما يتسرب إلى مسامعنا من همس يجري بين هذا الطبيب أو ذاك ولكن من كم المرضي الذي أصبح في ازدياد مضطرد، أجيال مختلفة.. فئات مختلفة والسبب واحد، مرده في غالب الحال واقعكم الذي تعيشون.
بالأمس جاءنا نزيل جديد، حل محل العجوز الذي توفى قبل فترة وجيزة،بدا الرجل في عمر ذاك العجوز تقريبا، لكنه أشرع منه قامة وأشد بنية، بمجرد أن أودعه الممرض الغرفة وانصرف، نظر إلينا نظرات متفحصة، ثم بسط ذراعه إلى الأمام ورفعها إلى الأعلى كأنما يرفع بها شيئا عن الأرض وقال بنبرة آمرة : قيام.
فاتجهت الأنظار إليه متبلدة.. متحجرة، ليقابلها بنظرات مستغربة .. مستهجنة، ثم أعاد الطلب مرة أخرى فلم يجد لمطلبه صدى، الأمر الذي جعله يدنو منا أكثر، ثم راح يتفحص الوجوه عن قرب بروية وتمعن، ثم قال بنبرة تشي بالوعيد: لقد عرفتم يا ملاعين بأن راتبي مقطوع فعصيتم أمري،أهذا هو الوفاء! ..أهذا هو الإجلال للعلم والمعلم!، سترون عاقبة أمركم .. سترسبون جميعا.. أعدكم بأن أيا منكم لن ينجح في مادتي.، ثم أطرق للحظة راح بعدها يتأمل الوجوه مرة أخرى وقال بتوجس وحذر : لا أستبعد أن يكون الواشي من بينكم .. هيا أخبروني.. أيكم الذي "سفني تقريرا" .. هيا تكلموا.. من منكم الذي خرب بيتي ودمر أسرتي.، ثم أجهش بالبكاء،تهاوى على السرير وغاب في دوامة من النحيب الذي لم يخرجه منها سوى لمساتي الحانية وصمتي المفجوع أسفا عليه، نظر إلى الرجل من بين دموعه وقال بلوعة وأسى :كنت عازما أن أزف عادل هذا الصيف وأن أدخل ليلي الجامعة مع بدء العام الجديد، فذهبت أحلامي أدراج الرياح،وأنا كما ترى، لا أملك من دنياي سوى علم أنفع به الناس،لم أحمل بندقية لأقاتل على دنيا زائلة ولم أرفع راية أختبئ تحت لوائها، ثلاثون عاما وأنا أدرس التاريخ،أذكر الناس بسير أسلافهم، أضيئ جوانبه المشرقة وأسدل الستار على ما فيه من مخازي وعيوب، أشيد بغزواتهم وفتوحاتهم وأنأى عن فتنهم وصراعاتهم .. عن نزواتهم وملذاتهم.. عمن باعوا ومن اشتروا.. من أعطوا ومن نهبوا.. من ضحوا ومن سلبوا، لم أفكر يوما بأن التاريخ الذي أحفظه عن ظهر قلب, بكل ما فيه من زيف وصدق.. من غث وسمين، سعيد نفسه مرة أخرى في ثوب جديد وأن أصبح واحدا من ضحاياه الذين احتطت دوما ألا أكون واحدا منهم ولكن يبدو أن الحذر لا يمنع القدر،أريد أن أعرف تهمتي .. أن أعرف السبب الذي من أجله سلبوني قوت أهلى وكرامتي وليفعلوا بي بعدها ما طاب لهم .، ثم أجهش في البكاء حتى أعياه الأمر، فتمدد في مكانه وغاب في سبات عميق،غاب وترك لي لوعة الألم ومرارة الأسئلة .
حبيبتي الغالية. ، هل عرفت الآن لم أنا قلق عليك ومم أخاف؟، بالتأكيد ما من شيء يخفني أكثر من هذا الواقع الذي لا أراه مبشرا بأي حال،آمل ألا تطول سطوته علينا وأن يجمعنا لقاء قريب .
المخلص لك دوما
يوسف

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

لسع النار والمطر

12-أيار-2009

الحاج عمران

23-كانون الأول-2008

رسائل حب / الرسالة السابعة

09-تموز-2008

رسائل رجل محترم جدا/ الرسالة الخامسة

15-حزيران-2008

رسائل رجل محترم جدا / 4

07-حزيران-2008

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow