صباح الخير ياسوريا الخير، وأهل الخير
مها دعاس
خاص ألف
2020-01-02
صباح الخير ياسوريا الخير، وأهل الخير، التي تحولت إلى سوريا الخراب والجوع ،يا لقمة تناهبها كل من استطاع ،
صباح الخير للبنفسج الذي أصبح كما بات لا ينتظر شيئا سوى المزيد من الحزن واللاجدوى ،
صباح الخير لأرغفة الخبز التي تحولت إلى نجمة في السماء لا يطالها الجميع ،
صباح الخير للمشردين ،سكان الحدائق وعشبها مأواهم الوحيد ،لمن يجاورون الحاويات بحثا عن مايزيد ،
صباح الخير لمدنها الصامتة على قيدها ،للحالمة بالحرية ،اذا صرخت قتلها السجان، واذا استمرت بصمتها خنقها الصمت ،للنهارات الحائرة بين حلم بالهجرة وآخر بالعودة المستحيلة ،
صباح للخير للخيام المشرعة أبوابها للعاصفة ،لأسقف الخيام وللمواليد الذين لا تعرف أخيلتهم "البيت "
صباح الخير لأطفالها ،وقد ضاعت طفولتهم ،لا ذنب لهم سوى أنهم عاشوا بين متقاتلين فرض عليهم القتال عنوة كخيار أسوأ من الأقل سوءا او الأكثر سوءا ،
صباح الخير للأبواب العتيقة ،للشرفات الخالية ،للجدران المهدمة ،ولزهد الشوارع المنكوبة ،لرائحة الصبر التي تنسل قوية من النوافذ المهجورة ،لصوت الأنقاض ومن دفنوا تحتها ،للمقابر الجماعية وللمدفونين في حدائق بيوتهم ،تحت شجرة كباد او نارنج تزهر دماءهم كل موسم ،
للستائر الممزقة بالحنين ،لأغطية الطاولات التي أكلها العث في سوريا الخراب ،للفساتين ،للأحذية ،للصور ،لعلب الشاي والسكر ولعلبة الإبر والخيطان ،لكل ماترك في البيوت ولكل خردة لاتلزم ،
صباح الخير للجبال ولقلاعها ،للسهول وحقول الحنطة ،للبحر ولشاطىء لم يمنحه الأمان ،لبردى وللفرات ،للهباري وعبايا الحبر ،للموليا ورائحة الشيح والحنظل ،لأغاني البابونج والزعتر البري تملأ الصحراء
صباح الخير لقوس النصر العظيم ,ياغصة لا تزول ،لأعمدتها وحجارتها ،لشمسها الغائبة منذ سنين ،لرملها الذي يحكي حكاية السواقي والبساتين ،لترابها تميمتي الأبدية
للتين ،للجوز والزيتون ،للكروم ،للكرز والليمون
صباح الخير يا جبل الشيخ ،يا عفرين و يا قاسيون
صباح الخير ياسوريا الحزينة التي تعرف كيف تحيينا وكيف تقتلنا ،أيتها المطوية على نفسها في قاع زجاجة محكمة الإغلاق تنتظر من يخرجها من هذا القاع ...
ا