أوراق دمشقية
2009-01-21
كنت طفلاً عندما وجدت نفسي بين أحياء دمشق القديمة ، كان ثمة هدوء خاص ورائحة تمتلكها -دون معاناة- ، ما تزال في ذاكرتي ، أشعر بذلك الانتقال المفاجئ من الصخب الذي يعوم عند جسر فيكتوريا والمرجة ، إلى أحياء ساروجة حيث يغرق الهدوء والصمت بين جدرانها وتعبق الرطوبة الممتعة في ظل الظهيرة ، كان انقلابا طقسيا بين مكان وآخر ، كان لها – أي دمشق – روح خاصة .
مرة أخرى وجدت نفسي في دمشق عندما أصبحت شابا لكن في مكان آخر ، وظلت عندي تلك الحاسة الخاصة المشوبة بالدهشة تجاه دمشق .
أسكن في غرفة ( صغيرة صالحة للحياة ) تتوزع فيها الأغراض البسيطة كلوحة تجريدية ، لها نافذة تطل على الشارع وقد طليت هذه الغرفة ببصمات الأصدقاء وشغبهم ، ثمة حكايات في كل ركن منها ، لوحات كثيرة ، سرير قابع في الغرفة ، طاولة للرسم 000 الخ ، أوراق كثيرة على الباب يكتب عليها الأصدقاء .
ذات يوم استيقظت باكراً خائفاً مضطرباً أحزمت أغراضي وكتبي وأوراقي … وعدت إلى قريتي الصغيرة وما إن نزلت من السيارة التي تقلني حتى شعرت بأن الهواء قد تغير طعمه وأن ثمة رائحة خاصة لكل مكان .
منذ أيام وبعد مضي أكثر من عشر سنوات ، كنت أبحث في ذاكرتي ، وفي كتبي وأوراقي ، وجدت بعض الأوراق التي كانت معلقة ذات يوم على باب الغرفة من الداخل رتبتها ودون أن أغير شيئاً دونتها :
* إلى عبد الحليم :
ذهبنا أنا وعزام إلى السوق لشراء بعض الأغراض ، أرجو أن تعجبك الغرفة التي استأجرتها مؤخراً ، انتظرنا ، سنعود ، تستطيع فعل ماتشاء ، الغرفة تستقبلك اشرب القهوة أو اقرأ في أي كتاب ، وإن رغبت فارسم فكل شيء معد لذلك .
عزام – مروان ( 1988 ) .
* إلى مروان :
وصلت ، جلست قليلاً ، شربت القهوة ، كنت أتمنى أن ألقاك ، لأريك بعض الرسوم (( الكروكيات )) التي رسمتها في القرية ، حيث عدت منذ أيام ، على كلٍ وضعت لك على الطاولة بعضاً منها ، لم أستطع البقاء طويلاً لأنكم تأخرتم من جهة ومن جهة أخرى عندي مواعيد كثيرة ، أرجو أن تبلغ سلامي الحار لعزام وأتمنى رؤيته ، أرجو أن تبلغ سلامي إلى خليل إن كان يمّر بك ، وتحية لجميع الأصدقاء وكافة الصبايا أنا هذه الأيام مقطوع عن العالم ، قابع في غرفي في باب توما ، بانتظاركم دوماً .
عبد الحليم ( 1988 ).
· إلى مروان :
أتيت كالعادة ولم أجدك ، لأعرف لماذا يحدث هذا دوماً ، شربت كأسين من البيرة وانتظرتك لم أعرف أخبارك منذ أن رأيتك ، عندما عدت من حلب ، سأمر لعند أخي في المساء ، أرجو أن نتواصل أكثر ، تحديداً هذه الفترة وإن لم تأتي سأمر بك في الأيام المقبلة، مشغول هذه الأيام بدورة في المركز الثقافي الفرنسي .
خليل.
* - أولاً مرحباً :
هذه ورقة صغيرة أكتبها لك ، لا تستطيع أن تعبر عما يختلج في القلوب ، الغرفة مرتبة ونظيفة ، هذا يعني أنك مرتاح ، انتظرك ولم تأتِ ، شربت القهوة ، قرأت بعض قصائد ( رياض الصالح حسين ) من ديوان خراب الدورة الدموية .
- ثانياً : لا يوجد ثانياً أو بالأحرى نسيت شيئاً ما كنت سأكتبه لك ، على كل الأحوال سأمر لطرفك قريباً.
سليم (1989 ).
· - صباح يوم جميل لك :
خرجت لأتمشى ، مررت وسط دمشق ، وسط الصخب في الصباح ، لم أدرِ كيف وصلت قرب منزلك رغم اني أعلم بعدم وجودك في هذا الوقت ، قد يكون ذلك بسبب الملل ، أو أني أرغب برؤيتك ربما ، فأنا لم أرك منذ زمن طويل ، أخيراً نُشر لي بعض القصص التي قرأتها سابقاً ، كنت أتمنى أن تقرأها منشورة ، تبرمت في الغرفة قليلاً ، وضعت لك الجريدة على الطاولة ، أعجبتني أعمالك الجديدة . تمعنّت فيها ، أقرأ روحاً جديدة وكأن عالمك الداخلي أو ريشتك تنبئ عن جديد في حياتك ، هكذا أشعر .
قاص مغمور علي ( 1989 ).
· - إلى مروان :
ما خططنا له بشأن الرحلة ما يزال قائماً لذلك سوف نذهب يوم الجمعة إلى معلولا ستكون معنا الفرنسية ايزابيل كما سيذهب معنا مختار ، لا أعراف إذا كنت تعرفه ، طبعاً مع بقية الشلة إذهب اليوم لغرفتنا في المخيم ، لنرتب الموضوع أكثر كي نستطيع الخروج ولو مرّة واحدة من بؤسنا اليومي ، أحضر خليل معك إذا رأيته .
بانتظاركم – هـدى.
* - مروان :
أهلك يسلمون عليك بعثوا بعض الأغراض لك أعتقد أن هناك رسالة لك بين الأغراض ، مررت لعند إيزابيل وهي زعلانة منك لأنك لم تأت في الموعد المتفّق عليه بينك وبينها ، أخيراً سأذهب اليوم إلى ركن الدين لرؤية خليل ربما أنام عنده لنشرب بعض العرق ونتحدث قليلاً ، و خاصة أنه هذه الأيام عاشق .
عزام .
* - مروان العزيز :
مررت أنا وفاطمة لعندك ولم نجدك لن نبتعد عن الحارة كثيراً ، سنمر لعند فراس لنشرب القهوة وفي السادسة مساءً سنذهب إلى المركز الثقافي السوفييتي لأننا وعدنا بعض الأصدقاء هناك .
خليل.
* - إلى مروان :
اتيت الساعة التاسعة والنصف ولم أجدك فأخذت الساعة (( المنبه )) وبعض الأشرطة ، أرجو أن لاتكون بحاجة إليهما .
تحياتي لك – عـلا
· - إلى … :
أولاً شكراً على هذا الترتيب حيث إنك دوماً فوضوي ، لقد استمتعت به وقد شربنا كأس جن أنا وصديقتي ، لقد رأيت صور اللوحات المنشورة لك في المجلة ، كنت قد رأيتها بالصدفة ، لم تخبرني بذلك من قبل ، سأغادر الغرفة حزيناً لأني لم أرك .
سمير
*- ابن الخال العزيز:
لقد جئت لعندك حسب العنوان الذي أعطاني إياه أهلك وقد جلبت لك بعض الأغراض ، فوجئت بأن الغرفة غير مقفلة وجيرانك قالوا لي بأني أستطيع الدخول وانتظارك ، هكذا دخلت الغرفة وضعت لك الأغراض ، بعد قليل سأسافر بعد أن أنهي عملي في دمشق ، سنراك قريباً .
يوسف ( 1989) .
· - العزيز مروان
· اليوم جئت من السويداء ، من الضروري أن أراك لأن زوجتي قادمة من الاتحاد السوفيتي ، غداً مساءً وسوف نستعير غرفتك ( كام يوم ) لذلك أرجو أن تتدبر أمرك انتظرني غداً كي نذهب للمطار سوية لاستقبالها .
أيمن (15 / 4 /89 ) .
* - مروان ، يجب أن تلحقني إلى المدينة الجامعية ضروري .
عزام .
* - أنا عاشق :
يجب أن نجن ليلة رأس السنة حضرّوا شيئاً لأجل ذلك ويجب أن تكون هذه الليلة أطول ليلة .
خليل .
· - مروان الحبيب :
خلال الأيام التي مضت تعمقت علاقتي كثيراً مع إيزابيل لا أعرف إلى أين ستقودني هذه العلاقة ، البارحة سهرنا في المقصف العمالي وكنا نرغب بوجودك ، بالنسبة لسهرة رأس السنة ستكون عندي في باب توما ، سنكون حوالي خمسة عشر شاباً وفتاة ، أغلب الشلة ، المهم يا مروان أن عواطفي تتطور نحو إيزابيل .
عبد الحليم .
* - أنا موجود في منزلي في المخيم .
سمير
* - أيها المروان :
طبعاً كالعادة ، جلست بانتظارك ولم تأتِ ، لا أعرف ما يحدث معك ، لا أريد هذا لانقطاع ، قرأت قصتين لـ محمد كامل الخطيب واحدة منها اسمها : (( ما الذي لا تعرفه يا يوسف )) قصة جميلة ، استمتعت بها ، كما استمتعت سابقاً بقصة (( المدن الساحلية )) أخذت شريطاً لزياد الرحباني .
أنا بانتظارك اليوم – عزام
* - إلى من يهمه الأمر :
أتيت أنا وصديقتي ، قمت بجولة بحث عن زياد ، المفترض وجوده في دمشق ، سأتابع البحث عنه ، سأذهب إلى ياسين في المزة ومن ثم إلى المدينة الجامعية فإن لم أجدهم سأكون أمام مسرح الحمراء ، سأنتظركم هناك حوالي السادسة مساءً .
خليل
.
* - لقد جلبت لك صور لوحاتي كي تكتب لي كلمة ، كي أضعها في الدليل ، أنا سعيد لمعرضي الجديد أرجو أن تكتب لي برؤية مختلفة عن تجربتي ، انت تعرف ما وراء كل ضربة لون ، وحالما تنتهي أنا منتظرك في باب توما سأقيم هذا المعرض وبعدها سأسافر إلى فرنسا ، مع إيزابيل ، أفكر في متابعة دراستي .
عبد الحليم.
· إلى عزام وخليل
نزلت أنا وليلى لعند إيزابيل في الصالحية ، أرجو أن تلحقوا بنا إلى هناك
مروان
· الوغد مروان
المهم أخمن إنك لم تأت إلى الغرفة اليوم أعجبتني بداية لوحتك الجديده وكدت أكملها لو أني أعرف الرسم ،المهم أنا كما أنا حزينا، مغتسلا باليأس وانتظار امرأة لن تأتي إلا في/ 26 /1 / 1990 ، ولا أخفي عليك ، حين أكون قربها أكون بانتظار أمرأة أخرى أحيانا ، أوبانتظار المرأة في داخلها ، أوضاعي كانت جيده ، لكنها ساءت خلال اليومين الفائتين ، فقدت كل نقودي ، لاأدري أين ، وعدت لحالة القلق تجاه الدخان والقهوة والدفاتر ، أناجد حزين لم أستطع شراء مايلزمني ، وأنا في قمة حماسي للكتابة ، أنتظر حضورك إلى غرفتي يوم الثلاثاء لا أعرف كيف املأ فراغ الوقت والحياة ، وإلى أن يأتي يوم 26 / 1 / إني بانتظارها دوما 0000
لقد نمت ساعة ونصف على سريرك ،استيقظت شربت القهوة وها أنا أكمل رسالتي ، سأذهب إلى المركز الثقافي الفرنسي وسأبقى هناك حتى الثامنه مساء ، أخذت مسجلتك لحاجتي الشديدة للموسيقا
بانتظارك يوم الثلاثاء خليل
· إلى مروان
خبر مؤلم لاأعرف إن كنت تعرف ، لقد دخل زياد
السجن ، لا أستطيع أن أعلق اكثر من ذلك0
ذهبت لا أعرف إلى أين 000
خليل 1990
* اللعنه على 000
جئت وأنا متفائل في أن أجدك ولكن 000 المهم كنت أريد الحديث معك عن وضع زياد ربما أنا أكون أنا آخر من يعلم ، إذا أتيت اتصل بي إلى الجريدة
مازن 1990
* مروان
منذ عدة أيام لم أرك
ليلى
· العزيز مروان
إذا جئت أترك لي 100 ل س إن كان معك أو أذهب لعندي فأنا موجود في المنزل أخذت شريط فيروزيات
وزياد الرحباني وكتاب الدين في ضوء علم النفس
سمير 1990
· مروان
ضروري أن تمر لعندي جاءت غيداء إلى دمشق ومعها فتاة من تونس
عزام 1990
· لقدمررت لعند أهل زياد
مازن ،سلامي لك
· أنت تعلم أني أحب دمشق أكثر من حلب ولكن لابد من زيارتها بين الفتره والأخرى لذلك حضر حالك للذهاب معي ، ونعود الأربعاء،لاتنسى الكتب التي أوصيتك عليها
خليل 1990
*مروان
لقد مررت أنا وأختي متمنيا أن أجدك فعرفت أنك في حلب ، لاشىء جديد عندي سوى أني أبحث عن عمل لاأعرف لماذا دوما أفشل، شربت القهوه وقرأت في كتاب ت س اليوت ، أرجو أن تؤمن لي كتاب رياض الصالح الحسين ، أختي ترغب في قراءته
المهم ماأود قوله :
لقدحزمت أمري ،لابد من السفر لقد مللت هنا ، البارحة سهرت حتى الصباح كل شيء يطاردني هنا، كتبت بعض المحاولات الأخيره وربما هي أخيره فعلا ،سأقرأ بعضها في المركز الثقافي الروسي مع خليل ،وهذه واحده منهم :
( الفنان
عندما هوت الغرفة فوق
اللوحة
أعاد بناء اللوحة
وعندما هوت أطرها
وضع أطرافه مكانها بهدوء
وعندما زرع المسمار في الحائط
حفر في أعلى ظهره ثقبا
علق نفسه ونام )
عزام 1990
· لقد وصلتني اليوم رسالة من عبد الحليم ووصلت رسالة لك وضعتها فوق المكتبة ، أخباري جيده وديواني دخل المطبعة ، أشعر برغبة في كتابة الرواية ، آخر ماكتبته :
( كنت تفرين
تعلين غمامة
تفرين
ونجمة تصيرين
لا تطالك يداي
ولاتمدين لي الجناح
كنت تنزفين 000 تنزفين
سرة الورد
حنائزك
وتلويحة الفزع
ياإلهي يافاطمة
تنزفين ويتابعك الغياب
خليل 1990
· أبو الخل
سوف أسافر إلى القرية عدة أيام ،أترك لي فقط الكتب واللوحات والأوراق الخاصة ، سأعود لأودع كل شىء ، الأمكنه ، الحارات المقاهي ، البيوت القديمه ، الأزقه التي تهنا فيها
مروان
1990
[email protected]
08-أيار-2021
22-أيلول-2015 | |
12-تشرين الثاني-2010 | |
02-تشرين الأول-2010 | |
12-أيار-2009 | |
21-كانون الثاني-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |