الحرية الاجتماعية
2009-08-11
أن ُتقدم إدارات المعاهد الخاصة المختصة بتدريس طلاب و طالبات المرحلة الثانوية (البكالوريا) على تركيب كاميرات مراقبة في الغرف الدراسية لمراقبة الطلاب و الطالبات و منع أي اختلاط بينهم تحت طائلة التنبيه ،
و الطرد .فهذا إجراء و إن كان يرمي إلى المحافظة على سمعة المعهد ( مع العلم أن هذه المعاهد سمعتها التعليمية في الحضيض ) فهو بدون شك اعتداء على الحرية الشخصية للطلاب و امتهان لكرامتهم بوضعهم جميعا تحت شبهة القيام بعمل لاأخلاقي . ومن المعلوم أن المدارس الحكومية يختلط طلابها و طالباتها ومن دون وضع كاميرات مراقبة ،فكيف تسمح لنفسها هذه المعاهد بإتباع هذا النظام الطالباني .
و من المؤكد أن القضية لا تنحصر بمجموعة طلاب و طالبات يتم مراقبتهم و منعهم من الاختلاط ، بل إنها قضية نمط اجتماعي متزمت بدا يظهر بشدة في المجتمع السوري و يطغى على الأنماط الأخرى .
ففي البناء الذي أقيم فيه ، يسكن شاب جامعي تزوره زميلته بشكل متواتر ، مما دفع احد ساكني البناء إلى استدعاء شرطة الآداب ، و توريط الشاب بقضية شائكة .
كل ذلك يستدعي طرح سؤال الحريات الشخصية التي من حق أي إنسان أن يتمتع بها طالما انه لا يوذي احد ،
أما أن يعتقد كل إنسان أن ممارسة الآخر لحريته هي ايذاء له ، طالما أنها لا تتوافق مع طريقته في الحياة ،فهذا أمر خطير . و هو يشبه موقف رجال الدين الذين يعتقدون أن الحرية يجب أن تمارس وفق منظورهم الذي هو في الجوهر نفي للحرية و تفريغ لمعانيها .
و تقول المعادلة الحضارية أن المجتمع الذي ينقرض فيه الراغبين في عيش نمط حياة حر ، يصبح مجتمع منمط ، متكلس عاجز عن إنتاج آفاق اجتماعية مغايرة . و تغدو الحياة فيه مضجرة و مملة ، و من هنا ترتبط حداثة المجتمعات بالحرية المتاحة لخلق أنماط عيش مختلفة عن السائد .
فالمساكنة كنمط للحياة ، ليست خارجة عن سياقها بل إنها نتيجة لجملة تحولات إصابة المجتمعات الغربية ، بحيث ارتبطت بالحرية الاجتماعية كمصطلح فلسفي كان احد إرهاصات عصر التنوير الأوروبي .
و بالقياس فأن القبائلية كهيكلية اجتماعية في المجتمعات العربية ، لا تسمح للشاب أن يسكن بمعزل عن أبويه ،
فكيف ستسمح له أن يسكن مع فتاة يحبها خارج مؤسسة الزواج الغبية .
هذا التلازم بين نمط العيش و الحالة الحضارية للمجتمع ، يصبح إشكاليا حين نجد قوالب حداثية بمضمون رجعي
و المثال هذه المعاهد التي هدفها تعليم الطلاب ، تعليم يبقى تقنيا ، لا يرقى لحالة عقلية تجعل هؤلاء الطلاب يبتكرون أنماط جديدة لعيشهم
على العكس هي تسجنهم في أنماط تقليدية .
ليس المطلوب من المجتمع أن يتسامح أو يغض النظر عن حالات اجتماعية لا تتوافق مع قناعاته ،
و إنما أن يقبل هذه المقترحات الحياتية من زاوية المساواة و حرية أي شخص في عيش نمط الحياة التي يرغب ،
فحريتنا تتوقف عند حرية الآخرين لا عند قناعاتهم المنغلقة .
لا بد من الإشارة ختاما أن الشخص الذي استدعى شرطة الآداب للشاب الجامعي كان قد تم توقيفه بتهمة فساد
قبل سنة .
ايلي عبدو
08-أيار-2021
18-تموز-2020 | |
سيسيولوجيا التجمعات الدينية في أن إحياء الأعياد يصنع الرثاثة |
30-آذار-2010 |
22-شباط-2010 | |
أيهم خيربك في "أسطر مالت وانزلق ما أقول" اقتراف المعنى العبثي |
17-شباط-2010 |
03-شباط-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |