في كتابه الأول "أسطر مالت وانزلق ما أقول" الصادر عن دار بدايات، يبني أيهم خيربك شعرية خاصة تنحو إلى التصادم مع الرؤية المألوفة للقصيدة الحديثة حيث انه يلتف على كل التجارب المكرسة ليس فقط ليحرر نفسه الخاص بل ليجترح تمايزه ويخلق أفقا فردياً مختلفاً، بهذا الشعور المارق يفتتح أيهم قصائده باستدعاء جزئيات مشهدية من الذاكرة والتحايل عليها لغوياً ليصبح النص حقل ألغام تنفجر معانيه بالقارئ كلما أمعن بالقراءة.

جدل الطبيعة

حشريّتها وحشراتها.

على رقعة منبسطة

منقلباً على ظهره

ومغشيّاً من الدهشة

نازع الصرصار

إلا أن النص لا يرتكز على الذاكرة كفعل "نوستاليجي"، بل أنه يستفيد من توزيع الأمكنة والأزمنة والهواجس والأحلام فيتلقى مفاعيلها الحسية ويوظفها ببراعة لينطلق منها لكتابة الراهن بكل تناقضاته وأزماته، ضمن مناخ سردي يلتقط الحدث بحمولته الدلالية ومفارقاته المعبرة.

عربة، ركنت آخر التعب

والليل يلفظ كائناته

إبريق شاي، على وشيش نار متهدّجة

يقتعد ركناً قصيّاً

بعد أن فرغ الشارع

من

أوراق

قمامة

...

مارّة!

لا يستطرد أيهم خيربك في نصه ولا يترك في المعنى أن يأخذ رؤية أفقية من خلال صقل الاستعارة وجعلها نمطية وجاهزة على العكس من ذلك فاستعاراته تبدو وكأنها مصابة بالدوار تتحرك بكل الإتجاهات لتخرج المعنى ضمن تكثيف لغوي من زوايا مختلفة .

خريف

تساقط على قبة قميص اصفر

عاصفة

تهادت بين ربلتين

تحكّ فانوس الركبة.

ربيع

قفز حول التنّورة

ناثراً....

غبار الطلع على طلعتها

صيف

يذوب بين ربوتين .

نص أيهم خير بك لا يرتكز على اتكاء واحد، هو متعدد الاتكاءات فتارة يسرد و تارة يكثف وتارة يلتقط صورة أو مشهد لكن ذلك يأتي ضمن مزيج أسلوبي مختلف يبرز المعنى ضمنه كعصب يشد النصوص من الداخل متأملا عبثية الوجود بملاحظة ارتداد اليومي على الذات.

قوس مشدودة

تحت وطأة الانحناء

أو

سهم منذور لقسوة الحظ.

رامٍ بعين مفتوحة

وبعين مغمضة يهدف الحلم.

بطريقة أو بأخرى

نكون الهدف..

أو

أشياء مهملة خارج التصويب.

لا شك أن أيهم خيربك نجح في نصه أن يقف على حبل مشدود بين تفاصيل يومية مهملة ومناخات شخصية ويمضي في اقتراف المعنى العبثي عن قصد.

إيلي عبدو

×××××

نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.

في المستقبل سنعلن عن أسماء جميع المواقع التي تنقل عنا دون ذكر المصدر

ألف