سيسيولوجيا التجمعات الدينية في أن إحياء الأعياد يصنع الرثاثة
خاص ألف
2010-03-30
لو تجاوزنا المعاني الروحية و العقائدية ، أي الفضاء الرمزي للأعياد الدينية و نحينا جانبا الطقوس و الشعائر و الصلوات التي تقام مرة أو أكثر في السنة . و تفحصنا بمجهرية أكثر دقة ،التشكلات الاجتماعية التي تكونها الأعياد و ما يستتبعها من ممارسات و أفعال و تفاصيل ليست فقط منفصلة عن معاني هذه الأعياد لا بل هي تعاكسها في إنتاج ما يناقضها . لدرجة أن المرء يخال هذه التجمعات متشابهة بالغاية و الوظائف مع أي تجمعات قد يصادفها في حياته ، مما يستدعي التعمق أكثر في جوفيتها و التنبه لعصبها الذي هو بالضرورة رث و قميء ، لا ينتج سوى الثرثرة و السطحية و التفاهة ، هذا إن لم تتحول إلى مسرح لإنتاج ظواهر أكثر حدة بفراغها من تلك التي نشاهدها عادة .
ولو أخذنا أحد الشعانين الذي تحتفل به الطوائف المسيحية و الذي يرمز إلى السلام و الفرح و النصر . لوجدنا أن هذ ا العيد يتم تصنيعه ببناء مشهدية واسعة تمتزج فيها أجمل موديلات الأزياء بشموع الأطفال و أحاديث الشلل المتجمهرة هنا وهناك، مما يعني أن التفكّر بمعناه و التأمل بعبّره أمر يكاد يكون شبه مستحيل في مناخ كهذا.
فالعيد إذا يقفز عن معناه نحو سيسيولوجيا تتشكل بالمصادفة تبعا لأهواء و نوازع الحاضرين . فالبعض يسعى للخروج بعلاقة عاطفية جديدة ، و آخر لرؤية صديق لم يره منذ زمن و آخرون للتجمع بقصد الذهاب في نزهة ما. مما يؤشر إلى طغيان الجانب الاجتماعي و ابتلاعه للجوانب الأخرى.
أما عيد الفصح الذي يأتي بعد أسبوع من الشعانين ، فثمة طقس يرتبط به يُعرف عاميا ( بالهجمة ) و عادة ما ينتظر الشبان هذا الطقس من اجل إطلاق الأعيرة النارية و المفرقعات لساعات طويلة محدثين جلبة و ضجيج رهيبين إضافة إلى إصابات قد تسقط نتيجة التهور و الطيش .
إذا فأن سيسيولوجيا الأعياد هذه لا تكتفي بتفريغ العيد من معناه ، إنما هي تنتج ظواهر تعمل بآلية ضدية تنتهك قيم هذه المعاني و غاياتها . و إلا فكيف يستقيم إطلاق أعيرة نارية مع لحظة سلام داخلي تتهيأ لقيامة المسيح، و كيف يتصاعد مناخ الاستعراض و التبجح بالملابس الفاخرة و الانشغال بتزيين شموع الأطفال و يتضاءل تأثير معاني الحدث المُراد عيشها.
لا شك أن الحالة تنتج نقيضها ليس بالمعنى الديالكتيكي و إنما بما يؤسس لخصومة مفاهيمية بين المعنى و ممارسته أو حتى تمثّله و يسهل لشرخ المسافة هذا أن يزداد و يترسخ .
و لعل هذه الإشكالية تأخذنا إلى تساؤل عميق يتعلّق بشكلانية الإيمان و جوهره و نحو أي من طرفي هذه المعادلة يميل الناس ؟
و لا شك أن المعني الأول بدراسة هذا السؤال هي المؤسسات الدينية التي تبدو كأنها تساهم بتغذية المنحى الشكلي للدين بتسويغ الكثير من الممارسات و الأفعال وتشجيعها و رعايتها. مما يجعل التعلق الشكلي بالدين دون فهم جوهره و غايته و تجسيده سلوك و فعلا ، يدفع الناس إلى تجسيد هذا التعلق بتشكيل سيسيولوجيا فارغة تكاد تضاهي بفراغها أي تجمهر لأناس يرغبون بلأستماع لفنان ما ، مع اختلاف الرمزيات ووظائفها .
بين المعنى و الاجتماع المعبّر عنه ، يمر العيد و لا نمر نحن به . يمر ألبسة و شموع و أحاديث و تسليات و لا نمر نحن بقيم نبيلة قد تدفعنا لتجميل الكثير من القباحات التي تشوه مجتمعاتنا ..
ايلي عبدو .
08-أيار-2021
18-تموز-2020 | |
سيسيولوجيا التجمعات الدينية في أن إحياء الأعياد يصنع الرثاثة |
30-آذار-2010 |
22-شباط-2010 | |
أيهم خيربك في "أسطر مالت وانزلق ما أقول" اقتراف المعنى العبثي |
17-شباط-2010 |
03-شباط-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |