الجامعة ضد الثقافة
2009-10-07
إذا كانت الجامعة تخرج أجيال من المتعلمين، فهذا يستدعي استدراك مهم، هل تخرج أجيال من المثقفين ، هذا إذا سلمنا أن الفرق بين المتعلم و المثقف غير ملتبس في وعينا؛ فهنالك تفسيرات مختلفة للتمييز بين المتعلم و المثقف، واحدة منها على الأقل أن المتعلم هو من يستحصل على العلوم و المعارف و الأفكار فإما يتركها تذهب سدى بعد مضي حقبة قصيرة من مغادرته مقاعد الدراسة، أو يستذكر منها شذرات في أوقات متباعدة، و الاحتمال الأقرب إلى الواقع أنه يرسخها في عقله كقاعدة أبدية تطمئنه كمتعلم، لم يضف إلى ما تعلمه شيء. أما المثقف فهو القلق على قاعدة معارفه التي حصّلها و هذا ما يدفعه لهدمها وبناء سواها أكثر تمرد و حرية و اتساعا و رفض ، أي يعيد بناء عقله على نقد ما تعلم و زعزعة الثوابت و خلخلتها،
قد لا تصح هذه القراءة كمعيار للواقع خاصة و إن طلاب الجامعات و كوادرها التدريسية، و هم المولجون دفع عجلة التقدم اجتماعياً، يدورون كسواهم في متاهات التخلف من المناهج القديمة إلى الافتقار لأدوات إيصال الفكرة و ضعف الأساليب الامتحانية، وبهذا يغدوا مفهوم المتعلم تحت مجهر السؤال، فيتأرجح الطالب الجامعي بين العلم و الأمية و تلتبس هويته،
هذا إلى جانب الهوة السحيقة التي تفصل الطالب الجامعي عن البحث و التقصي في ظواهر المجتمع، فهنالك اغتراب مذهل بين الجامعة و المجتمع يجعل تأثرهم ببعض شديد السلبية،مما يجعل الطالب لا يجتر فقط من المناهج الجامعية العفنة و إنما من الحيز الضيق الذي يتخبط فيه،
و لعل تقلص الفارق بين الطالب الجامعي و الطالب المدرسي من حيث تلقي العلوم و التعامل مع المناهج و الاستمرار في ابتلاع المعلومات دون هضمها ذهني و عقلياً، كرّس واقع الطالب الاجتراري الذي يفتقد للقدرة على التعامل مع أي معطى إبداعي أو فكري أو علمي بمعايير بحثية، نقدية، استشرافية، فهو قد لا يحبذا بعض الأفكار التي تمر في ذهنه، لكنه يظل قاصراً عن نقدها و تحليلها بشكل منهجي لعدم تمرّسه على ذلك خلال دراسته الجامعية، و بالاستنتاج تصبح الجامعة مفرّخة للاجترار يين الذين يتعاملون مع ظواهر مجتمعهم بالا مبالاة و سلبية تشبه سلبية أي أمي يجهل القراءة و الكتابة، و حالة التطابق تلك بين جامعيين و أميين بعدم التفاعل مع المجتمع، تشير أن الجامعة تتشرنق على ذاتها، كما تشير إلى ما هو أخطر، حالة موت سريري للمجتمع بفعل انقطاع الشريان الذي يضخ النخب إليه و الذين بدورهم أي النخب يحركون الركود و يجعلون واقعهم أكثر ديناميكية.
هذا تحديداً ما يجعل مجتمعاتنا تعيش ما يسميه بعض المفكرين (فراغ المعنى) فإذا كان المعنيون بإنتاج المعنى وتصديره إلى المجتمع أي النخب الجامعية قد ذهبت في غيبوبة فكرية، فمن أين نأتي به أي بالأفكار و الأدوات المعرفية و البنى الاجتماعية و الفكرية و السياسية التي تنظم مجتمعاتنا، و تخلق السياق الملاءم لتفجير طاقاتها المبدعة، لعل التخبط و الجنوح و الشطط سيكون سمتنا لعقود أخرى ما لم نعمل على تفكيك هذه المعضلة .
ايلي عبدو
08-أيار-2021
18-تموز-2020 | |
سيسيولوجيا التجمعات الدينية في أن إحياء الأعياد يصنع الرثاثة |
30-آذار-2010 |
22-شباط-2010 | |
أيهم خيربك في "أسطر مالت وانزلق ما أقول" اقتراف المعنى العبثي |
17-شباط-2010 |
03-شباط-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |