قصة قصيرة / الجروح تشفى بالغرق أحيانا
2010-01-01
خاص ألف
"نحيط الاخوة الصيادين بضرورة عدم الخروج للصيد في خضم هذه الاحوال الجوية حفاظا على سلامتهم ... تقبلوا تحياتي مذيع النشرة الجوية محمد سعيد .. ". ما بال الصباحات الباردة تقطع ارزاق الصيادين , ما بال قطرات السماء تصنع قبورا خالية لضحاياها !
صوبت انظاري نحو النافذة , آه يا لجمالك أيها السحاب , وكم أنت مكار ايها الموت اخترت هذه المرة أن تسكن قطرات المطر. وكنت قبل ذلك ملاكا جميلا يأتي على غفلة وينزع الروح. ولقد اخبرتني جدتي ذات يوم ان الملائكة هم اجمل مخلوقات الله.
لما تذوب في السكر أيها الموت ؟. ولما لا يذوب السكر فيك ويزيل طعمك المالح. أنت مخادع تتماهى كسحلية في البراري تتلون بألوان الطبيعة مختفيا وتطمئن المخلوقات ان الحياة لا زالت بخير ثم تنقض على ضحيتك !
غدار أيها الموت. لكني لا آبه لغدرك سأذهب للبحر واكمل معه ما تبقى من حديث الأمس. أقف امام المرآة اضع حول رقبتي رداءا كشميريا أسود. لقد كنت مرتديا اياه قبل ايام حزنا على الحسين , فلما ارتديه اليوم. هل هو حزن لأمر قادم ؟. لا لا انه رداء يحميني من البرد. اصطنع ابتسامة صفراء على المرآة واضع ذلك العطر الاسود على ملابسي !
سواد , رداء اسود , عطر اسود , جاكيت اسود , سحاب اسود .. آآه ما الأمر اليوم !!
أنا على الشاطئ وذلك القارب على البحر يترنح في جرأة بدون أن يخاف الصيادون. وهناك على مقربة من البحر كانت سيارة صيد تحاول أن تسحب الشباك من البحر بأقوى ما تملك. انها تتوقف في كل مرة لكن صاحبها يحاول دون يأس.
يا بحر لما يجازفون ؟. يتمدد البحر وتفوح رائحة السمك. أيها الجوع الكافر هكذا الامر اذا .. انت تنتظرهم في بيوتهم حتى تقضي عليهم !
ولكن يا بحر الموت يتعقبهم ها هنا ايضا .. انظر للقارب كيف يسبح بحرفنه حتى لا يغرق هو ومن فيه !
السحاب يتكثف والسماء تصبح سوداء. وطاقة لا ارادية تدفعني للتقدم أكثر من صاحبي القديم. البرق يصحو , حبات من البرد تعاقب الرمل على سكونه. وهناك بالبعيد الصيادين يصرخون ويضيئون مصابيحهم. وأنا أقول بداخلي لا تخافوا فملابسكم بيضاء لن تموتوا. أنا النكرة التي ترتدي سوادا مبهما والتي تستحق ان تموت على انغام الريح.
أيها البحر .. يقال ان ملوحة مائك شفاء للجروح. وجرحي انا السرطان الذي ينخر جسمي. ارجوك ان تحضنني انا قادم اليك بلا تردد !
اضواء الصيادين اختفت . بل الصيادين اختفوا .. بل القارب اختفى .. يا الهي .. يجب علي أن اشفي جروحي قبل أن أموت وانا ارتدي البياض في يوم ما. خذني ايها البحر انكمش على جسمي .. اختنق .. لا استطيع التنفس .. لا اتحدث .. وداعا .. جرحي لا يشفيه الا الغرق ..
××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
في المستقبل سنعلن عن أسماء جميع المواقع التي تنقل عنا دون ذكر المصدر
ألف
08-أيار-2021
31-أيار-2010 | |
01-كانون الثاني-2010 | |
18-أيلول-2009 | |
21-تموز-2009 | |
11-تموز-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |