ثلاثة شروط لجعل التعليم إبداعا
خاص ألف
2010-01-29
دعا مدرسون بريطانيون في مناشدة مكتوبة قدمت إلى مؤتمر رابطة المدرسين و المحاضرين لإلغاء الواجبات المدرسية المقررة على التلاميذ ،و إلى تشكيل لجنة لبحث أسباب عدم شعور الأطفال بالسعادة في المدرسة .
أول رد فعل يخالجنا عند قراءة هذا الخبر ، الرفض و الاستهجان فهل من المعقول أن تلغى واجبات الطفل المنزلية و في حال ألغيت كيف سيسترجع الطفل الدروس التي لقنه إياها الأستاذ و يرسخها في ذاكرته مستعدا فيما بعد لتقديم الامتحان .
ولكن بقليل من التفكير و النظر إلى الأمر بشمولية أوسع ، نجد إن هذه الدعوة التي وجهها المدرسون ليست عبثية و إنما هي جزء من رؤية جديدة للتعليم يسعى البريطانيون إلى انتهاجها لتحرير التلاميذ من العبء النفسي الملازم للعملية التعليمية و تحثهم على المشاركة في تعليم ذواتهم و تثقيفها .
تبرز هذه الخطوة كشرط للا نتقال بالعملية التعليمية من تقليدية في أساليبهاو أدواتها و ذهنية ممارسيها،إلى إبداعية تحرّض التلاميذ على تحريك أدمغتهم و تنمية ملكاتهم الإبداعية و الفكرية .
فإلغاء الواجب المدرسي في المنزل يعني أن المدرسة تمتلك أساليب علمية للتواصل مع التلاميذ في الحصول على المعلومات ،فلا تظل الدروس نظرية أسيرة كلمات المدرّس و شرحه المضّجر و إنما بحثية . ميدانية. استنباطية . تحليلية . تعتمد وسائط بصرية و أدوات مخبرية ، مما يجعل التلميذ يستعمل عقله ،ملكاته الفكرية ،إرادته . حواسه ، تعبيراته الخاصة للوصول إليها .و بذلك لا يعود من الضروري فرض واجب مدرسي على الطالب لأنه يكون قد تعايش مع الفعل التعليمي بكل كيانه و تشرّبه بطريقة مرنة و ممتعة دون أكراه أو قسر.
كما إن التلميذ الذي يرجع إلى منزله دون أن يشعر بعبء الواجب المدرسي قد يكون أكثر جهوزية للانطلاق في تنمية مواهبه و استثمار وقته بالتفاعل الاجتماعي و الإنساني .
هذا الشرط يستتبعه شرط آخر يتعلق بالأستاذ و الذي تتمحور حوله العملية التعليمية و تدور في فلكه مهيمن على مفاصلها0مما يصّعب على التلاميذ إن يتحركوا ذهنيا لاستخراج المعلومة و نقاشها بحرية ،فتخفيف دور المعلم بحيث يزيد من دور التلاميذ من شانه إن يمنح التلاميذ الفرصة لان يكون فاعلين في العملية التعليمية لا منفعلين و مشاركين في صنعها من نقاش و تحليل و نقد و تفكير . فالمعلم يسيطر على العملية التعليمية و يتحكم بها وفق ما قرأه في المنهج المدرسي،
وكثيرا ما نجد تلميذ أكثر ذكاء من أستاذه إلا انه لا يجد السبل للتعبير عن هذا الذكاء بوجود أستاذ إحتكر المعرفة في الصف و ضبطها في منهج مدرسي جامد و متخلف .
يبقى شرط ثالث و أخير هو إلغاء الامتحان فما ضرورة الامتحان لطالب يمتحن قدراته في كل يوم مدرسي وفق الآلية المذكورة أعلاه . خاصة و إن الامتحان ارتبط في أذهان تلاميذتنا برهاب نفسي يرعبهم و يحوّلهم إلى كائنات حفظية تجتر المعلومات و تنقلها على الأوراق دون أي تحريض عقلي 0
البريطانيون أنفسهم قاموا بتجربة مهمة في هذا الإطار حيث أبلغوا أهالي التلاميذ بأنهم سيمتحنون أولادهم غدا بشرط عدم إبلاغ التلاميذ و تعريضهم لفوبيا الامتحان و قد جاءت النتائج ممتازة و أفضل من الفترات التي يجري بها الامتحانات الاعتيادية حيث يحضّر التلاميذ جيد .هذه التجربة تثبت أن الامتحان لم يعد مقياس لمعرفة مستوى ذكاء التلميذ و استيعابه للمعلومات و خاصة انه يشل قدراته الذهنية بسبب الخوف .
هذه الشروط الثلاثة ليست رؤية متكاملة للانتقال بالعملية التعليمية نحو الإبداع فقد تضاف عليها شروط عديدة أخرى، و لكنها تشكل مدخل للتدرج نحو هذا الهدف
رغم كثرة العوائق التي تعترضها من البنى الاجتماعية التقليدية و التي تعجز عن إنتاج جيل يشترك ذاتيا في التعلّم على مختلف الصعد فيكون مهيىء للتعامل مع الطرائق الحديثة في التعليم.
إلى البنى المدرسية التي تعفنت أطرها التدريسية نتيجة عدم تطويرها أو استبدالها بأخرى أجدى منها .
يقول أحد الباحثين التربويين العرب "ما من أحد بوسعه حل المسائل التعليمية التي نواجهها في مدارسنا إلا نحن ،و ذلك عن طريق الرجوع إلى المفاهيم التي استنبطها الغرب و إعمال العقل الفلسفي النقدي فيها في ضوء تراثنا التعليمي و التربوي"
فهل نصل إلى سياسة تعليمية توفق بين هذين المنحيين؟
ايلي عبدو
×××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
في المستقبل سنعلن عن أسماء جميع المواقع التي تنقل عنا دون ذكر المصدر
ألف
08-أيار-2021
18-تموز-2020 | |
سيسيولوجيا التجمعات الدينية في أن إحياء الأعياد يصنع الرثاثة |
30-آذار-2010 |
22-شباط-2010 | |
أيهم خيربك في "أسطر مالت وانزلق ما أقول" اقتراف المعنى العبثي |
17-شباط-2010 |
03-شباط-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |