لحظةُ العشق الأخيرة
خاص ألف
2010-05-28
لعشرات السنين, كان الماغوط يستريح على كتف قاسيون عندما يتعب ,أما ضاهر العيطة فقد اختار كتف بردى ليقطن بجواره إلى الأبد ,حيث إن أساس منزله يشكِل ضلعاً من أضلاع مجراه الطويل .
لقد تبادلا معاً العنفوان والتعب والرحيل والأمل, يشتركان سوية في الخيبة والهزيمة, ما كان ماضياً أصبح حلماً, والحاضر هو موت مؤجل.
رواية( لحظة العشق الأخيرة) التي صدرت عن دار نينوى للكاتب ضاهر العيطة كشف أخير وليس آخر عن حيوات مجموعة من البشر يشبهوننا تماماً في كل شئ ,لكنهم أكثر صدقاً منا جميعاً بعد أن سردوا لنا خفايا أفكارهم ومكنونات نفوسهم ,لقد كانوا أكثر من حقيقيين عندما باحوا من دون مواربة عن كل ما يجول بخواطرهم على طول صفحات الرواية .
(توقن منار من خلال تجربتها الشخصية أن الحرية لا تجلب لأصحابها سوى القهر والموت والانحدار)إذاً لامناص من العبودية ,أحلام وتطلعات كبرى لتغيير الواقع حملتها شخوص الرواية وفي النهاية تتحول جميعها إلى حمم تريد أن تثأر من أول المعارضين لتلك الأفكار .
منار تريد أن تثأر من السيد المسؤول حميد الذي اغتال حلمها العاطفي والفكري ( مضر) نتيجة عدم انصياعه ليكون تابعاً له عندما كانا طالبين في كلية الفنون الجميلة .
همسة الملاح عندما التقت صدفة بصهيب وعشقته, كان لتلك اللحظة ثمنها الغالي في فقدان عرشها كفنانة مصانة ومحمية من قبل من صنعها السيد حميد .
بالرغم من( اختفاء بائع الشاي عن أبصار طلاب كلية الآداب وتقلص فرص ولادات العشق والغرام ) إلا أن استشهاد واختفاء (يوسف الهيبة ) عن الوجود, أول من تصدى للاستعمار الفرنسي , أرّخ لأسطورة عشق جديدة تعيشها أم يوسف ,لقد أقسم أبوها أنها( أخت رجال ) لذلك زوجها إلى شهيد ,وأقام لها عرساً ,وحسبي أن الكاتب أراد تكريم كل من قضوا في الدفاع عن الوطن ,فتابع رسم حياتهم كما لوأنهم أحياء .
تبدل الزمن ,مات أبوها وأصبحت أسيرة ذلك الخيار , تُحاكي شبقها وأنوثتها في عتمة الليل ,كم من المرات أزاحت أكليل العروس عن وجهها ,تتخيله أمامها وقد هاجت بها غريزة الأنثى التي انتظرت طويلاً بينلوبها الغائب والذي لن يعود ابدأ .
هذه الرواية عصية على التصنيف ,هي مزيج من المسرح والسينما والأدب ,بالرغم من أنها باكورة أعمال الكاتب الروائية إلا أنها كتبت بحرفية عالية وأدوات تعبير لا تشبه ما قبلها ,وهذا إن دل على شئ فهو يدل على إدراك الكاتب للحظة العشق والقبض عليها , وتسجيلها بكامل بهائها لأن ( القبح يا صهيب بمِد أحيانا من سنين عمرنا ,بينما الجمال بيسلب منا سنين العمر ) هذا ما باحت به منار ذات مرة .
عندما تُشكل الأم مُعادلاً موضوعياً وشماعة أخطاء نحتمي بها في لحظات الفشل فإن (دموع الأم وثيقة تثبت محو كل شئ من ذاكرتنا..الأحبة..الأمكنة, والأزمنة..).
(المدن المغتسلة بدموع الأمهات هي مدن آيلة إلى الزوال ) لأنها تُعبر عن لحظة الفقد التي لا زالت البشرية تمارسه بوحشية,جرّاء استلابها للثروات وتغييبها للإنسان .
عندما يغيب الإنسان, تولد معه كل أحلام الخلاص, يصبح للآلهة مكان تفترشه بعد أن طردت إلى السماء,يبدأ إيقاع جديد من العبث و اللا جدوى .
لحظة العشق الأخيرة ,هي وداع للحقيقة التي حلمنا بها طول الوقت ,ولذلك أصبحنا نشبه بعضنا كثيرا ولم يعد للأنا وجود إلا من خلال الكل المفقود أصلاً .
حسين عيطة
××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف
08-أيار-2021
21-شباط-2011 | |
24-كانون الثاني-2011 | |
07-تشرين الثاني-2010 | |
23-تشرين الأول-2010 | |
16-تشرين الأول-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |