في حقل عبادات شمس عملاقة.
2010-06-01
كان يحلم وكان حلما منعشا ... كان يحلم أن فتاة تقبله ، وجدته فاتنا لا يقاوم فقبلته في فمه , بعدها فتح عينيه وكانت البندقية أول ما رآه ، تتمدد إلى جواره على الفراش .
ماذا أقول لتدرك كم هو شخص عادي؟ تراه في الصباح ماشيا إلى عمله وبعد الظهر عائدا ، تراه في المساء جالسا في المقهى المقابل لشقته _ ما لم تكن ليلة مباراة ما فيهرب _ يقرأ، وبين الحين والآخر يلتفت إلى بلكونته بالدور الثالث كالمتوجس أن يرى نفسه ينظر منها نحوه _ لهذه الدرجة هو وحيد _ تراه حليق الذقن صباح السبت نابتها مساء الخميس.
من الغريب أن تصحو فتجد بندقية قناصة سنايبرفيلد إلى جوارك على الفراش دون أن تدري مصدرها أو حتى اسمها إلا بعد قراءته محفورا عليها ، والأغرب أنها بعد لمسها و حملها و تقليبها و التفكير فيها بطريقة ما بعد غسيل الوجه و فتح الشباك لنور ربنا تبقى حقيقية.
يستند على سور سطوح العمارة وخلفه تنبت الأطباق اللاقطة وتبدو في ليل المدينة غير المظلم كعبادات شمس في كوكب سحري، ينظر إلى المقهى بواسطة تليسكوب السنايبرفيلد يبحث عن المتسول فيراه يطوف بقعة ثقيلة ضخمة من تربيزة لأخرى بهالة الرائحة الكريهة حوله، يرتدي ترنج بني غامق بنقط بنية فاتحة غير منتظمة الشكل على مؤخرته يعرف من قبل أنها خروم يظهر منها جلده ، يسأل الجالسين دون كلل: معاك سيجارة ؟ ، معاك جنيه؟
يلف عدسة التليسكوب فتقترب صورة المتسول حتى يكاد يرى عينيه، يفكر:" (تليسكوب رائع) ، ضغطة واحدة ولن تزعجني رؤيته بعد الآن (هو إنسان) حيوان (مشاعره وأحلامه و أفكاره) خرا (أكون قاتلا؟) أكون. (مشاعري و أحلامي و أفكاري؟) قد أجد في القتل أفكارا عظيمة (ومدحت؟ وعبد الحميد؟) مسعد سيرى الخبرة بركان أفكار هائل (الطلقات يا فالح؟.. لا طلقات)."
كان يحلم ... رأى أباه طفلا ، لم يكن اسمه (سمير) منذ مولده بل كان يسمى فرج وظل فرجا حتى سمع الاسم سمير، بعدها صار لا يستجيب للاسم فرج قط، قال أنا سمير وصمم على ذلك فصار سميرا. كان هذا القرار مذهلا لأمه وإخوانه و أخواته الأطفال في ذلك الوقت وهم الذين تتراوح أسماؤهم بين غنيمة و عيد وعواد ومصلح وسالم وسلامة وسالمة وفريجة و جميعة وقاسم ويعيشون في بيت من شعر الإبل. وأن يقدر سمير الطفل أن يمحو أي ظلال لفرج على حياته شيء مثير للإعجاب وقدرة توحي بمستقبل قيادي أو ثوري أو فني الأمر الذي لا يوجد أي دليل عليه. هو نادرا ما يحلم بأبيه وهي أحلام لا أستطيع وصفها بالمنعشة، كان أبوه في عينيه المغمضتين و حين فتحهما رأى علبة الطلقات على الوسادة.
البندقية قديمة جدا تعلوها بعض البقع البنية ، كأنها صدأ أو دم قديم ، وهناك حفر يدوي غير واضح على كعب البندقية الخشبي ، كأنها الحروف الأولى من اسم و 1942 ، ثانية ينظر بواسطة التليسكوب، هذه المرة الطلقات معه ، علبة الطلقات من الصفيح، تشبه علب البلوبيف احتوت عشرين رصاصة طويلة مكتنزة ذات شكل و صلابة و ثقل توحي بالقوة و بالفتنة، صناعة أمريكية و 1942 كذلك، أخذ مخزن السنايبرفيلد خمس طلقات ، مع وضعه للطلقة الخامسة شعر بتوتر شديد واضطراب في ضربات قلبه، دارت رأسه لثانية و سال نهر حمضي في معدته، بحث عن المتسول الذي طالما ابتز منه السجائر و الجنيهات بقوة القرف فلم يجده، لأول مرة لا يوجد، سيطر عليه شعور ملح كالذي يسبق لحظة القذف، رأى شخصا يجلس إلى تربيزته المفضلة ، شعر أنه الشخص المناسب للقتل ، قرر أن يقتله ، بالأحرى كان الشعور و القرار موجودين بالفعل من قبل، كذلك صارا قيد التنفيذ تلقائيا، فكر أثناء ذلك أنه مراقب كأن أحدا يراه بواسطة تليسكوب قناصة، توجس، و أصبعه في الطريق لإتمام الضغط على الزناد رأى الشخص المناسب للقتل في المقهى ينهض، كاد ذلك يشعره بالارتياح ، أما الطلقة فكانت قد خرجت وأسقطت القتيل المناسب بين كراسي المقهى و سيقان الجالسين.
في دهشة جلس مسندا ظهره إلى سور السطح ، ألقى السنايبرفيلد ووضع يديه فوق تدفق الدماء الغزير من ثقب هائل بأعلى معدته، ظل عقله يبحث عن أية أفكار عظيمة ، وظلت عيناه مفتوحتين على حقل الأطباق اللاقطة العملاقة.
شريف سمير
18/5/2010
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف
08-أيار-2021
25-شباط-2014 | |
16-كانون الأول-2013 | |
08-تشرين الأول-2013 | |
20-آب-2013 | |
28-نيسان-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |